«أيلول الخلود»
يحىى يحىى السريحى
يحىى يحىى السريحى –
إن الأوضاع المأساوية التي كان يعيشها الآباء والأجداد فقرا وجهلا ومرضا وتخلفا في كل شيء أثناء حكم الإمامة الكهنوتي والاستعمار البغيض شكل الإطار الأساس والإرادة الصلبة للتغيير وقد جسدت ثورة ٨٤٩١م وما سبقها وما لحقها من انتفاضات وهبات فردية وجماهيرية وطنية عفوية تمخض عنها عهد جديد ودولة أعلن يوم ولادتها في السادس والعشرين من سبتمبر ٢٦٩١م لتخرج بعدها من رحم الثورة الأم – سبتمبر – أكتوبر المجيد بيد أن تثبيت دعائم أركان الدولة الوليدة وتغيير شكل الحكم من ملكي فردي استبدادي إلى جمهوري ديمقراطي لم يكن من السهولة بمكان رغم مرور عدة أعوام على قيام الجمهورية إذ كان النظام الإمامي الكهنوتي يلجأ محاولا استرجاع وتثبيت دعائم حكمه بتغذية نشوب الحرب القبلية العاشرية وتسعرها عن طريق أذنابه والموالين له من المرتزقه وفلول الأئمة الحالمين بعودتهم لسدة الحكم مرة أخرى وكان آخر تلك المحاولات البائسة حصار السبعين يوما لصنعاء ٧٦٩١م غير أن الوطنيين الأحرار وبمباركة ومساندة كل الشرفاء من أبناء الشعب اليمني تمكنوا من دحر قوى التخلف والظلام واستطاع الشعب اليمني تنفس الصعداء والخروج من قمقم الرجعية الإمامية والسير في ركب التحول والتقدم سيما وأن عملية التحول الجديد للدولة اليمنية الحديثة ارتبطت بالمجرى العام السائد في تلك الفترة وحركة التحرر الوطنية في كثير من البلدان العربية وما كان لثورة أيلول أن يكتب لها النجاح والخلود ونحتفي اليوم بالشمعة الخمسين من عمرها المديد لو كان القائمون عليها دافعهم المصلحة الشخصية أو الاستئثار بالسلطة غير أن حبهم لمجتمعهم وغيرتهم على وطنهم وأيمانهم بعدالة قضيتهم الوطنية وحقهم المشروع في التخلص من حكم إمامي مستبد ظالم امتد لألف عام جاثما على صدر الارض والإنسان اليمني فكان ثمرة ذلك الإيمان الصادق والعمل الخالص المخلص أن تكلل بنجاح ثورة أيلول وخلودها وأذكر أني سألت والدي رحمة الله وطيب ثراه في الجنة ذات يوم وهو أحد مناضلي الثورة الذي كان له دور سيما في حصار السبعين يوما سألته لماذا لايحصل على راتب شهري كغيره من المناضلين¿ فأجاب وهو الأمي الذي لايقرأ ولا يكتب قائلا أن هناك من المناضلين ممن لايتقاضون راتبا شهريا عددهم كثير وأنا منهم لأيماننا أن ما قمنا به تجاه الوطن والمجتمع هو واحب ديني ووطني والأصل أن من يقوم بذلك الواجب لا ينتظر المقابل والأجر وإلا أصبح أجير!! وقتها أدركت أن والدي رحمه الله وأمثاله ليسوا بأميين وأن منهم دونهم الأميين حقا لأن الرجال العظام وحدهم من يصنعون التحولات التاريخية للشعوب وما إن يخلصوا من واجبهم يتواروا عن الأنظار لتبقى الطفيليات الانتهازية هي العالقة والظاهرة في