«فعل الوحدة المستمر»..!
عبدالله حزام
عبدالله حزام
عبدالله حزام
> أعترف أني أكتب هذه المرة عن الوحدة وأنا مكتئب .. لكن ساعدوني وخذوا الأمر من باب المشاركة في السراء والضراء وحين البأس ..أما أسباب الاكتئاب فنعلمها جميعا ونعيدها جملة وتجزئة إلى استمرار الأوضاع الحالية التي تعصف بالوطن وتهددنا جميعا بالزحف على ما تبقى من حياة ..
> يا للهول .. بعد واحد وعشرين عاما على قيام الوحدة نثبت اليوم لبعضنا وللجيران والأباعد (عرب وعجم ) أننا عاجزون عن إصلاح أدمغتنا كي تعمل بالطاقة النظيفة الخالية من رصاص المناطقية والطائفية ومفردات فوق وتحت وشمال وجنوب وشرق وغرب التي ارتفعت نبرتها خلال الفترة الماضية ويحاول البعض إخفاءها على طريقة الحكاية التي تقول :”فلان ركب الفيل وقال لا تبصروني.”!!
> ويدفعني سوء الحال إلى التذكير بمسلمات ست الكل (الوحدة) فمنذ البدء سلمنا أنها ليست مسألة عاطفية نبتغي من ورائها وصلا بليلى فقط ولا هي طموح الجغرافيا التوسعية على حساب الهوية الوطنية الواحدة التي أصبح مراجعتها واجبا من الرحمة كما أنها ليست أنفالا (يتنغنغ ) في كنفها أولي القوة المادية والبأس الشديد ..ويتلظى فيها بنار الحاجة عيال (الخالة) من المستضعفين في الأرض..هذه المسلمات كانت بطاقة عبور عقدي الوحدة إلى بر الأمان رغم زوابع الفناجين والجلبة التي يثيرها البعض باتجاه محاولة قتل فعل الوحدة المستمر وتحويله إلى ماضي ..
> وليس اعتسافا القول أن أصحاب تلك الزوابع الفنجانية هم أصحاب الذنب العظيم لأنهم أكثر من ردد في مدارس وكليات الجنوب قبل الوحدة في طابور الصباح: “لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية “هذه العبارة التي كانت مشعل الثقافة الوحدوية التي ندين لها باستمرار فعل الوحدة إلى الأبد وهي الثقافة التي تعكس هزال وضعف ثقافة الانفصال لدى اليمنيين عبر التاريخ..
> يا أيدي سبأ نبضنا مدى الدهر يمنيا خالصا كنا حتى وبراميل الشريجة منتصبة لا نقفز على يمنيتنا الواحدة التي كانت بطاقتنا التعريفية الأولى.. عبدالفتاح إسماعيل تولى الرئاسة في الجنوب وهو ابن الشمال وقحطان الشعبي تولى الوزارة في الشمال وهو ابن الجنوب.. وهكذا دواليك حتى التوقيع على وثيقة الوحدة وقعها عن الجنوب راشد محمد ثابت وعن الشمال يحيى العرشي وهما من أصول شمالية..ومثل هذا كثير في الوزارات والسفارات فقط براميل الشريجة كانت رمز انفصال الجغرافيا المصطنعة ولا أكثر.
> ولا نقفز على الواقع حين نقول إن الوحدة مصلحة جاءت لتحقيق طموحات وتطلعات المجموع ورافعة إلى حياة سياسية واقتصادية واجتماعية (مائة فل وعشرة) ..كما أنها تطبيق صارم للحكمة العصبوية التي تقول :”في الجريرة تشترك العشيرة”. وما أحوجنا اليوم إلى ذلك..
> والمهم أولا اليوم أن لا نزيد من مسافات البعد عن السيطرة على كل شيء بمافيها بقاء الوحدة ذاتها إذا مااستمر الوضع يتزيا بلبوس الحال الذي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب ..اللبوس الذي يقفز على الثابت ويلعب بالمتغير لصالح (الأنا) التي لا يأتي بعدها إلا الطوفان !!
> والمهم ثانيا وحتى المائة أن لا ينظر بعضنا للوحدة كصنم تمر إذا ما جعنا أكلناه لأن الوحدة أنجزت بديناميكية حضارية وفي إطار كلنا شركاء (وما فيش حد أحسن من حد )لا في الظروف السياسية ولا الاقتصادية وحققتها أيد حضارية نبذت خلفها تركة ثقيلة من الشمولية والاستبداد الفردي وثقافة صراع طورت آلياتها ذاتيا وبما يتناغم وطموحات المحيط الإقليمي والدولي حتى تلك القادمة من “الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس “والتي كانت عناوينها طافحة برفض الآخر وإقصائه وارتداء عمامة الطائفية والمناطقية التي ارتفع منسوبها آنذاك خصما من الهوية الوطنية الجامعة..وهنا ستميز فعل الوحدة الخلاق..الذي كافح فاعلو الإنجاز من أجل تحقيقه صاعدين نحو علياء الوطن وقداسته..لا عليائهم وقداساتهم وبهذا التجرد من الذات تحقق المراد والمقصود.
> واليوم لا أكثرمن مطلب جماعي نخطه على سطر الأزمة الحالية: نقول فيه لكل الأطراف كفى خطبا غير شفافة حتى لا نبقى في تلك الدوامة المكرورة التي تتجلى في مساحة الخوف على الوحدة من عاتيات الزمن وكفوا عن ركوب أدمغتكم والمطالبة بالمنية لأنها منية الوطن ..ولامناص من الحوار لأنه الأمل والمخرج ..
> والواقع بحاجة إلى مراجعة شجاعة لكل مايجري لأن حصاد (تناحة) عقول البعض سيكون مرا والأجدر بنا أن نفكر كيف نبقي على مساحة القبول بالآخر والشراكة الوطنية في دائرة النشاط المستمر كتعاقب الليل والنهار.. هذا للسياسيين ..أما السواد الأعظم فلن يبرح شفاههم النشيد:”وسيبقى نبض قلبي وحدويا “..
وكل عام واليمن في عزة وفخار..