
صقر الصنيدي –
< عبدالله غشيم : الحصار الذي فرض عليهم في حجة زاد اتحادهم وكلفهم الكثير من الشهداء
< مهدي المنتصر : كانوا من الكوادر الإدارية والعمال والتجار قبل أن يصبحوا في الحرس الوطني
❊ .. يشير الاسم إلى معنى عميق وإلى المرحلة التى تعيشها البلاد والرغبة في الخروج من الأسرة إلى الوطن ويبدو واضحا صوت من وجد التسمية وهو يصرخ فرحا « الحرس الوطني « فقد جمع الأهداف كلها في هذا الاسم وكأنه يوجه ضربة عنيفة إلى الماضي البائس الذي سبق ثورة الـ26 من سبتمبر فبعد أن اعتاد الناس تسمية الجيش بالحرس الملكي عليهم الآن رؤية التغيير الحقيقي فلم يعد هناك ملك وأصبح لدينا وطن وحرس يحميه.
وكان الاسم وحده كفيلا باجتذاب الشباب إليه وأن يتركوا مابين أيديهم ليلتحقوا بهذا الحلم الجديد والمختلف وسر الاختلاف هو التنوع الموجود داخل هذا الكيان فقد التحق في صفوفه القادمين من مختلف المناطق خاصة من عدن وتعز والمناطق الأخرى ويعرف المناضل حمود بيدر في إحدى مداخلاته عن الثورة بأنه كان أول قرار اتخذته قيادة الثورة بتشكيل جيش شعبي تحت اسم الحرس الوطني وفتحت فروعه في تعز وصنعاء وقد هب كالبركان أبناء الجنوب فوصلوا إلى تعز وصنعاء في زمن قياسي مؤيدين ومباركين قيام الجمهورية وشكل منهم سرايا الحرس الوطني وتم تسليحهم وإرسالهم مع إخوانهم من أبناء الشمال إلى المناطق الشمالية والغربية في التصدي للهجمة.
صقر الصنيدي
ويكشف عن هذا التنوع أحد الملتحقين بالحرس حينها وهو العميد عبدالله أحمد غشيم بالقول أنه تعرف فى الحرس الوطنى على وجوه اليمن المتعددة من كل المحافظات سواء التى كانت تحت الاحتلال البريطاني أو تحت نفوذ عمال الإمام وكانوا على قدر عال من الثقافة والتعليم.
ويفسر ذلك محمد مهدي المنتصر الذي حاول تقريب الصورة التي كانت عليها عدن يوم أعلنت الثورة في صنعاء وقال أن المتواجدين في عدن اندفعوا فرحين ليعملوا أي شيء لأجل توفير الضمان المناسب لحماية الثورة السبتمبرية أمام المخاطر الموجهة إليها ولم يجدوا أفضل من التطوع للحرس الوطني وكلهم من الكوادر إلادارية ومن المثقفين والعمال بل والتجار.
ويؤكد المنتصر أن حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي كانا يشرفان على الأمر بحماس بالغ من خلال قادته الذين عاشوا حالة طوارئ طيلة فترات التسجيل وكان على رأسهم الأستاذ عبدالله عبدالمجيد الأصنج والأستاذ محمد علي الأسودي لاحقاٍ وزير شؤون الجنوب اليمني الأستاذ محمد سالم باسندوة الأستاذ محمد أحمد شعلان لاحقاٍ نائباٍ لوزير الجنوب في عام 1964م والأستاذ محمد سالم علي عبده وآخرون والشهيد علي حسين القاضي الذي استشهد بعد الدمج في فبراير 1966م والمعروف أنه كان على اتصال مبكر بالوطنيين في القوات العربية للجيش البريطاني ولعب دوراٍ في إمداد الثورة الوليدة بالخرائط الطبوغرافية التي كانت تفتقد إليها بواسطة الأخ المناضل علوي عبدالإله الشاذلي الذي يوصلها بانتظام إلى سعيد الحكيمي رحمه الله والذي كان هو وسعيد محسن يديران مكتب حزب الشعب والمؤتمر العمالي في شمال الوطن. خلال فترة إمداد جبهات القتال ضد فلول الملكية بالرجال قتل الآلاف من المتطوعين بسبب قصر فترة التدريب وعدم تعود المتطوعين على حمل السلاح الرديء.
إذا جميع من لازالوا موجودين أو شهاداتهم توثق لهؤلاء القادمين من المناطق البعيدة كي يكونوا نواة الحرس الوطني الذي حمل على عاتقه حماية المنجز الجديد والكبير وقدم لأجل ذلك الآلاف من أبنائه ثمنا للتحدى والمهمة الجسيمة.
يقول عبدالله غشيم وهو واحد ممن التحقوا مبكرا في صفوف الجيش أن الحصار المفروض على الحرس الوطني في حجة أدى إلى تقديمه للكثير من الضحايا فقد كان سلاح المحاصرين أكثر فعالية ولم يكن لدى الحرس الوطنى غير البندقية المعروفة بالشيكي والشميزر وكانت من الأسلحة التى استخدمت في الحرب العالمية الثانية.
وتشبه قصة التحاق عبدالله بالجيش قصة نشأة الحرس الوطني فكلهما كانا يبحثان عن العالم الجديد جاء غشيم من منطقة آنس في ذمار لايحمل معه غير حلم أن يصبح جنديا يلبي نداء وطنه الخارج من الماضي وحين وصل صنعاء كانت الأمواج مازالت تتلاطم ووفود المجندين تصل من كل مكان لتحمي الثورة المحاطة بالمؤامرات الداخلية والخارجية.
ورغم الإرادة التى لديه إلا أن عمره لم يساعده في الالتحاق بصفوف الحرس الوطني في المحاولة الأولى وبقي منتظرا فرصة للقبول إلى أن وجد أن أحد أبناء منطقته يريد أن يذهب في رحلة ويمكنه أن يحل مكانه حتى يعود فغادر صنعاء متجها نحو حجة ضمن مجموعة يقودها الشيخ حسين عبدالرزاق غشيم والذي يقود مجموعة من المقاتلين المتدربين على الأسلحة وانطلق الجميع للانقاذ – وهناك وجد عبدالله الحرس الوطني الذي يحيطه الأعداء من أماكن مختلفة مستخدمين أسلحة حديثة يمكن إطلاقها من مسافة بعيدة وقد لفت نظره الكلمات التى يتحدث بها أفراد الحرس فهي تشير إلى قناعتهم الراسخة بضرورة الدفاع عن الثورة وبناء وطن ينتمي إلى العصر الذي فيه وليس إلى الماضي القديم.
ما يتذكره غشيم أيضا الحصار المفروض على الحرس والاستبسال الذي قدموه ويقول « الكثير من أفراد الحرس استشهدوا وأصيب منهم إعداد كبيرة أيضا لكنهم ضلوا صامدين ومتحدين ولم يستسلموا لكل تلك الضربات حتى تمكنوا من فك الحصار بمساندة من الجيش الشعبي المناصر لهم «بعدها كما يروي الدكتور ابوبكر القربي في مقال نشرة سابقا أن من فك عنهم الحصار ممن كانوا في الحرس الوطني ذهبوا إلى القاهرة للتدريب وتشكل منهم لواء العروبة و لواء النصر واللذان شكلا نـــواة الجيش اليمني الـحديث.
لقد كان جيشاٍ مكوناٍ ممن يمتلكون رؤية وأهدافاٍ واضحة ولم يكن فقط للمجندين فقد احتضن للكثير من العسكريين القادمين من الجنوب والذين حاربوا إلى جوار إخوانهم من الشمال وصمدوا واستشهد منهم الكثير ويرتب مهدي المنتصر في دراسة تاريخية له قدوم الجنوبيين على مرحلتين الأولى كانت بإشراف المقدم أحمد بن أحمد الكبسي تم توزيع من عبروا إلى الراهدة وماوية وقعطبة والأودية والشعاب إلى المنطقة الشمالية الغربية وأشرف عليهم في البدء الشهيد أحمد بن أحمد الكبسي مع أول دفعة ثم بعد ذلك الشهيد العميد محمد الرعيني وزير الداخلية نائب رئيس الجمهورية لاحقاٍ. وكان هذا المحور يتوزع في المحابشة (بيت العروض الأمان المفتاح ومناطق حجة أول دفعة من هؤلاء المدافعين كانت بقيادة الشيخ سيف مقبل عبدالله والشيخ راجح غالب لبوزة والشيخ عبدالحميد ناجي المحلائي وضمت في صفوفها مئات المقاتلين الشجعان كان منهم على سبيل الذكر الشيخ سعيد صالح سالم بالمناسبة تكرر ويفسر المنتصر ذكره لمصطلح الشيخ بأن الهدف منه التعويض من الرتبة العسكرية لقادة المجموعات ولغرض العلاوة في الراتب والصرف ودعرة بنت سعيد لعضب كانت ضمن هذه المجموعة وهي المجموعة التي طال بقاؤها أكثر من المجموعات اللاحقة وعادت مع سلاحها في نهاية سبتمبر 63م وبداية أكتوبر 1963م.
بعد ذلك تم استبدلها بالمجموعة الثانية بقيادة الأخ محمد حيدرة المقربي الحوشبي وشبر من ردفان والأخ الصوملي من الضالع هذه المجموعة تجهزت من تعز بأوامر مباشرة من اللواء حسن العمري أثناء زيارته تعز في بداية 1964م ومن خلال العقيد محمد مفرح تم ترحيلهم إلى الحديدة ومنها إلى المنطقة الشمالية الغربية ليحلوا محل زملائهم في الدفعة الأولى سبق هذه المجموعة الثانية دفعة صغيرة عبر إب في نهاية أكتوبر 63م ومن ضمن المناضلين الآخرين قائد علي الغزالي.