الإعلام العربي وأخلاقيات المهنة الصحفية
صولان صالح الصولاني
صولان صالح الصولاني –
> لقد أصبحت هذه الأيام معقدا لكثرة سماعي الفعل »أعتقد« الذي يتكرر بافراط أثناء متابعتي للقنوات الفضائية الاخبارية العربية الواسعة الانتشار التي تأتي المشاهد العربي بالاعتقادات من لم يزود/ حيث تتسابق على ترديد هذا الفعل ألسنة الصحفيين والمحللين السياسيين أثناء تحليلاتهم الصحفية وتغطيتهم للأخبار والأحداث التي شهدتها المنطقة العربية معتقدين أنهم في نهاية المطاف سينالون جائزة السباق بكل جدارة واستحقاق مثلهم في ذلك كمثل المتسابقين في دورة الالعاب الأولمبية التي تشهدها هذه السنة العاصمة البريطانية لندن.
وما أكثر استخدام هذا الفعل »القبيح« في اللقاءات والنقاشات والحوارات الصحفية المباشرة التي تبثها القنوات الاخبارية العربية يوميا فبمجرد ما يبدأ كل من المتحاورين في أية قضية على اختلاف مواقفهم ورؤاهم الاجابة على السؤال الموجه إليه من قبل الصحفي الذي يدير حلقة النقاش بينهم يكون قد أدرج الفعل »أعتقد« ضمن أوراقه التي أعدها للنقاش مسبقا قبل أن تبدأ الحلقة ليستخدمه كسلاح ذي حدين ضمن الافعال والجمل والمصطلحات التي يعتقد من خلالها أنه باستطاعته حشد الدعم والتأييد الشعبي والدولي لموقفه ورأيه وبالتالي إثارة واستفزاز زملائه المتحاورين المخالفين له وذلك بما يتماشى مع الشعار الذي يرفعه إعلامنا العربي المتحضر في وقتنا الراهن المتمثل بـ»لا لتقريب وجهات النظر .. نعم لنفخ الكير« غير آبه لما جاء في المثل الشعبي اليمني الذي يقول »من قارب الكير يحرق وإلا امتلى من غباره«.
وبقدر التسابق المحموم لهذه القنوات العربية الاخبارية الواسعة الانتشار على بث اعتقاداتها التي عادة ما تكون في معظمها اعتقادات خاطئة في المقابل تتسابق شعوبنا ومجتمعاتنا العربية وبنفس الوتيرة على التسمر لساعات طويلة أمام الشاشات التلفزيونية لمشاهدة تقاريرها وتحليلاتها الاخبارية المضحكة والمبكية في آن معا نظرا لبعدها كل البعد عن أخلاقيات المهنة الصحفية المتعارف عليها الحيادية بالنسبة لها إيصال أحد أطراف الصراع أو النزاع في أية قضية من القضايا إلى أعلى قمة مرتفعة وعلى حين غرة »تحيده« من رأسها أي بمعنى تدفعه إلى الهاوية دون أدنى ضمير مهني أو إنساني.. والمصداقية لديها إذا كان الخبر يخدم توجهات القناة وأهداف مموليها فالصدق يتجلى في أنصع صوره من خلال بثها له بالصوت والصورة ويظل البث يطل على المشاهدين منها على مدى 24 ساعة ويكون صالحا للبث والنشر ضمن تقاريرها الاخبارية الاسبوعية والشهرية والمناسباتية في قادم الأيام بغية استفزاز واستهداف معنوي ونفسي وجلب دعم عالمي ودولي لهذا الطرف ضد الطرف الآخر من الأطراف العربية المختلفة والمتنازعة وما أكثرها أما إذا كان الخبر لا يخدم سياستها وأهدافها وأهداف مموليها الفعليين فاخفاؤه من قبلها وعدم التطرق إليه يكون بطرفة عين.
وبرغم أن الفعل القبيح الآنف الذكر ليس لذكره داع أثناء نقل الأخبار العاجلة من مواقع الأحداث إلا أن مراسلي القنوات الاخبارية العرب