تحاد الأدباء .. وإمارات الطوائف

عبد الكريم المدي


عبد الكريم المدي –
لا يمكن أن يتحقق التقدم والسلام والتسامح والعدالة الإجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية إلا بقيادة النخبة في مختلف الجوانب الفكرية والفلسفية والعلمية والأدبية والفنية ..
ولعل هذا ما ذهب إليه وأكده / الدكتور / قاسم عبده قاسم / , حينما أشار في هذا السياق في إحدى أطروحاته , إلى أن من يقرأ تاريخ الحضارات البشرية ويدرس مراحل صعودها وما ساد فيها من استقرار ورخاء , يـدرك أن فترات الصعود هذه تشهد دائما وجود عدد كبير من المفكرين والكـتاب والعلماء والأدباء والفنانين والسياسيين , الذين يتعاونون معا لدفع عجلة التقدم …!
• قفز إلى ذهني وأنا أقرأ بعض المقالات والأطروحات حول قضايا مختلفة كهذه التي تصدرت حديثي هذا دور ( اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ) فيما تشهده اليمن حاليا من إهتزازات , فمعلوم عن هذه المؤسسة الهامة أنها لعبت خلال فترة الستينات وفترة تأسيسه مطلع السبعينات وصولا إلى العام 1990 م دورا كبيرا واستثنائيا في تاريخ اليمنيين الحديث .. حيث استطاعت هذه المؤسسة النقابية والإبداعية والوحدوية الأولى وفي ظروف بالغة الحساسية والصعوبة والتخلف والتعقيد أن تنير المجتمع اليمني شمالا وجنوبا بالوعي وتـقنع كافة النخب في الشطرين بخيار إعادة تحقيق الوحدة وجعلها هدفا تسابق معظم أبناء المجتمع لتحقيقه .. متخلين – عن قناعة – عن فكرة التجيش في الحدود الشطرية والعمل بمختلف الوسائل على إذكاء الفتن هنا وهناك ..
• لقد نجح ( إتحاد الأدباء والكـتـاب اليمنيين ) ممثلا برواده الأوائل أمثال الجاوي والربادي والشحاري وغيرهم في إزالة البراميل الشطرية أولا من النفوس تمهيدا لإزالتها من نقطة الشريجة وغيرها كمرحلة ثانية . منطلقين في سبيل ذلك من قيم ومواقف وثوابت ومبادئ أخلاقية , وطنية , إبداعية , فكرية , إنسانية عبروا من خلالها عن عميق إيمانهم بوحدة اليمن الأزلية .. ولم يبحثوا قط عن الشهرة والمال على حساب الوطن وتنويره وتوعية أبنائه بل أخلصوا لعمل كل ما من شأنه تقريب وجهات النظر بين أبنائه وإيجاد أسباب التكامل والتعاون واليقظة داخل الإنسان اليمني , سواء كان مثقفا أم سياسيا , عسكريا أم مدنيا , عاملا أم طبيبا , وبالفعل تحقق فيما بعد الهدف الأسمى الذي اعتبر مثلا , وطنيا , انسانيا , قوميا منشود .. وهو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في الـ 22 / مايو / 1990 م .. وليصح القول أن أحدا منا لم يسمع يوما أن رواد إتحاد الأدباء – الذين ارسوا كثيرا من القيم- اختلفوا على الكعك والمصالح أو تسابقوا على المناصب القيادية في الإتحاد أو احتكر أحدهم مثلا , أو طرف منهم وظيفة أو مركزا معينا لأكثر من ( 12 ) سنة على التوالي وصار بيده مفاتيح النعيم والسفريات والصرفيات .
• كما أن رواد الإتحاد لم يسمحوا أيضا لعبث السياسيين كي يفعلوا بإتحادهم ونقابتهم العريقة ما حدث ويحدث بها اليوم من ندوب وكدمات وتصدعات , لأنهم كانوا يدركون بأن طائفة كبيرة من السياسيين , كالملوك , الطغاة الذين حذرنا منهم القرأن الكريم … بأنهم إذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ,, لهذا وإيمانا من الأدباء والكتاب بخطورة السياسيين على مشروع التنوير فقد حذروهم وأكدوا لنا في أكثر من مناسبة بأن معظمهم يفسدون العمل النقابي ويشوهون رسائل التنوير والوحدة والسلام , لأنهم – وليس جميعهم – يؤمنون في الغالب بمصالحهم ولا يعملون إلا من أجل تحقيق مصالحهم الآنية والرخيصة ودفع المجتمع هذا أو ذاك نحو التخلف والتردي الثقافي والتناحر والغيبوبة المعرفية وجعل الناس يعيشون في ظروف صعبة ووفق شروط الجهل والذل والمهانة والتبعية والقبول أيضا في العيش في ظل الإغتصاب للحق والكرامة , وتمجيد البشاعة والجريمة , كما أنهم أيضا لم يساعدوا المثقفين أو يدعوهم كي يبلوروا المبادئ التي ترتكز عليها حركة النهوض والحداثة والوعي .. عكس الأدباء والمفكرين والمتنورين الذين يعملون جاهدين على تخطي واقعهم ومأسسة الدولة المدنية الحديثة على قاعدة الوطن للجميع والتخلص من الجشع والأطماع والكيد السياسي والمؤامرات والإعتراضات الجاهزة .. ورغم أن دور إتحاد الأدباء لم يستمر في أدائه على ذلك النحو وبنفس القوة التي بدأها أو حتى ببعض منها , لكنه ترك أثرا إيجابيا جليا في المجتمع اليمني .. ونقولها بأسف بالغ هنا .. لقد صرنا نسمع بعض الزملاء المبدعين في اتحاد الأدباء ..
من يدعو علانية إلى الإنفصال , في إساءة واضحة للإتحاد وقيم هذه المؤسسة العريقة ..!
• ولتوضيح أقولها صراحة هنا وعن قناعة كبيرة أيضا .. لست في طرحي هذا أحاول الدفاع عن الوحدة أو أكيل التهم لأحد , فالوحدة لها رب يحميها , لكن ما آلمني , كما ألم العديد من زملائي في إتحاد الأدباء وغيرهم في حقل الصحافة

قد يعجبك ايضا