نصيحة مجانية.. في تناقض الثورة والسلطة

عارف الدوش


 - الثورة عمل سياسي إرادي جماعي يعبر عن مسار حركة  الناس  في مواجهة السلطة عندما تصبح غير مقبولة ومرفوضة وتبالغ في التعنت ضد الشعب ومطالبه وبالمطلق ليس هناك سلطة إلا وهي ظالمة لأنها منحازة لصالح طبقة ضد أخرى ونادرا ما تكون
عارف الدوش –

الثورة عمل سياسي إرادي جماعي يعبر عن مسار حركة الناس في مواجهة السلطة عندما تصبح غير مقبولة ومرفوضة وتبالغ في التعنت ضد الشعب ومطالبه وبالمطلق ليس هناك سلطة إلا وهي ظالمة لأنها منحازة لصالح طبقة ضد أخرى ونادرا ما تكون هناك سلطة تنحاز لمجموع الجماهير وغالبيتهم وإن وجدت فإنها لا تكون سلطة وإنما تنذر نفسها لخدمة الناس فيغيب عنها صفة التسلط ودائما تعنت السلطة من أي نوع كانت هو ما يؤدي إلى الثورة ضدها وهو ما يجعل اغلبية الناس تخرج الى الشارع عارية الصدور خاوية البطون تهتف بسقوط النظام وسلطته المستبدة الغاشمة ويبرهن الناس على أن قوة الشعب أقوى من أية قوى أخرى مهما بلغت من العدد والتسلح والتعالي وهو ما أثبتته الثورات الشبابية الشعبية العربية بسلميتها أو بعنفها الذي جاء كرد فعل على عنف السلطات والحكام المستبدين.
الثورة الشبابية الشعبية السلمية هي ثورة اجتماعية ووطنية في وقت واحد لكنها مختلفة عن حروب التحرر الوطني التي شهدتها المنطقة العربية في منتصف القرن الماضي لم يفهمها الحكام العرب وأعوانهم ولم تفهمها النخب السياسية والثقافية العربية فمارس الحكام الطغاة ضد الثورات العنف والقتل وعبرت النخب السياسية والثقافية صراحة بقولها أنها فوجئت بالثورات الشبابية السلمية ولم تكن تتوقع نتائجها لكن بكل التوصيفات والتعريفات هي ثورة حقيقية شاركت فيها مختلف أطياف الشعوب وتوحدت فيها مكونات المجتمعات السياسية والإجتماعية والثقافية لأول مرة في التاريخ فألغت الأيديولوجيا أو جنبتها وبهتت دورها ولو لم تتفق معالمها مع مواصفات الثورات الواردة في الكتب المدرسية التي قرأت تفاصيلها النخب السياسية والثقافية العربية لذلك يتجه الكثيرون من النخب السياسية والثقافية العربية المسمرين الى صفحات الكتب والدرس الأكاديمي والبحثي إلى نفي الثورة من وعيهم بسبب عدم تقيدها بما كتب وهذه النخب غالبا تنكر الواقع لأنه لا يتفق مع ما في الكتب وقاعات البحث
هي ثورة شبابية شعبية سلمية دون إيديولوجيا موجهة لكن أيديولوجيتها تحصل بعد أن تتم كثورة وبعد أن يتم تغيير أجهزة الدولة الاستبدادية العسكرية الأمنية والبيروقراطية القديمة تغييرا جذريا وتغيير تلك الأجهزة لا يعني إلغاءها وإحالتها للبطالة بل إعادة تأهيلها لتدخل من جديد في دولة مدنية ديمقراطية حديثة. ولأنها ثورة شعبية سلمية دون إيديولوجيا فإنها تصنع إيديولوجيتها الخاصة بها وتتجاوز التنظيمات والأحزاب والجماعات السياسية في بلدانها التي تخطط وتبني كي تركب موجة الثورة وتفصلها على مقاساتها ولكن من هي القوى التي تستطيع ركوب موجة الثورة الشبابية السلمية¿ هذا أمر يعتمد على ظروف الثورة الشبابية الداخلية والخارجية وتوازنات القوى الداخلية وكيفية التعامل في ما بينها
فقد أخفقت النخب السياسية والمثقفون من اليمين واليسار في فهم الثورات الشبابية الشعبية السلمية العربية لا لأن النخب والمثقفين عاشوا طويلا في عزلة عن شعوبهم بل أيضا لأنهم عاشوا طويلا في عزلة عن العالم فالاستبداد يعزل الوعي إلى أن تتفجر الثورات والثورات يصنعها الناس العاديين البسطاء والذين يكتوون بنيران التهميش وبراكين البطالة وبؤس الاستبداد والتمييز والاضطهاد ويعرف الثوار والثائرات في الساحات والميادين العامة في الدول العربية التي ثارت شعوبها ضد حكامها المستبدين الطغاة وأنظمتهم المدجنة والمهترئة الفاسدة أن كل حاكم عربي سوف يصعب عليه النوم وهو على كرسي الحكم وسيصعب عليه العيش وهو خارج كرسي الحكم سواء كان في المنفى كالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي أو في السجن كالرئيس المصري المخلوع مبارك أو حر طليق في وطنه كالرئيس اليمني المخلوع «علي صالح» أو جالس على كرسي حكم تشتعل كالرئيس السوري بشار الأسد الذي أمعن في قتل شعبه وتدمير بلده أو جالس على كرسي بدأ يهتز كالرئيس السوداني عمر البشير ويعرف الثوار والثائرات في الساحات والميادين العامة أن الحكام العرب وأعوانهم والمنتفعين منهم ومن أنظمتهم ربما سيسرقون الثورات الشبابية كما سرقوا الثورات السابقة التي تفجرت في منتصف القرن الماضي ضد المستبدين الطغاة والمستعمرين المستبدين . لكن الثورة الشبابية السلمية تفجرت وتواصلت خلال أكثر من عام وهي تواصل عاماه الثاني بأساليب جديدة وما علينا إلا أن نفهم الأمر ونحلل الأسباب ونصل إلى استنتاجات.
حتى إشعار آخر سوف يكون صعبا على الدول والنخب الحاكمة ومراكز النفوذ التي تغير جلودها مع كل تغيير يحصل في بلدانها أن تقيد حركة الناس

قد يعجبك ايضا