الطفل حامل السلاح!!

عبد الرحمن بجاش


عبد الرحمن بجاش –
عبد الرحمن بجاش
كأن منظر الأسلحة على الأكتاف لم يكفنا فقررنا أن نبحث عن الأكتاف الغضة!! وفي عدن التي لم تلتقط عيون الناس فيها صباح مساء سوى زرقة البحر وبياض سحب السماء تقول قريبتي والقادمون إن الشوارع تعج بالأسلحة الفردية¿ وفي تعز يشن البعض حملة شعواء على محافظها لأنه قرر – ونحن معه – أن يكسر كل آلي تجده الشرطة على أي كتف لكي تعود المدينة إلى سلامها وخضرتها.
أسوأ صورة أن نجد أنفسنا بعد كل هذه السنوات نحمل السلاح وانظر فحتى حمل السكين أدى إلى ذبح أحدهم في «نقم» من الوريد إلى الوريد ويتحول الأمر إلى ثقافة وعلى كل منا أن يحمل سلاحه ويحمي نفسه أو يتباهى به على الأقل!!
خلال سنوات الحرب الـ (15) في لبنان طالما حملت لنا الصور أطفالا يلهون بالأسلحة وأطفالا يقلدون الكبار بلعبهم فتراهم ينقسمون إلى فريقين متحاربين!! وبالأمس فقط وكنت ذاهبا إلى الصحيفة ظللت أتابع ذلك التاكسي الذي كان يقل أما وأطفالها بالتأكيد هي عائلة سائقه لم يشدني منظر السيارة إذ لا يوجد تاكسي في بلادنا يشد النظر إليه!! طفل وقد أخرج لعبته وهي عبارة عن كلاشينكوف من البلاستيك وراح يهدد به المارة على طريقته كان الفرح يبدو على حركاته كلما اقتربت منه شعرت بالحنق الذي ما بعده حنق طفل لم يتعد عمره السابعة يلعب بالسلاح ويكبر بشعور أن ما لهؤلاء إلا هذا هي مصيبة في حد ذاتها قلت في نفسي : ألا لعنة الله على القات واللحظة التي دخل فيها إلى حياتنا!! وماذا أقول عن غياب التربية والتعليم وبالتالي الدولة¿ هل نلعن أنفسنا على هذا الحظ الذي رمى بنا إلى حياة كهذه¿ إذ رحت في المساء أتفرج مليا في وجوه الصغار المرافقين لمنتخبي بولندا واليونان حتى أنني صرخت بدون هدى : يا رب لöم لم تخلقنا نصارى!! أطفال كالورد يلبس كل منهم ما يلبس أفراد المنتخب وبعدهم يرددون نشيد بلادهم يحف بهم جمهور نظيف وخضرة ملعب تزرع السكينة في النفس ونحن لم نر مرة واحدة كذلك التقليد فأطفالنا يلعبون بالأسلحة البلاستيكية وأطفالهم في الحدائق في المسابح في المتاحف!!
لا تزال الغصة في النفس لمنظر ذلك الطفل ولا يزال صوت ذلك السياسي الكبير وقد زرته إلى منزله : ما فيش فائدة ولا تزال جبال مدننا وأولها العاصمة تحيط بها الأسلحة فيكون تصرف ذلك الطفل منطقيا فإذا كان الكبار لم يفهموا بعد فكيف سيفهم هو¿! فأضعف الإيمان أن يتعلم كيف يستخدم السلاح قبل أن يفاجأ بما ليس في الحسبان ولا يزال يرن في أذني صوت ذلك الشاب وهو يتمنطق سلاحه : قعوا دولة نقع مواطنين متى¿ متى¿ متى¿ متى¿ متى¿ متى¿

قد يعجبك ايضا