
استطلاع/ عبدالناصر الهلالي –
آلم.. هنا وهنا.. وهنا.. وصف يكون في الغالب مجافيا◌ٍ لحقيقة المرض الذي يشتكي منه المريض¡ وفي حالة كتلك تتعدد الأمراض وتصرف العلاجات في غير مكانها وتمر السنوات والمريض يتنقل بين الأطباء والمشكلة في الأساس تكمن في وصف المريض خطأ للطبيب عن مرضه¡ هذا ما عانت منه مريضة تنقلت كثيرا بين تعز وصنعاء عسى أن تتخلص من المرض الذي لا تعرف مكانه بالضبط¡ منذ سنوات المريضة لم تترك طبيبا سمعت عنه في تعز إلا وذهبت للعلاج في عيادته ويصرف لها علاجا◌ٍ كالعادة.. تذهب عند طبيب «الكلى لعلاج المعدة» وتذهب عند الأخير لعلاج الكلى وكل مرة على هذا المنوال وبعد أن ضاق أحد الأطباء بوصف المريضة حولها إلى طبيب الأمراض النفسية.. المريضة «نجاة» لا يوجد بها مرض نفسي وإنما تشخيص الطبيب كان خاطئا◌ٍ الأمر الذي جعلها تشك بأمراض نفسية لكن أقاربها فضلوا كفرصة أخيرة أن تذهب إلى أحد أطباء الباطنية في صنعاء وتبين أن عندها قرحة في المعدة¡ قبل أن تذهب إلى الطبيب قال أخوها اجعلي وصفك لمكان المرض دقيقا تعبنا من التشخيص الخاطئ الناتج عن الوصف¡ الخاطئ الكثير من المرضى لا يستطيعون تحديد وصف بعينه لمعاناتهم وفي الغالب يأخذ هذا الوصف عنصر المبالغة والطبيب غير المتمرس يأخذ ذلك الوصف على محمل الجد وعلى أساس ذلك تكون وسائل التشخيص «المختبر¡ الكشافة التلفزيونية» وخلافه وتكون النتيجة سليمة «100%» ويعود المريض مشككا بذلك التشخيص .. أنا مريض .. أنا مريض يا ناس.. هكذا صرخ محمد بعد أن عرف أن نتائج الفحوصات والكشافة التلفزيونية سليمة¡ أين مرضه¿ مما يعاني¿ لا بد أن هناك خطأ في وصف المرض نتج عنه بالضرورة خطأ في التشخيص وبعد أن كانت نتائج وسائل التشخيص الخاصة بالمعدة سليمة ذهب إلى طبيب آخر متخصص بالكلى وبعد إجراء الفحوصات والوسائل التشخيصية الأخرى تبين أن لديه قصورا◌ٍ في وظائف الكلى.
محمد عاش لثلاث سنوات يعاني من المرض قبل أن يعرف المشكلة الأساسية وبعد أن عرف لا زال في طور العلاج والمعاناة.
معظم المرضى الذين لم تكتشف أمراضهم بشكل مبكر من المحافظات حتى هاجر أطباؤها منها إلى صنعاء¡ محافظة تعز مثلا لم يعد فيها أطباء بارعون كما يصفهم المرضى إلا في النادر كثيرا ما يعاني المرضى من هذا الأمر عندما يعجز المريض أو أقرباؤه يكون التفكير في العلاج في صنعاء هو الأقرب للحلول ورغم أن محافظة تعز فيها الكثير من الأطباء المتخصصين في مجالات مختلفة لكنهم فضلوا أن تكون العاصمة هي ملاذهم لممارسة العمل¡ معظم الأطباء أصحاب الكفاءات ومن محافظات عدن تركوا محافظاتهم واستقر بهم العمل في العاصمة صنعاء¡ يتمنى المريض أن يجد في مدينته طبيبا جيدا يستطيع أن يركن إليه في العلاج غير أن هذا لا يوجد¡ الأمر الذي يضطر بالمريض أن يبحث عن مكان آخر فتكون العاصمة بالطبع هي الملاذ للعلاج وفوق هذا تجد العيادات الجيدة ممتلئة بالمرضى ويحتاج المريض لكي يفحصه الطبيب أسبوعين على الأقل وهذا يكلف المرضى الكثير من المصاريف قبل نفقات العلاج.
حتى المستشفيات في أغلبية المحافظات لم يعد أحد يثق بها لأنها بكل بساطة لا تقدم الخدمة الجيدة رغم أن الطبيب صاحب الخبرة والكفاءة الذي تمتلئ عيادته بالمرضى ليس له من الشهرة شيء في المستشفى¡ وكأن الكفاءة لا تظهر إلا في العيادات والمستشفيات الخاصة فقط حيث النقود تنهمر عليه.. الجانب الإنساني يجب أن يوضع جانبا لا مجال ولا مكان للحديث عن هذا.. النقود في المقدمة وخدمة اتبعني إلى العيادة هي المفردة السهلة لكثير من الأطباء الذين يعملون في المستشفيات.
يقول أحد الأطباء. هجرة الأطباء إلى العاصمة سببها طبيعي هو توفر العمل¡ البيئة مناسبة للعمل والعاصمة في الغالب تكون بهذا المستوى من الطب.
ويضيف: أما التشخيص الخاطئ يأتي بسبب المريض ويتحمل المريض جزءا◌ٍ كبيرا◌ٍ من هذا¡ هذا لا يعني أن نعفي الطبيب من المسؤولية.. الطبيب يجب أن يدرك كل التفاصيل ويفرق بين ما هو واقعي في وصف المرض وبين المبالغة التي يعمد إليها المريض.
التشخيص الخاطئ مشكلة يعاني منها المريض والطبيب¡ المريض لأن ذلك يضر بصحته أكثر عندما يستخدم علاجا◌ٍ مختلفا◌ٍ عن طبيعة المرض¡ والطبيب يضر سمعته لأنه لم يصل إلى التشخصيات الصحيحة للمرضى.