تأملات .. الشجرة الحزينة 2-2 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

محمد العريقي

اليمن السعيد أو الخضراء .. هكذا كانوا يطلقون على اليمن, والفضل يعود للون الأخضر الذي يكسي المدرجات الزراعية, والسهول بالأشجار المثمرة, والمزروعات التي تنتج الحبوب والخضر والفواكه, في وقت لم تكن لشجرة القات هذه الحفاوة والمساحة .

كانت الجبال والتلال والهضاب هي مسكن للأشجار والنباتات, وبيئة للطيور .

ورغم حالة الفقر والعزلة التي عاشتها اليمن, كانت البيئة الخضراء هي مصدر الهدوء, والمثابرة, والصبر, والقناعة, والمحبة, والتسامح, ومصدر الإبداع الفطري في الشعر والأهازيج, والحكم والأقوال المنثورة للحكماء الزراعة والمناخ, مثل علي ولد زايد والحميد ابن منصور .

هذه هي الشجرة التي توفر لنا الغذاء, وتريح الأعصاب, وتبهج الروح وتمتع العين, وترسل إيحاءات الإبداع, وتمتص منا النزق والغضب والنكد, وتعزز قوة المناعة الصحية.

واستطيع هنا أن أدعم هذه الخواطر بالنتائج العلمية التي نشرتها دراسة هولنديه مؤخرا  تقول, ان كل زيادة في المساحة الخضراء بنسبة عشرة في المائة يمكن ان تؤجل الشكاوى من أي خلل في الصحة داخل المجتمعات لمدة خمس سنوات .

ودراسة أمريكية توضح ان المرضى الذين تطل نوافذ حجراتهم في المستشفى الذين يقيمون فيه, على مشاهد الطبيعة يتم شفاؤهم بسرعة اكبر عقب الجراحة .

وينقل الأستاذ نبيل زكي الصحفي المصري في مقال له نشر بصحيفة الأخبار المصرية في 19-12-2010 عن مارجريت ليبسكوب – المديرة في البرامج الحضارية في مجلس الأشجار في بريطانيا, أن التأثير المهدى للأشجار من شانه تخفيض سرعة قيادة السيارات .. حيث ان السائقين يتحركون ببطء اكبر عندما يكون هناك شيء ما في محيط رؤيتهم .

وهناك إجماع على أن أي عقار يقع في شارع تصطف الأشجار على طول جانبيه ومحاط بأرض تكسوها الشجيرات يكون أكثر جاذبية, من ذلك الذي يقع على طريق مغطى بالاسمنت, أو ارض قاحلة جدباء, مما يعني ان سعر العقار في المناطق المشجرة يرتفع فيه الثمن بنسبة 15% وهناك أشجار في بريطانيا تقدر تكلفتها بـ78 ألف جنيه استرليني أي ما يقارب (24مليون ريال ).

هكذا يحرصون على الشجرة في بلدان معظم مساحتها خضراء بالأشجار فلماذا لا نعطي هذا الجانب أهميته, ونواجه نقص المياه التي تحتاجها الأشجار من خلال التركيز على حصاد مياه الأمطار عند كل مكان يمكن تجميع مياه المطر فيه أو الاستفادة من المياه المعالجة, وكذا مياه المساجد , إلى غير ذلك من المصادر التي تعظم من كمية المياه .

نحن بحاجة للمساحة الخضراء للتأمين مصادر جديدة للغذاء, ومكافحة الفقر, ولإمتاع العين, وتخفيف التوتر والقلق والنزق والتهور والعصبية ,وباقي الأمراض النفسية والبيئية التي تعبث بأبداننا وعقولنا وأرواحنا .