إعلامنا.. إلى أين¿
جميل مفرح
جميل مفرح
جميل مفرح
بعد تشكيل حكومة الوفاق حصلت جملة من التغيرات الواضحة في توجه الخطاب الإعلامي الرسمي وهذه ربما بإدرة إيجابية حسنة من المفترض أن يترتب عليها نشوء إعلام متنوع مفتوح على كل الآفاق وكل الاتجاهات.. وهو مايزال مأمولا حتى الآن على الرغم ممايلمس من فوضى وارتباك ملحوظ في توجه الخطاب الإعلامي على مستوى أهم وأبرز المنابر الإعلامية سواء المقروءة أو المسموعة أو البصرية الذي يتابع وسائل الإعلام في الوقت الراهن لاتبارحه حالة الاستغراب والاندهاش الاندهاش من جانبين الجانب الأول مساحة الحرية والقبول بالتعددية في الرأي والرأي المقابل وهذا بالطبع أهم ما يحسب إيجابا لهذه الوسائل وللقائمين عليها وقبل ذلك لمركز ومصدر القرار الذي ذهب بالخطاب نحو مزيد من الانفتاح وتعدد الأصوات حد أن اليوم لا تستطيع أن تميز بين الرسمي وغير الرسمي من وسائل الإعلام وخصوصا أهم وأكبر المنابر الإعلامية التي كانت تحسب على الدوام على أنها منبر الصوت الواحد وتوصف بإعلام السلطة.
الذي يلفت الانتباه في آلية وعمل وسائل الإعلام في الفترة الحالية هو أنها تجاوبت مع الضوء الأخضر الذي أعطي لها لتنطلق بإعلامها نحو مختلف الاتجاهات وبدون أية موانع أو محظورات سياسية أو حزبية أو سلطوية ولكنها كانت استجابة مباشرة متحفزة أو مندفعة دون وضع سياسة مدروسة ومحددات وطنية ومهنية واجبة في أي مهنة من المهن فما بالك في مهنة المتاعب التي يبدو أنها بالفعل بدأت في بلادنا مرحلة المتاعب الحقيقية التي تسند إلى الصحافة والإعلام في معظم الأحوال مجازا لاحقيقة عند تقييم الإعلام وأدائه في اليمن.
والذي يدقق مليا في وسائل الإعلام هذه الأيام يجد بالفعل تغيرا واضحا وقويا لكن أين يكمن ويتركز هذا التغير¿ أنه يتحدد فقط في مساحة الحرية والتعدد وانفتاح هذه الوسائل على كل الاتجاهات كما قلت سابقا.. مع ملاحظتي أو رأيي الشخصي أن الإعلام اليمني الرسمي لم يكن بالصورة التي يعكس البعض ويتم التعامل على أساسها في الوقت الراهن من الانغلاق والانكفاء والتسلط والمتابع المقيم بحيادية معقولة سيجد أنه إعلام كان قابلا للانفتاح أكثر واحتواء مختلف الأصوات وكل التوجهات غير أن إسناده إلى الجانب الرسمي والسلطوي وهو إسناد غير منطقي برأيي هو ما جعله في عيون وآراء الكثيرين لسانا خاصا بالسلطة ومؤسساتها فقط.. والدليل على ذلك أننا لو تابعنا مسار هذه الوسائل خلال الخمس أو العشر السنوات الأخيرة سنجد أنها كانت تحتوي وتستقطب الكثير من الأقلام المحسوبة للمعارضة والمستقلة وأن كثيرا مما كان يكتب فيها كان بالقوة الانتقادية والخشونة التي تتبناها المعارضة في وسائلها بل وأبلغ في بعض الأحيان.
مجددا ما أريد أن أوكد عليه هو أن الرأي الصائب والتوجه الوطني القويم القائم على حقائق ومعلومات والهادف إلى المعالجة وانتقاد ما يستحق النقد هو رأي مطلوب اليوم بقوة وكان مطلوبا لولا تراجع الكتاب والصحفيين عن الكتابة في هذه الوسائل للأسباب المذكورة هنا.. ولكن نستدرك هنا أمرا مهما ونقف على حقيقة لابد من الوقوف أمامها وهي: هل كل ما كان ينقص هذه الوسائل الإعلامية: ألا تكون محسوبة على السلطة¿ لا اعتقد لأن الراهن اليوم يحكي غير ذلك لمسنا تغيرا قويا في مستوى الانفتاح والحرية والتعدد بالفعل لكننا حتى اليوم لم نلمس على الإطلاق مهنية حقيقية في أداء هذه الوسائل.. فوسيلة تحولت في توجهها إلى الضد المباشر مائة في المائة في خطابها وتحولت إلى صحيفة معارضة مع عدم لمس أي تغيير في أدائها المهني والصحفي وآخرى يبدو أنها تخلت تماما عن المهنية وتحولت من صحيفة يومية متنوعة إلى منبر للأعمدة الحرة من صفحتها الأولى حتى الأخيرة وأخرى بدأت ملامح المكايدة والانقسام فيها تذهب بها خارج حدود المهنية… وهكذا..
لقد انقادت هذه الوسائل لإغراء التغير من جانب واحد وأهملت جوانب أكثر أهمية وأبلغ حاجة أهملت المرتكز الأساسي القائمة عليه مثلا وهو المهنية فإن الحرية والانفتاح والتعدد والتحول في صيغة ووجهة الخطاب لايمكن على الإطلاق أن يعفي هذه الوسائل أو غيرها من اشتراط المهنية والدقة والتعامل مع الواقع والحدث عبر قنوات وطرق التعامل القانونية والمهنية.. فماذا عسانا سنجني من وسائل فقط حولت وجهتها وتوجهها في صيغة الخطاب فيما تركت باقي حالها كما هو بل وأسوأ مما كان عليه.. باعتقادي ذلك سيؤدي بهذه الوسائل أخيرا إلى الهامش لو خضعت للتقييم الإعلامي والصحفي المتعارف عليه في مختلف انحاء العالم..
وأخيرا.. أقول الحقيقة أن وسائل الإعلام الموجودة على الساحة الإعلامية الوطنية في الوقت الراهن تحتاج إلى وقفة تأمل وتقييم وتقويم حقيقية وأن يراجع قادة العمل الإعلامي في اليمن قوانين ولوائح ومحددات عمل هذه المنابر.. ووضع خطط إعلامية تتماشى مع السياسة ا