يوليو.. ووطن جديد
ا.دمنصور النوبي منصور
ا.د/منصور النوبي منصور –
يحل الاحتفال بذكرى ثورة الثالث والعشرين من يوليو هذا العام ومصر قد ارتدت ثوبا جديدا تبدأ به عصر الجمهورية الثانية هذه الثورة التي قادها جمال عبدالناصر لمدة 18 سنة إلى حين وفاته يوم 28 سبتمبر 1970م ولو ظهر جمال عبدالناصر في غير مصر لما استطاع أن يكون عظيما بدوره ولما كانت تجربته بالقيمة نفسها كما شرح ذلك الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابات وأحاديث متعددة فالعنصر الأهم في قيمة تجربة ناصر وهو مكانها أي مصر وهو بما هي عليه مصر من موقع جغرافي يربط آسيا بأفريقيا وشرق العرب بمغربهم كان وما يزال لهذا الموقع من أهمية استراتيجية عسكرية لكل من يريد الهيمنة على عموم المنطقة.
فحملة نابليون بونابرت في الشرق الأوسط كان مدخلها مصر ووجود الاستعمار الانجليزي في المنطقة كان أساسه السيطرة على مصر وقناة السويس ثم كان النفوذ السوفييتي في المنطقة من خلال العلاقة الخاصة مع مصر وهكذا كان زواله أيضا بعدما طرد أنور السادات الخبراء السوفييت وأقام تحالفا استراتيجيا مع أمريكا كانت أولى إفرازاته معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل.
لقد تميزت حقبة ناصر بحالة معاكسة تماما لها هي عليه الآن مصر والمنطقة العربية وكانت التفاعلات السياسية والاجتماعية التي أحدثها ناصر في مصر تترك آثارا كبيرة ليس فقط داخل البلاد العربية بل في عموم آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وكان ذلك يؤدي إلى تعزيز دور ناصر وقيمة تجربته خارج حدود مصر فقوة ناصر كانت في قدرته على تحريك الشارع العربي وفي رجع الصدى لما يقوله ويفعله في كثير من بلدان العالم.
فلقد أدرك جمال عبدالناصر ما كتب عنه كثيرا أيضا الكاتب المصري الراحل جمال حمدان عن عبقرية المكان وما كتبه أيضا المفكر الراحل عصمت سيف الدولة عن دور مصر الريادي في التاريخ القديم والحديث وبأن مصر لا يمكن أن تعيش منعزلة عن محيطها العربي وعما يحدث في جناحي الأمة بالمشرق والمغرب بينما مصر هي في موقع القلب وبأن أمن مصر وتقدمها يرتبطان بالتطورات التي تحدث حولها فالاختلال بتوازن مصر وبدورها يعني اختلالا في توازن الأمة العربية كلها وهذا ما حصل فعلا بعد وفاة ناصر وبعد معاهدة ديفيد.
كذلك فإن ما يشد الاهتمام إلى تجربة ناصر بعد 60 سنة من قيام ثورته هو المضامين الفكرية لرؤية ناصر وسلوكه الشخصي النزيه وطبيعته القيادية وهذه كلها نادرة الآن في ظل أوضاع عربية تسير من سيء إلى أسوأ ومن هيمنة غير مباشرة لإطراف دولية وإقليمية إلى تدخل مباشر في بلدان الأمة بل في احتلال بعضها.
وعليه فإن احتفال مصر هذا العام يشهد بداية جديدة نحو مستقبل مشرق يحمل آمالا عريضة ونرجو الله أن يوفق مصر وشعبها في ظل قيادة السيد الدكتور محمد مرسي والله الموفق والمستعان.
> المستشار الثقافي ومدير المركز الثقافي المصري باليمن
—-