الملح من أمريكا والثوم من الصين
الدكتور عبدالعزيز المقالح
الدكتور/ عبدالعزيز المقالح
{لا غرابة أن يتوحد الغرب والشرق في أسواقنا المفتوحة على الجهات الأربع وأن تلتقي في هذه الأسواق المتناقضات والأسوأ أن نستورد من السلع ما من حقنا أن نصدره وبكميات هائلة لنغطي به كثيرا من الأسواق الآسيوية والأوروبية كالملح والثوم – مثلا – إذ ليس هناك بلد في العالم يمتلك جبالا من الملح ووديانا لم تكن تزرع سوى الثوم والبصل وغيرها من البقوليات والبصليات التي تشتهر المناطق المرتفعة بزراعتها على مدار شهور العام ولم يكن في حسبان إنسان واحد في هذه البلاد أنه سيأتي وقت عجيب وغريب نستورد فيه الملح والثوم والفلفل والزبيب والفاصوليا والفول وغيرها من الخارج تحت أعذار واهية أو لا أعذار على الإطلاق.
ويقتضي الحديث عن ملح الطعام الإشارة إلى أنه كسلعة ضرورية يحتاج إليها كل بيت ويتساوى في استهلاكها الأغنياء جدا والفقراء جدا قد كانت في قديم الزمان تشكل عملة صعبة وسلعة استراتيجية تتصارع عليها الشعوب وتشن من أجلها الحروب وكان للملح في ذلك الزمان مكانة تفوق مكانة البترول في هذا العصر وإن كان – يومئذ – معدودا في مقدمة المعادن الثمينة وأهم من الذهب والفضة.
ومن حسن حظ بلادنا أنها كانت من أغنى بلدان العالم بهذا المعدن النفيس أو الذي كان نفيسا وما يزال في مقدور بلادنا في الوقت الحاضر أن تنتج أجود أنواع الملح وأن تصدره إلى الشرق والغرب لكن أرض الملح وبلاد جبال الملح تستورده كل عام بالدولارات من الولايات المتحدة واليابان علما أن الدولة الأخيرة تستورد ملح الصليف وتعيد تصديره إلينا في علب أنيقة.
ولعل ما يغيظ المواطنين أن أثرياءنا وتجارنا الكبار يشتغلون بالتوريد ولا يعرفون معنى للتصدير أو حتى يهتمون بتوفير الحد الأدنى من الاكتفاء الوطني في بعض السلع الصغيرة التي تستنـزف من العملات الصعبة ما الوطن أحوج ما يكون إليه.
والذين دخلوا عصر الصناعة في بلادنا اكتفوا حتى الآن بتصنيع الإسفنج ومشمعات البلاستيك التي فاقت مخاطرها كل تصور بعد أن أغرقت القرى والوديان والتصقت بالأرض وتوشك أن تمنعها عن إنتاج المزروعات لعدم تسرب مياه الأمطار أو مياه الآبار إلى التربة التي أصبحت مشبعة بأكياس البلاستيك التي يوزعها تجار التجزئة بسخاء منقطع النظير.
ولا يدري أحد ما الذي يمنع واحدا من التجار أو عددا منهم من إقامة مصنع لتعبئة الملح وإضافة مادة اليود إليه ليصبح مكتمل الفائدة ووفق شروط الجودة العالمية وذلك لمنع استيراد هذه السلعة حماية للمنتج المحلي الذي لن يكون الوحيد المحتاج إلى حماية. وإننا إذ نشكر الدول التي تصدر إلى بلادنا ما هي في غنى عنه وشكرنا لهذه الدول الفاضلة هو لما تبذله من حرص على إغراق أسواقنا بكل ما نريد وما لا نريد دون أن نبذل أي جهد يذكر ويكفينا أن ننام ونمد أيدينا إلى أقرب سوق لنجد كل ما نحتاج إليه متوفرا وبأسعار خيالية وبعملة محلية سريعا ما تتحول إلى عملة صعبة تسافر عبر البنوك أو عبر الحقائب إلى بلدان المنشأ منشأ الملح والثوم على سبيل المثال لا الحصر. ومنذ أيام أقسم لي أحد أساتذة الاقتصاد الوطنيين أن تسعين في المائة مما يباع في البقالات الكبيرة والصغيرة وما تمتلئ به الأسواق يعد من الكماليات غير الضرورية ومما لا حاجة للشعب إليه في الوقت الحاضر على الأقل وحتى يفيض الله علينا ببركاته كما أفاضها على غيرنا من الشعوب القريبة والبعيدة ولكن من يقنع ما يسمى بالمجلس الاقتصادي والوزارات المتخصصة¿! يريم الثقافي ..
مفاجأة سارة :
{ قرأت بإعجاب وتفاؤل كبيرين العدد الأول من «يريم الثقافي» الصادرة عن مجلس يريم الثقافي والاجتماعي وهي كراسة ثقافية تقدم نماذج من القراءات الأدبية والفكرية تكشف عن خامات إبداعية لشباب المدينة البديعة التي تشكل واسطة العقد بين المدن اليمنية في شمال الوطن وجنوبه. وتتمحور افتتاحية العدد الأول التي كتبها رئيس التحرير الأستاذ زيد ضيف الله ملك حول المثقف ودوره ورسالته ومما جاء فيها : «يأتي هذا العدد في وقت يشعر فيه المثقف بأن دوره ينبغي أن لا يكون مختزلا في الكتابة بل يتعداها إلى الفعل الثقافي الخلاق الذي يمارس عبر التوعية والتربية». تأملات شعرية : أقول لكم : إن شعبا بلا هدف وبلا رغبة في الحياة الكريمةö لا يستحق الحياهú. وأقول لكم : إننا قد شبعنا كلاما ولم يبق في صفحة الأرض أو في السماء فراغ تخط عليه النفوس الحزينة كöلúمة «آه»!