تأملات.. رحل الخميسي .. وبقيت أشواقه
محمد عبدالماجد العريقي
محمد عبدالماجد العريقي
محمد عبدالماجد العريقي
{ رحل عنا صاحب القلب النظيف والصدر الواسع والمشاعر الرقيقة والقلم الرشيق الأستاذ والصحفي والكاتب عبدالكريم الخميسي.
عرفت الأستاذ عبدالكريم الخميسي قبل أن أراه كان ذلك أواخر السبعينيات من القرن الماضي من خلال قراءتي لما كان يكتبه في صحيفتي «الثورة» و«26 سبتمبر» فقد تشكلت في ذهني أثناء قراءتي لكتاباته صورة حسية عن شكله واهتماماته فالأستاذ الخميسي تميز في استخدام الكلمات كصور تلتقط منها ما يتجه إلى العقل للتفكير والتمعن في معانيها وما يتجه إلى القلب لتجعل منك كقارئ صديقا له حتى وإن لم تكن قد شاهدته.
عندما التقيته لأول مرة وكان لا يزال يعمل في السلك الدبلوماسي تطابق التكوين التخيلي مع الواقع فهو فعلا شخصية هادئة وديعة صادقة ومصادقة وبشوشة ومنظمة ودائما أنيق الهندام.
تكاملت شخصية الأستاذ عبدالكريم الخميسي الإنسانية مع تجليات فكره المستنير وثقافته الجيدة وبلاغته اللغوية وكل ذلك شكل حبرا لقلمه الرشيق الذي كان ينبض بالحركة والحيوية وهو يتناول مختلف القضايا الأدبية والاجتماعية في كتاباته الصحفية.
أسلوبه الصحفي يركز على الفكرة مباشرة يريد تثبيتها في عقلية ووجدان المتلقي بدون متاعب أو تعرجات وبدون لف أو دوران ليقول : «هذا هو بيت القصيد» وتحت هذا العنوان «بيت القصيد» ناقش الأستاذ الخميسي العديد من القضايا في مجالات مختلفة كان متطلعا ومشتاقا دوما ليمن أفضل وأرغد وعبر عن ذلك في عموده اليومي الذي استمر لفترة طويلة بصحيفة «الثورة» «أشواق الغد» كان يدرك أن الأفضل والأجمل يأتي عبر السلوكيات الصادقة والأعمال المخلصة واقتلاع كل المظاهر والتصرفات المتخلفة والمزعجة والعشوائية والارتجالية.
زاملنا الأستاذ عبدالكريم الخميسي لفترة في مقر مؤسسة الثورة عندما كان رئيسا لتحرير صحيفة «الوحدة» في التسعينيات وعندما اقتصر نشاطه على الكتابة من منزله كنا نلتقي من وقت إلى آخر في شارع 26 سبتمبر حيث يسكن وفي كل لقاء كان الأستاذ الخميسي يبدي انزعاجه من بعض الظواهر المزعجة والعشوائية التي طغت على سلوكيات الأفراد والإهمال والتقصير من بعض الجهات وكان شديد القلق والخوف على الوضع المائي في اليمن وبحكم أنني من المهتمين والمتابعين والمتعاطين إعلاميا لقضايا المياه كان كلما التقيته يمسك بيدي ويقول لي : استمر وكثف الطرح حول المياه فهو التحدي الأبرز لليمن كان يرى الغد الرائع بالإنسان المؤهل المتمدن المتعلم لذلك كان سباقا في المشاركة وحضور الفعاليات الثقافية والأدبية والرياضية ومجاهدا كبيرا ضد القات.
رحم الله الأستاذ عبدالكريم الخميسي وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون.