لن ننساك يا عزيز اليمن 

محمد حسين العيدروس


محمد حسين العيدروس

محمد حسين العيدروس
وان كان للنصر معنى واحد إلا أن نشوة النصر تتسامى من جندي يفوز بالشهادة في معركته الأولى إلى الآخر يفوز بالشهادة في معركة يخسرها الوطن ثم ثالث يفني العمر استبسالا وانتصارا للوطن فيأبى الله إلا أن يأتي به شهيدا مؤيدا بنصره كما هو فضل الله على شهيد الوطن الأستاذ “عبدالعزيز عبدالغني” الذي شاء الله تعالى أن يعزه بالوقوف بين يديه في بيت من بيوته لحظة امتشق الإرهاب شروره ليغلها في صدور المؤمنين الآمنين.
كما تبدو تجارة الموت أمرا سهلا وما أصعب أن نصنع الحياة فالموت يستغرق لحظة لكن الحياة تستغرق عمرا كاملا متخما بالنضال والكفاح والتضحيات والتفاني في الحب والإنجاز .. لذلك أطلق أبناء شعبنا على شهيد الوطن “عبدالعزيز عبدالغني” رحمه الله رحمة الأبرار تسمية “عزيز اليمن” .. فهو أحد حناء حياتنا وعنوان في تاريخنا ورسالة في انسانيتنا فالرجال بما قدموه وليس من فعل عظيم إلا في رجل عظيم.
لقد اعتلى عزيز اليمن سلم المسئولية الوطنية يوم كان اليمن تتقاذفه الخطوب وتتربص بأبنائه أقدار السياسة ولا سبيل لمن يتحمل العبء في أن يغامر ويكافح ويضحي .. وهذا ما فعله الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني فاعتلى سلم المناصب حتى حاز ثقة الرئيس أحمد الغشمي الذي أوكل إليه رئاسة الوزراء وحين تم انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح خلفا للغشمي الذي تم اغتياله فإنه وجد بعبدالعزيز رجلا أمينا على الوطن أصر على إبقاء حكومته نفسها في العهد الجديد ..
عرف عبدالعزيز عبدالغني بأنه سياسي حكيم واسع الثقافة طويل الصبر ومحاور بارع ما لبث أن قاد لجان الوحدة مع الشطر الجنوبي آنذاك فكان من بين أبرز صناع الوحدة اليمنية ممن حفظ لهم التاريخ أدوارهم العظيمة التي فتحت آفاقا كريمة أمام الأجيال اليمنية.
لست بصدد إحصاء أدواره الوطنية فهي لا تحصى لكنني تخطفني المواقف والذكريات إلى تلك المحطات التاريخية العظيمة لأجده حاضرا بفكره الثاقب وعقليته المستنيرة وكياسته المعهودة وآرائه السديدة وحواراته الشفافة والهادئة والعذبة التي لا تضيق بالآخر ولا تعجزها وسيلة وهذا ما عايشته به منذ عام 1990م.
حين رأيت الحشود الشعبية الهائلة تشيع جثمانه الطاهرة إلى مثواه الأخير وقد سجت العيون بالدموع أدركت كم كان وفيا هذا الرجل لأبناء شعبه ليبادلونه اليوم الوفاء بالوفاء.. وتأكدت من فداحة خسارة الوطن لعملاق وطني شريف مثله يحترف صناعة الحياة الكريمة والعزيزة وفن التضحية في سبيل الآخرين.
عندما يقود أوطاننا هامات وطنية مخلصة ومعطاءة ووفية لشعبها فلا شك أن المتربصين بالوطن والطامعين للكراسي بطرق غير ديمقراطية سوف لا يجدون سبيلا لبلوغ مرادهم غير العنف والدماء لأنهم لا يجدون شيئا سواها غير أننا واثقون كل الثقة أن هذا الشعب لن يسلم أمانة المسئولية إلا عبر صناديق الاقتراع وسيختار من يثق فيه بإذن الله تعالى.
لذا أقول أن لا أحد يتخيل أن في هذا العالم من يقايض أطماع الحكم بتفجير وهدم بيوت الله على المصلين وبمجازر بشرية تزهق فيها النفوس التي حرمها الله فحتى قريش لم يجرؤوا على منع دين الله بتلك الوحشية بل كانوا يتربصون بالمسلمين وهم خارجون من المساجد.
تغمد الله روح شهيد اليمن “عبدالعزيز عبدالغني” بفسيح جناته .. فما زال صوته في ذاكرتي وهو يقول: “أحب أن أذكر بأني أديت واجبي في خدمة وطني على خير وجه ولا أريد أن يرتبط إنجاز معين بشخصي لأن كل إنجاز ليس من صنيع شخص واحد وإنما هو من صنع أشخاص كثيرين”.. رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته .. “إنا لله وإنا إليه راجعون”.
 

قد يعجبك ايضا