كيف يفكر المثقف العربي¿
–
د. حسن حنفي
هناك سمات غالبة على المثقف العربي في الاجتماعات العامة والمنتديات والمؤتمرات الثقافية تجعلها أحيانا بلا جدوى. وهي ليست نمطا ثابتا وإلا وقعنا فيما يسمى في الأنثروبولوجيا الغربية «العقل العربي» أو « العقل اليهودي» أو «العقل الغربي». وهي مقولات تكشف عن عنصرية دفينة وتقع في تعميمات غير علمية لها أهداف أيديولوجية. هي استعمار من نوع جديد استعمار ثقافي ووضع ثقافة الشعوب المتحررة حديثا في قوالب ثابتة تجعلها باستمرار في حاجة إلى المستعمر القديم صاحب العقل العلمي الموضوعي. هي سمات تكشف عن لحظة تاريخية معينة تمر بها كل الشعوب النامية والمثقفون فيها يكونون نخبة متميزة. عليهم مسؤولية القيادة والتوجيه. قد يستثنى منها البعض الذي يؤثر الصمت والفرجة وملاحظة ما يحدث. ويحول موضوع اللقاء إلى كيفية الحديث عنه. هي ملاحظات فعلية ومشاهد واقعية وليست تأملات نظرية أو افتراضات علمية. كما أنها لا تمثل نقدا للمثقفين بل هي وصف لظاهرة كيف يفكر المثقفون العرب وأنا واحد منهم ينطبق علي ما ينطبق عليهم لا فرق بين قـطر وقـطر. ولا تكون عيبا يجب التخلص منه وعلاجه. بل هي اعتراف بالحالة الراهنة للثقافة العربية حين الممارسة في اللقاءات والمنتديات العامة. ويمكن رصد الملاحظات العشر الآتية:
1- يتحدث المثقف العربي عن نفسه. فهو الأكبر سنا والأكثر خبرة. كل الحاضرين تلاميذه المباشرون أو من خلال قراءة مؤلفاته. وهو ما يسمى في علم النفس التمركز حول الذات. ينسى الموضوع المطلوب تحليله ويتحدث عن الذات ومدى معرفتها الشاملة به. يصبح هو بديلا عن الموضوع كما هو الحال في شخصية البطل على خشبة المسرح أو المسرحية ذات البطل الواحد وتحويل المشاركين كلهم إلى متفرجين. وهو سعيد بذلك. ولولا الملامة لطالب المشاركين بالتصفيق وهو ينظر يمينا ويسارا ليرى أثر خطابه على الزملاء. وينظر أمامه ليرى رد فعل المنصة المسؤولة عن الجلسة على خطابه.
2- يزيح الآخرين إذا ذكره أحد بالإطالة. فهو صاحب الخطاب الأوحد الذي يحمل الحقيقة كلها وعلى الآخرين الاستماع والتعلم. لا يتوقف عن الحديث حتى لو نبهه رئيس الجلسة من على المنصة. فهو المتحدث والرئيس في وقت واحد. وإذا اعترض عليه أحد الحاضرين لإطالة حديثه أو لمضمونه فإنه يستأنف الحديث ليرد على الاعتراض. فحديثه لا يرد. وقد يغادر بعدها ولا ينتظر نهاية الجلسة ويستمع للآخرين بعدة أعذار. فماذا سيضيف الآخرون بعد خطابه الذي حوى كل شيء¿ ويتكرر ذلك في كل لقاء حتى أصبح محترفا للكلام. يعرفه الجمهور ولا يستمع إليه. فالمسرحية لا تـعاد رؤيتها. ويا حبذا لو كان الإعلام حاضرا يصور الحدث ويسجل الخطاب كله أو بعضه حتى يبلغ الحاضر الغائب.
3- يتحدث خارج الموضوع. فليس المهم هو الموضوع بل الحديث. ومهما ذكر بأن حديثه خارج الموضوع بمقاطعة أحد الحاضرين له أو من رئيس الجلسة فإنه يبرر حديثه بأن هناك علاقة