ما بين جماليات النص الأدبي وأهمية مضمونه

خالد القزحي


خالد القزحي –
النقد الثقافي لا يطمح لتلميع أشخاص أو أشياء بعينها وإنما إظهار قوة النص

جمال لغة النص لا يعني قوته. ليس الغرض من هذا المقال تهميش جماليات اللغة و البديع في النص الأدبي و لكنه يؤكد أن هذا الجمال يجب أن يكون له جوهر في مضمونه . و كل نص يجب أن تكون له رسالة, والرسالة التي يود إيصالها النص إلى المتلقي تعتمد على المخزون اللغوي والفكري و الاجتماعي والنفسي ويمكن القول: الخلفية الثقافية للكاتب, بحيث تساعده بصورة أو بأخرى على إيصال رسالته بصورة تختلف عن بقية الكتاب. وفي نفس الوقت مع الانطلاقات الجديدة للفلسفة ونظريات الإعلام والنقد الأدبي أتى مصطلح موت الكاتب ليعطي المجال بشكل غير مقيد للنص ثم حاليا للقارئ ليتعامل مع النص بنفس المعطيات السابق ذكرها والخاصة به وليس بالكاتب والتي بالتأكيد ستختلف من قارئ لآخر. كانت البدايات الأولى للنقد الأدبي تتمركز في النقد الانطباعي الاسلوبي عن طريق دراسة استخدام اللغة و جماليات صياغتها في النصوص المكتوبة . ولكن ما دامت كتابة النص (من المفترض أن) تعمد لإيصال رسالة معينة إلى المتلقي فهذا يعطينا مجالا أكثر للتفكير في ماهية استخدام تلك الكلمات و الجمل المركبة للنص الأدبي بكافة أشكاله و يمكن النظر لمراحل وضع النظريات النقدية تاريخيا وبشكل موجزكما يلي بعد الانطباعية والاسلوبية اتجه التفكير إلى البنيوية التي تركز أيضا على شكل النص و من ثم سيميائية الرموز والدلالات عن طريق المنهج السيميائي/ السيموطيقي (Semiology) لفك رموز تلك الدلالات و الصور التي يستخدمها الأديب في نصوصه من تشبيهات و مجازات و تناصات مرتبطة عن طريق العقل و المنطق و ربما تم استخدام المنهج التاريخي للبحث عن المراجع المذكورة في النصوص و هنا يمكن أيضا التأكيد مجددا على استخدام المنهج البنيوي التركيبي الذي اعتمد بشكل أكبر على اللغة و بنية النص تاركا مجالا كبيرا للنص الظاهري ليكون (مقدسا) نوعا ما موضحا إمكانيات الانتقاء والقدرة التركيبية للنص و متخصصا في علوم اللغة و الجماليات والصور البلاغية و تصنيف تراكيبها, ولكن بسبب تأثير المجتمع على تفكير الكاتب أثناء الكتابة ظهر المنهج الاجتماعي الذي يعتقد بالتأثير المباشر على تكوين منطلق النص و أسباب إنتاجه كنتاج اجتماعي تفاعلي داخل النص . كان للنقد الــ (بعد استعماري) دورة في ابتكار المنهج التفكيكي الذي من أهم منظريه جاك دريدا الفرنسي الجنسي الجزائري الأصل و كذلك المنهج الما بعد بنيوي لدحض الأدب الاستعماري (بأسلوب تفكيكي) و تفنيده و تم اعتماد هذا المنهج و نظرياته للدخول إلى أعماق النص لتبيين ما وراءه و ارتباطه بسيكولوجية المستعمر عن طريق نظريات علم النفس أولا ليثبت عكس ما يقوله أدب المستعمر من تشريع للاستعمار وأيضا تم استخدامه (و حتى الآن) لغرض إظهار أيدولوجيات وسيكولوجية الأديب بشكل عام في النصوص الأدبية مستخدمين اللغة واستخداماتها في تحليل الخطاب والنسق النصي عن طريق نظريات فلسفية تكاد أن تكون سياسية أكثر منها مختصة بالأدب والإعلام, وهنا تم إشهار الاعتراف بـ(موت الكاتب) الذي أصبح نصه معيارا يحدده القارئ بحسب خلفيته الثقافية وأصبح القارئ يرى المركزية داخل النص الذي أصبح أكثر أهمية من الأديب نفسه أثنا التحليل. تخلل هذه السلسلة الكثير من المناهج الأخرى والنظريات الفلسفية والنفسية والتأويلية والأبستمولوجية وكلها تهدف لتحليل النص الأدبي وكشف مردوده على المجتمع بشكل أكثر أهمية من مجرد المتعة و الترفيه. بمعنى أنه تم انتقال النظر إلى العمل الأدبي كــ(عمل) برؤية ريتشاردز كما يقتبس ذلك الغذامي في كتابة النقد الثقافي أو تتم رؤيته كــ(نص) برؤية رولان بارت أثناء و بعد قراءته لبالزاك وإرتباط قراءته للنص بحسب محيط أكثر من مجرد عمل أدبي وتمت الرؤية للنص كــ(نص) في سياق يتم فهمه من خلاله و جاءت بعد ذلك النظرة الحديثة للنص والذي نظرها ميشيل فوكو حيث نقل النص من حالته الجمالية كنص لوغي إلى (خطاب) يتم فهمه من خلال نسقه واستخدامه وارتباطه بمحيطه المعرف والنظري والتطبيقي بشكل عام بدلا من فهم الجوهر الظاهري أو التاريخي أو الجمالي للنص فقط.
ومن هنا ظهر النقد الثقافي الذي يعطي للنصوص أهمية فعلية ليس بالاعتماد فقط على اللغة المستخدمة و جمال تركيبها ولكن يرى النص كعمل أدبي نصي (مؤسسيinstitutionalized text ) ذي خطاب (discourse) يجب الانتباه إليه مستخدما كافة النظريات الثقافية والتي تربط بين كل ما ورد من نظريات ومناهج والثقافة المحيطة للنص والثقافات الأخرى يتعامل المنهج الثقافي مع النص بكل ما يحيطه من بيئة (كاتب- مجتمع – معرفة – قوة – نفسية و مزاج – طموح …… ولغة و قارئ). لهذا فالنقد الثقافي يتميز عن بقية المناهج بحيادتيه ( بقدر استطاعة الناقد كف

قد يعجبك ايضا