لغز الجثة
كمال بن محمد الريامي
كمال بن محمد الريامي –
مرت سنة منذ شهد مع صديقه المحقق (مازن) أحداث جريمة بشعة غامضة ومازال يتذكر تفاصيل التحقيق المثيرة والخطوات الذكية التي اتبعها صديقه المحقق المشهور (مازن)للكشف عن تفاصيل تلك الحا دثة المروعة التي أقلقت سكان مدينة (هيلان) لبشاعتها المقززة ودمويتها العنيفة وقد أوشك صديقه (مازن) أن يعلن فشله عن كشف غموض تلك الجريمة بعد أربعة أشهر قطعها في مسار التحري والتحقيق وجمع الاستدلالات لولا أنه استطاع أن يمسك بخيط رفيع قاده إلى المجرم الحقيقي!!
واليوم وبعد غياب صديقه المحقق (مازن) نتيجة سفره إلى العاصمة الألمانية (برلين) لأخذ دورات تدريبية في مجال التحقيق والكشف عن الجرائم المعقدة والغامضة وجرائم المحترفين شعر بتوق شديد لمعرفة أحداث جريمة أخرى ليعيش أحداثها وأغوار تفاصيلها ولكن أنى له ذلك في غياب صديقه (مازن) الذي كان يطلعه على الكثير من الجرائم ونتائج تحقيقاتها بل كان يشارك في وضع استناجات وتصورات تساعد في بعض الأحيان على الوصول للفاعل والمجرم الحقيقي.
فقرر أن يكتب رسالة لصديقه مازن عله ينفس عن نفسه بعض الشيء ويزيح عنها ما علق بها من ملل ويخرج من روتين حياته الممل والكسول فجاءت رسالته كالتالي:
صديقي مازن
اشتقت لك كثيرا واشتياقي الأكبر هو لعقليتك العبقرية التي أودت بأعتى المجرمين وأزرت على ذكائهم وقادتهم إلى السجون صاغرين أو إلى حبال المشنقة خائفين.
عزيزي مازن..
بقدر ما أحبك فإن في بعض الأحيان أكرهك لأنك أورثتني الفضول والاحتراز والتشكل مع جميع الناس وأصبحت عاشقا لكل ما له علاقة بعالم الإجرام والمغامرة!
لقد كنت في غفلة من هذا كله لكن أنت من أخرجني من عالمي الوديع الهادئ والمسالم واستدرجني إلى عالم (التحقيقات) والتلصص وجرائم القتل المرعبة ومع ذلك فقد شعرت بسعادة بالغة أونا أتابعك عن قرب في مسار (تحقيقاتك) وتحليلاتك الذكية. التي دائما ما توصلك إلى المجرم الحقيقي ولكن بعد أن أدخلتني إلى عالمك سعريعا سرعان ما أخرجتني منه إلى عالمي الذي أصبح مملا فمتى تعود أيام المغامرات.
كان هذا نص الخطاب الذي أرسله (سلام) لصديقه (مازن) وبعد أسبوع جاءه جواب من (مازن) قال فيه:
صديقي العزيز سلام:
وصلتني رسالتك الطريفة.. وأؤكد أنك أنت الذي أوقعت نفسك في هذا (العالم) فلا تجعلني أبدو كمذنب في حقك.. وبالمناسبة انتظر مفاجأة قريبة..
ومر شهر وسلام في انتظار المفاجأة التي وعده بها صديقه (المحقق مازن) وفي يوم من أيام الصيف الجميلة كانت قرعات هادئة تتوالى على باب منزل سلام وكانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا فتح سلام الباب لكنه لم يجد أحدا وتراجع إلى الوراء مستغربا وقبل أن يغلق الباب لمح (ظرفا) أحمر مرميا على الأرض أخذ الظرف ودلف إلى البيت واتجه إلى مكتبه وسارع في فتح الظرف وما إن فتحه حتى تدحرجت رصاصة من الظرف وأدرك أنها رسالة تهديد وألصق على الرصاصة ورقة كتب فيها:
(لن تنجو بفعلتك وستدفع ثمن جنايتك قريبا وحاول أن تعيش ما تبقى لك من أيام فموعد القصاص اقترب)!
(3)
ظن سلام في البداية أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مزاح من صديق لكن توالي رسائل التهديد دق ناقوس الخطر عنده وأصبح مشدود الأعصاب كثير الترقب وبعد أيام تذكر أن صديقه (مازن) كان قد وعده بمفاجأه وربما كانت هذه الرسالة التي تلقاها هي المفاجأة التي وعده بها (مازن).. فقرر أن يتواصل مع (مازن) ليخبره أن مفاجأته قد انكشفت.
(4)
حاول سلام مرارا التواصل مع صديقه المحقق (مازن) ولكن دون جدوى وبعد أيام علم أن مازن قد غادر ألمانيا منذ أسبوع متوجها إلى هيلان.. انطلق سلام إلى منزل (مازن) للسلام عليه وتهنئته بسلامة الوصول وهناك كانت المفاجأة.. (مازن) غير موجود وما إن وضع أقدامه على أرض الوطن حتى اختفى..
(5)
عاد سلام إلى بيته شارد الذهن مفكرا في أمر صديقه المحقق وسر احتفائه الغريب والمريب وحين وصل إلى بيته باشر بفتح الباب وبعد تجاوزه للباب عثرت رجله بشيئ غريب لم يتبين ماهيته ضغط زر الكهرباء ليتيبين بما تعثرت رجلاه وما إن أنار الكهرباء حتى تسمرت قدماه وجحظت عيناه ويبس الدم في عروقه وهو ينظر إلى جثة أمامه حاول أن يصرخ فلم يستطع أخذ أنفاسا عميقة واقترب من الجثة التي عثرت بها قدماه كانت الجثة لشاب ثلاثيني ممزقة الثياب ملطخة بالدماء آثار التعديب الوحشي بادية عليها حاول سلام التعرف على صاحب الجثة فاقترب خطوات أخرى وانحنى برأسه وعيناه على الجثة وندت صرخة مرعبة من سلام وانهارت قواه وسقط على الأرض وهو يقول: (مازن) (مازن) (مازن).