(رؤية التسامح والتطرف في رواية «مصحف أحمر»للغربي عمران) 

 
 
علي أحمد عبده قاسم
 
 بحثت كثيرا عن الرواية وقت صدورها ونزولها لأيدي بعض الأصدقاء وكنت متلفها كثيرا لقراء النص الروائي بوصف القاص والروائي/ محمد الغربي عمران/ من القلة الذين يتميزون كثيرا بالنص الناضج حقيقة وهو من المهمين في القصة والرواية في المشهد وعند قراءتي للنص قراءة أولى – لا أنكر أني صدمت – فأخذني النص واختلفت مع الرؤية فقلت هذا تنظير يساوي ويوازي مايطرح اليوم من شعارات لاسيما وأنها تميل لجانب دون آخر تظهر طرفا ببروز وآخر بشئ من الضعف وغيرها فأعدت القراءة أكثر مرة حتى تحققت الصداقة والألفة ومن خلال القراءات تبين لي أن النص الروائي الفارق يناقش العنف والتطرف والتسامح وصراع الضعف والقوة والتحول وهذا طرح جريء وقضية نحياها اليوم وكانت صفة لمرحلة.. إعجابي بالنص وصاحبه فإذا المفكر والمبدع يطرح ويناقش قضايا مجتمعه وعصره بهذه الصورة فإن أملنا بالنهوض سيزداد وهجا واتقادا ومن الخطأ أن يقرأ النص الابداعي قراءة سياسية ظاهرية صرفة بما يسئ لزمنه ومقاصده لاسيما إذا كانت القراءة سريعة تحمل النص واقعية حقيقية غير مقاصده ونحن نعلم أن الشخصيات القصصية هي شخصات ورقية لكنها في الوقت نفسه ليست مجازية ولكنها تحقق الواقعية بوصفها تناقش قضية بعينها لتقترب الواقع وإذ كانت رواية «مصحف أحمر» . للغربي عمران/ رواية تاريخية سياسية بامتياز بوصفها تناقش مرحلة زمنية امتدت من «4791 تقريبا: 2891م» وهذه الفترة هي مرحلة الصراع السياسي بين شطري اليمن سابقا والتي تميزت بعدم الثقة ورغبة الأيدلوجيا السياسية فرض رؤيتها عن طريق العنف والقهر ويأتي الانحسار الأيدلوجي والضعف 2891م وكان الزمن بعد هذا الزمن قصيرا مكملا للتغير السياسي بتحقيق الوحدة.
اعتمدت الرواية اسلوب الرسائل والمذكرات وهي الطريقة التي تناسب السرد للماضي والسيرة الذاتية وكانت تحكي سيرة أحداث الوطن وتطرح رؤية التسامح والتعايش والتطرف والأسباب المتمثلة بالعنف والقهر والسيطرة تحت غطاء الشعارات موضحا منهجية التطرف الذي يفضي إلى تطرف مماثل آخذا في ثناياه نتائج التطرف على الفرد والمجتمع والوطن والعالم وفي هذه القراءة سوف أتناول محوري التسامح المتمثل بـ«المصحف وشخصية العطوي» والتطرف المتمثل بالشخصية «تبعه حنظلة مصادره» كما جاء في النص الروائي وأتمنى أن تصل قراءتي للجرأة والمسكوت عنه وهو «السلام والوحدة والاستقرار» وقد تكون قراءتي مجرد قراءة متلق رأى كما يرى غيره جانبا وجانبا وغفل عن جوانب أخرى ولكن تبقى الرواية مفتوحة على القرءات كلها ورسالة الرواية دعوة للمحبة والتعايش والتسامح والقبول بوحدة التعدد والتي هي سمة يمنية متجذرة منذ الأزل وسوف أتناول في هذه القراءة المحاور التالية:
المصحف:
(1) فإذا كانت رمزية «المصحف الأحمر» الذي جاء في الرواية استحضارا للخصائص اليمنية من التاريخ القديم حيث أورد السرد «إنه من أعد محاكمة كل من كان على غير اليهودية وكان «أخدود نجران» ومحرقة من تمسكوا بتعاليم يسوع المسطر في الكتب السماوية من أفكار لذلك حلت لعنة الذكر الواحد على ذريته حتى اليوم» رواية مصحف أحمر ص (02).
وبذلك فإن السرد الذي له مقصدية ورؤية يرغب بتأكيد التسامح خصوصا الديني والأيدلوجي لذلك أورد النص الروائي العلة من الغاية المتوخاة من المصحف لإزالة اللعنة «….إذ تجمعت الكتب السماوية في حروفها الأولى – أخذ أجدادك بالبحث في خزائن الكتب وجمعها في مصحف واحد» ص02 فإذا تقنية السرد تعكس رسالة أن الإنسان ذو فكر متعدد متعايش ومتسامح فكان المصحف ترميزا للفكر اليمني والإنسان والتاريخ حتى يتلاشى العنف والقهر من المجتمع والمعاناة من الناس. «آه» الروح التي تواجه الصعاب بالصلوات واستيعاب العذاب بالتراتيل» (نفسه ص54).
وبهذا يعكس النص الروائي أن التسامح وتعدد الفكر في ظل الوحدة تآلف وسعادة تخلق السعادة من العدم».
وبذلك عكست العمق للرسالة في التسامح باعتبار أن العنف والقهر ليس حلا باعتبار أن التحول والتغير سمة كونية «الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون» «سأخرب الأرض لكني لا أفنيها» وبذلك كان رمزية التسامح والتعايش من خلال «المصحف الأحمر» رغبة في العدالة حتى تتجذر وحدة القبول بكل من المجتمع وأن استمراريته أزمانا يعد شيئا مستحيلا فهذه رسالة للنخبة الفكرية وأن اليمن من أكثر المجتمعات تقبلا للأفكار الأيدلوجية منذ الزمن القديم  حتى اليوم لذلك يصف النص صنعاء «بياض قبابها.. كان في البدء- ولدت يهودية .. ثم خالطتها المسيحية .. لا أحد يجزم ما تخبئ لها الأيام من مسرات» وهذه رسالة فكرية متنوعة وحضارية معروفة وصنعاء استحضار رمزي لليمن كلها باعتبارها حاضنة الفكر اليمني… بأكمله حتى يتحقق الاستقرار والعمل الحضاري الخالد من خلال تآلف وتسامح الناس وقبولهم ببعض

قد يعجبك ايضا