سياسيون تونسيون :

رأى سياسيون تونسيون أن حركة النهضة الإسلامية التي تقود الإئتلاف الحاكم في البلاد عزلت نفسها بمقاطعتها أعمال المؤتمر الوطني للحوار الذي دعا إليه الإتحاد العام التونسي للشغل “أحد أكبر 3 منظمات نقابية في البلاد”.

وانتقد السياسيون بشدة النقاط التي طرحتها حركة النهضة الإسلامية لتبرير مقاطعتها مؤتمر إتحاد الشغل للحوار الوطني الذي شهد مشاركة أكثر من 50 حزبا سياسيا و22 منظمة وجمعية أهلية والعديد من الشخصيات السياسية الوطنية.

وشددوا في المقابل على أهمية الحوار للخروج من المأزق الذي بدأ يلف الوضع في تونس منذرا بكل المخاطر نتيجة تأزم الوضع السياسي وتدهور الوضع الإقتصادي وتفاقم المشاكل الإجتماعية في البلاد.

وقالت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري ليونايتد برس أنترناشونال إن حركة النهضة الإسلامية بمقاطعتها أعمال المؤتمر الوطني للحوار تكون بذلك قد “عزلت نفسها لأنه لا أحد يقف إلى جانب من يرفض الحوار”.

وأعربت في هذا السياق عن إستغرابها من هذه المقاطعة وقالت “إن من يدعو إلى الحوار ويرفع شعار التوافق وضرورة لم الشمل.. من المفروض أن يشارك في الحوار عندما يْدعى إليه”.

وكان المؤتمر الوطني للحوار الذي دعا إلى تنظيمه الإتحاد العام التونسي للشغل شارك في أعماله التي إنتهت قبل يومين الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ورئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي.

وأجمع الرؤساء الثلاثة “المرزوقي وبن جعفر والجبالي” خلال المؤتمر على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية والبحث عن وفاق وطني يعترف بالشرعية ويدعمها ونبذ الخلافات لإنجاح المرحلة الانتقالية.

وقاطعت حركة النهضة الإسلامية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أعمال المؤتمر الوطني للحوار الذي عْقد تحت شعار”الحوار الوطني دعامة للوحدة الوطنية” فيما حضره حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وذلك في خطوة وْصفت بأنها مقدمة لـ”تصدع الإئتلاف”.

وبررت حركة النهضة الإسلامية المقاطعة بالقول إنها ترفض الجلوس على مائدة الحوار مع أطراف تدعو إلى الإنقلاب الشرعية الإنتخابية وأخرى تسعى إلى محاولة إعادة إنتاج الحزب الحاكم سابقاٍ أي التجمع الدستوري الديمقراطي الذي تم حله بأمر قضائي.

غير أن غالبية القوى السياسية رأت أن هذا التبرير “غير مْقنع” باعتبار أنه ليس هناك مِن يدعو إلى الإنقلاب على الشرعية الإنتخابية وكل ما في الأمر أن هناك بعض الأحزاب ترى أن هذه الشرعية التي يْفترض أن تنتهي في 23 تشرين الأول/أكتوبر الجاري “يتعين دعمها بشرعية توافقية”.

وقالت الجريبي إن “من يدعي السعي إلى التوافق الوطني من المفروض أن يفتح الباب أمام كل الفرقاء للحوار وبالتالي الجلوس إلى مائدة الحوار لما فيه المصلحة العليا للوطن بعيدا عن الحسابات والمصالح الحزبية الضيقة”.

وأعربت في هذا السياق عن آسفها لأن “من عانى من الإقصاء والتهميش سابقا نراه اليوم يمارسه بشكل آخر” وذلك في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي.

ولئن دعت مية الجريبي إلى إنتهاج خط الوفاق والتسامح والإحتكام إلى صناديق الإقتراع فإن أحمد إبراهيم الأمين العام لحزب المسار الديمقراطي الإجتماعي شدد على أن تونس اليوم “بحاجة إلى توافق وطني ولا يمكنها أن تواصل الفترة المقبلة أي بعد 23 أكتوبر بالطريقة المتبعة حاليا”.

وقال إبراهيم ليونايتبرس أنترناشونال إنه “يتعين التخلي عن الإستفراد بالرأي والقرار وإستبداله بالتعاون من أجل بلورة أرضية مشتركة من شأنها تعبيد الطريق نحو حلول توافقية تمكن من إنجاح المرحلة الإنتقالية والإنتخابات المقبلة”.

ويشاطر سمير الطيب النائب بالمجلس التأسيسي هذا الرأي حيث قال لوكالة “إن تونس بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى حوار وطني جدي وصريح”.

وأعرب في المقابل عن أسفه من المحاولات التي جرت لإفشال الحوار معتبرا أن الذين قاطعوه “سيندمون” ذلك أنه لا يوجد أي مبرر لهه المقاطعة بإعتبار أن كل حوار وطني يتعين ألا نكبله ونقيده بشروط مسبقة بل أن وضع الشروط هو دليل على الفشل” على تعبيره.

ووصف الطيب موقف حركة النهضة الإسلامية الذي طرحته لتبرير مقاطعتها بـ”المهزلة” وإعتبر أن السبب الأصلي لغياب النهضة “يعود إلى مسألة تحييد وزارات السيادة وهي مسألة مرتبطة بمضمون هذا الحوار ونعلم جميعا أن حركة النهضة ترفض التخلي عن وزارات السيادة”.

وتمحور مؤتمر الحوار الوطني حول إيجاد أرضية للتوافق حول عدد من القضايا السياسية الخلافية منها التمسك بمدنية الدولة وبالنظام الجمهوري الديمقراطي وإحترام حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة والفردية ونبذ العنف والتصدي لظاهرة الإرهاب بالإضافة إلى تحييد الإدارة والمساجد والمؤسسات الإقتصادية والتربوية والجامعية عن كل نشاط حزبي.

كما تمحورت أعمال المؤتمر حول إيجاد أرضية مشتركة للتوافق حول خارطة طريق للمرحلة المقبلة تتضمن تحديد تاريخ الإنتهاء من كتابة الدستور الجديد وطبيعة النظام السياسي الذي سيتم اعتماده في الدستور “رئاسي أو برلماني” وتحديد تاريخ تنظيم الإنتخابات المقبلة الرئاسية منها والتشريعية إلى جانب قانون الانتخابات وعدد من الهيئات الدستورية في مقدمتها هيئة مستقلة تناط بها مهمة الاشراف على الانتخابات.

وبحسب شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد فإن الحوار هو المدخل الأساسي لإخراج تونس من هذه الأزمة السياسية المفتوحة التي تسببت فيها حكومة “الترويكا” التي تقودها حركة النهضة الإسلامية.

ولكنه أعرب في حديثه ليونايتد برس أنترناشونال عن خشيته من أن “بعض الأطراف تتمسك بالكرسي على حساب تونس وتتمسك بمصالحها الحزبية على حساب المصالح الوطنية العليا وتعرض البلاد للخطر بسياسة إنفرادية تقوم على فرض الأمر الواقع” على حد قوله.

وقال إن الجميع ينتظر من تلك الأطراف التي يذكرها بالإسم “الجرأة للإعتراف بأخطائها والوقوف عند حدود الأزمة وكيفية الخروج منها ولكن لسوء الحظ هناك من لم يستوعب ذلك بعد”.

وأيا كانت آراء ومواقف القوى السياسية من مسألة الحوار الوطني التي ما زالت تلقي بظلالها على المشهد السياسي التونسي فإن إجماعا يسود الأوساط السياسية مفاده أن تونس تمر الآن بمرحلة فاصلة لم تعد فيها قادرة على تحمل المزيد من الغموض بشأن خارطة الطريق التي ستْحدد معالم ما تبقى من المرحلة الإنتقالية الثانية على شارفت على الإنتهاء.

المصدر : العرب اونلاين

 

قد يعجبك ايضا