وانظر السلال من فوق السحاب
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش –
{ الله يرحمك يا أحمد الغنامي وماذا أقول عن البابور البدفورد النص وبابور عمي العنترناش الذي لا أزال أتذكر الآية المكتوبة خلف رأسه وبخط شكري شيخ الخطاطين بتعز «ومنú يتقö الله يجúعل له مخúرجا» وبابور صويلح الآرسي الذي أتى به من عدن من مخلفات الإنجليز كان أهلنا يتفاخرون ببوابيرهم مثلما تفاخر الناس أيامها بأثوارهم فمقابل العنتر هناك الثور ذهب والآرسي الثور كحيل.
أيها الإخوة المواطنون نعلمكم أن المشير عبدالله السلال رئيس الجمهورية العربية اليمنية سيصل إلى مطار تعز – كان يومها غرب المدينة عند حذران – فاخرجوا لاستقباله هكذا بلهجة البلاد وما فيش أحد أحسن من أحد قال حسن العديني : لم أحسد أحدا مثلما حسدتك على مادة شارع 26 سبتمبر بتعز ومن نافذة المدرسة الأحمدية نطيل النظر إلى الشارع أنا ورفيق الميز عبدالله حزام وصوت المايكرفون يجلجل بالأصبحي : اخرجوا يا أيها الإخوة المواطنون ونحن نمني أنفسنا بإجازة بكره ونخوف أنفسنا بتلك العقبة القريبة من المطار «يا الله كيف بنجزع منها»!! نشتي نركب فوق كبن البدفورد ونهتف طول الطريق المزدحمة بالبشر : «عاش السلال يا عروبة» أمواج من بشر بعضهم يحمل الأعلام بعضهم يحمل المشاقر بعضهم يحمل مشدته أو شاله وحلمه وأمله والعقبة في المخيلة يا الله كيف بنطلع وننزل حين أنزل تعز الآن وأذهب لمشاهدتها أضحك من قلبي فهي صغيرة جدا كنا نراها بعمرنا الصغير مثل عقبة العذير بين المصلى وعدن والتي كبرها الذهن وحين تراها الآن صغيرة صغيرة لكن على أيام الدوش واللاندروفر كانت مثل سمارة!!
سيارة المصريين تردد للمرشدي : «وانبرى السلال من بين السحاب» ونحن بأعمارنا الغضة المتطلعة إلى مستقبل أفضل نردد وانظر السلال من فوق السحاب!! ومثل طير صغير تظهر طيارة السلال فتشق الهتافات عنان السماء : «عاش السلال» وتظل تحوم وتحوم وتغيب عن أنظارنا عالية هناك في السماء ونفاجأ بها وقد هبطت بمروحيتها داكوتا من القديم يفتح بابها وحماس الناس يكاد يرتفع بها يفتح بابها يظهر السلال رافعا يده المشهورة والبريه المشهور على الطريقة العراقية يجلل الهامة ومن المطار يرتفع صوت «الونان» وحسن العديني يجري مع الحشود ونحن نجري ونجري نبحث عن الأمل القادم قال : هل تذكر عندما لم ألحق البابور ومشيت رجل اشتي ألحق والسلال يخطب¿ وصلت إلى ميدان الشهداء وما عد فيش أحد كملوا أنا حصلت لي مرة ظللت أبكي لليوم الثاني!! كنا لا نزال في أول ابتدائي والثورة في نفس الفصل وعاش السلال وجمال على الجبال الصغيرة والبدفورد ضاع من الطريق الذي ضاع هو الآخر عندما كبرنا سنا وتخلفنا عن الأمل الذي كان في النفوس.
في شارع 26 سبتمبر يكون الشارع من الضفة إلى الضفة يضج بالناس وهتافاتهم تدخل تعز عن بكرة أبيها إلى الشارع ترحب بالسلال بالفجر الذي أتى ثم خبا!! وتظل الحوانيت تنشد تغني وانظر السلال من فوق السحاب… ورحم الله أحمد الغنامي ومن أين لنا بمتحف نسحب إليه البدفورد الذي حمل الثورة فوق الكبن والآرسي مغروسا في السبخة القريبة والويلس حق «راس بتان» أين اذا كان متحف تعز نفسها قد ضاع¿ والمدرسة مسحت ودار الضيافة لم يعد يستضيف أحدا وفرن الكدم لم يعد يشبع جائعا وحدها القيادة العربية كمبنى لا يزال صامدا يعمره مفيد وغرفته التجارية والآخر مغلق أو مسكون في الشارع الثاني ينتظرهما أحدهم ليتحولا إلى مجرد ذكرى ودكاكين تؤجر!!
ودمت يا جمال عبدالناصر في الأذهان زعيما عظيما لثورتي يوليو وسبتمبر وأكتوبر.