وانتصرت الحكمة اليمانية

عبدالملك السلال

 - 

وإذا انتقلنا إلى التفاصيل فإننا نجد  في الذكرى الثانية للثورة أن هذه الثورة السلمية استطاعت أن تولد من رحم المعاناة لتواجه في واقع الحال مخاضا عسيرا وتحديات جمة أكثرها خطورة محاولة
عبدالملك السلال –

وإذا انتقلنا إلى التفاصيل فإننا نجد في الذكرى الثانية للثورة أن هذه الثورة السلمية استطاعت أن تولد من رحم المعاناة لتواجه في واقع الحال مخاضا عسيرا وتحديات جمة أكثرها خطورة محاولة قوى بعينها سرق وهج هذه الثورة التي انطلقت في اليمن في 11فبراير2011م بتداخل غير منضبط بين مستويات مختلفة من الصراعات بين عناصر النظم القديمة والجديدة وعناصر الثوار المدنية والدينية والاختلالات الأمنية وهو ماجعل تنظيم القاعدة يدخل على خط الصراع ليزيد من المشهد اليمني الراهن أكثر صعوبة وتحديا .. ومع ذلك يضع الشعب اليمني كل ثقته في قوى الجيش والأمن بإعادة الاستقرار إلى البلاد بعد صدور قرارات هيكلته التي من شأنها أن تعمل على توحيد صفوف قواته بحيث يكون ولاؤه في الأول والأخير للوطن وحمايته من الأخطار الداخلية والخارجية ويتبع قيادة واحدة.
وكذلك هناك إشكاليات تطرحها المرحلة الانتقالية ذاتها مثل عملية صياغة الدساتير بين القوى الدينية والقوى المدنية والأوضاع المتصورة للجيوش في نظم ما بعد الثورات و ظهور احتياجات ومطالب فئوية وعامة لا نهائية كما يثار الجدل حول طبيعة العلاقة بين الثورة والتحول الديمقراطي إلى جانب سلبيات موروثة من النظم المنهارة متمثلة في الجهاز البيروقراطي الذي يناهض التغيير ويفتقد روح الإنجاز والفاعلية وقد يفرز نفس نوعية المحسوبيات والفساد وقد يدفع في اتجاه ما يسمى? “?الثورة المضادة?”
وإجمالا فإن كل ما سبق يمثل أشكالا لما يعرف بعجلة التغيير التي بدأت ولن تعود إلى الوراء إلا إذا عادت عقارب الزمن إلى الوراء وذلك المستحيل بحد ذاته والتي تتسبب في امتداد مرحلة التحول بشكل يقوض فعليا من فرص تحقيق التغيير الثوري المنشود.
وقد اثبت اليمنيون أنهم أصحاب الحكمة عندما اجمعوا على مخرج فعال يقي البلاد والعباد أتون حرب طاحنة لاتبقي ولا تذر وتمثل ذلك في المبادرة الخليجية التي تحظى ولازالت بدعم المجتمع الدولي
ويمكن القول إن عجلة التغيير قد قطعت نصف المشوار نحو الإبحار باليمن إلى شاطئ الأمان حيث بدأت عملية هيكلة الجيش بقرارات رئاسية شجاعة وينتظر اليمنيون بفارغ الصبر قرارات مماثلة لإعادة هيكلة وزارة الداخلية وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي تحدد موعده في الثامن من عشر من مارس القادم المتزامن مع ذكرى مذبحة الكرامة إننا كيمانيين قد أجمعنا بأن المخرج الوحيد لليمن يكمن في هذا الخيار الديمقراطي الذي يأتي تتويجا لبنود المبادرة الخليجية والذي سينقلنا من المجهول الذي كان يتربص بنا – خلال فترة الصراع الماضي الأليمة – إلى آفاق المعلوم والتداول السلمي للسلطة وبالتالي تجاوز عنق الزجاجة و فتح صفحة مضيئة في تاريخ يمن أمن ومستقر وموحد – حتى وان كانت – حبلى بالتحديات العديدة في الفترة القادمة غير إن الصخرة التي ستفتت الصعاب والتحديات تعتمد على قوة الاصطفاف الوطني والتضافر الشعبي والرسمي بالالتفاف على إنجاح الحوار الوطني الشامل بعيدا عن المصالح الآنية الضيقة.
إن الثورة السلمية أسقطت كل المشاريع الصغيرة سواء أكانت طائفية أو تشطيرية عندما انطلقت تنشد الثورة المدنية القوية المسيجة بسياج العدل والحرية والمجسدة لمبدأ المواطنة المتساوية بعيدا عن أي اعتبار ومازالت الأعناق مشرأبة لتحقيق تطلعات أبناء كل الشعب اليمني التي تعكسها أهداف الثورة السلمية التي أذهلت العالم بسلميتها وهي سائرة في مواجهة ثقافة التخلف وثقافة المشاريع الصغيرة التي كانت ولا زالت بمثابة الثورة المضادة وإن تعددت أسماؤها.

قد يعجبك ايضا