خدمات غائبة وإهمال متعمد.. ومبنى غير مهيأ للسكن


الحديدة/تحقيق/ فتحي الطعامي –
33 طفلاٍ يطالبون بمعالجة وضع الدار بطريقة ديمقراطية منذ شهر

منذ ما يقارب الشهر ودار الأيتام بالحديدة مغلق من قبل الطلاب البالغ عددهم (33) والذين يقطنون هذه الدار غير المهيأ للسكن كما يقول الأيتام بفعل الإهمال واللا مسئولية من قبل الجهات المعنية في المحافظة ومكتب الشئون الاجتماعية والتي يتبعها الدار أو من قبل القائمين على إدارة الدار بفعل سوء الإدارة وعدم الاكتراث بوضع هؤلاء الأيتام المزري والمؤلم .. أن لا أحد يتألم من هؤلاء المسئولين للوضع الذي يعيشه الطلاب في دار الأيتام بالحديدة .. أطفال في عمر الزهور أجساد نحيلة وكثيرة المعاناة من الجوع والمرض والتعب والإرهاق .. لا كهرباء لا صحة لا … الخ حول هذا الموضوع أجرت “الثورة” التحقيق التالي:

> يراهم كل من يمر من شارع زايد في الحديدة (وسط المدينة) ويسمع الجميع صراخهم وهتافاتهم التي بحت بها حناجرهم منذ ما يقارب الشهر .. وهم يرددون عباراتهم التي يطالبون من خلالها بحياة كريمة وبتحسين وضعهم .. يرفعون لافتاتهم الكرتونية توزعوا على بوابة الدار وفي منتصف الطريق يحاولون إقناع المارة بعدالة قضيتهم وحقيقية ما يجري داخل الدار من ظلم وتعسف ونهب .. لكن لأن هؤلاء الصبية لا ينتمون إلى تكتل قبلي أو إلى حزب سياسي كبير فإن تلك الأصوات التي ما سأمت منذ شهر لم تلق آذانا صاغية لدى الجهات الرسمية … بل إن الأدهى والمؤلم أن يتم استقدام بعض الأفراد لضربهم لثنيهم عن مواصلة ذلك الإضراب وكأن هؤلاء الطلاب الأيتام الذين يبلغ عددهم 33 طالباٍ ليسوا من أبناء الوطن ولا يحق لهم المطالبة بحقوقهم بل يستكثر عليهم البعض أن يعبروا عن آلامهم وعن واقعهم المزري ..
لقد نسي من يقف ضد الأيتام أو يصادر حقهم أو يتواطئ في ذلك الظلم إنه مشارك في هذا الإثم الكبير ومسئول عن أي مآلات فكرية أو ثقافية لهؤلاء الأيتام تجاه المجتمع مستقبلا نتيجة لهذا الظلم الكبير الواقع عليهم.
اعتصام سلمي
اقتربنا منهم أمام بوابة الدار فوجدناهم ما زالوا مستمرين على إغلاق بوابة الخارجية رافضين دخول المدير والمدرسين المتهمين بالمساهمة في الوضع المتردي للأيتام بدأت عليهم آثار الأمراض والجوع نتيجة انعدام التغذية .. مرددين هتافات منددة بوضع الدار المتدهور في كل المجالات .. يقول هؤلاء الأطفال أنه لا يوجد اهتمام بهم من قبل الدولة وأنهم محرومون من أبسط الحقوق في هذا الدار .. مؤكدين أنهم فضلوا ممارسة حقهم الديمقراطي في التعبير عن وضعهم عبر الاعتصام السلمي أمام بوابة الدار حتى تلتفت إليهم الدولة فهم جزء من هذا المجتمع .. أربعة أيام والأيتام معتصمون أمام بوابة الدار رافضون أي مساومات لدخولهم إلى الدار حتى يتم معالجة الوضع الحالي .. أخذ الأطفال الأيتام بأيدينا وتجولوا بنا داخل الدار حتى نرى وضع الدار ..
تغذية متردية ووجبات بالدود
يقول الأيتام إن الوجبات الغذائية التي يتلقونها في الدار سيئة جدا ناهيك عن أن هذا الأكل يصرف على حساب رجال الخير ويتساءل الأيتام عن دعم الدولة للدار في الجانب الغذائي فكل ما يأكله الطلاب في الدار هو عبارة عن أرز ناشف من النوع الرديء مليء بالحصى هذا على وجبة الغداء أما وجبتي الإفطار والعشاء فهي عبارة عن زبادي من أحد المصانع (تبرع) وروتي .. يحلم الأيتام بأكل يملئ بطونهم .. يحلمون بأكل الدجاج (كما يقولون) أو السمك .. يتحدث إلينا الأيتام من أنهم لم يعرفوا طعم الفواكه إلا في النادر وخلال بعض المناسبات .. هذا هو الوضع الغذائي في الدار لكن الشيء الغريب أو المحزن هو أن يلزم هؤلاء الأطفال بإعداد الأكل وطباخته بنفوسهم لأنه لا يوجد طباخ في الدار .. فهم يتناوبون على طباخة الأرز والإدام (إن وجد) فيوم يزيد الملح أو يكون مذاقه سيئاٍ – كما يقولون بسبب انعدام الخدمة لديهم .. منددين بعدم وجود طباخ لدارهم تعينه الجهة المختصة ليقوم بهذا الدور.
تحدث إلينا أحد الطلاب من أن المسئولين في الدار يستلمون مبالغ مالية من فاعلي الخير ورجال أعمال لتحسين الوضع الغذائي في الدار إلا أن تلك الأموال يكون مصيرها الضياع والهدر في غير ما رصدت له.
حسرة وألم
يسودك شعور بالحسرة والحزن وأنت ترى وجوه هؤلاء الأطفال المليئة بالصنافير بسبب الحر الشديد حتى أن بعضها قد انفجر وتقيح وأصبح يخرج منه الدم .. يصيح بعض الطلاب من الألم ويبكي ربما لأن المسئولين لا يشعرون بألمهم .. أما أجسادهم النحيلة فقد انتشرت فيها تقرحات الحر .. سألناهم لماذا لم يتعالجوا من تلك الصنافير فقالوا إن الدار لا يوجد فيه طبيب ولا صحي يعني بمعالجتهم .. وأنهم يظلون يتألمون من الألم دون أن يتم إسعافهم من قبل الإدارة .. صاح الطالب (ع . م) بالله عليك لو كان واحد من عيالهم فيه زينا كانوا بيتركوه يتألم .. شوف أخي كيف يبكي بسبب هذه الصنافير .. لو كان عندنا فلوس كنا بانروح للمستشفى .. الله … منهم.
أما الكهرباء فحالها مؤلم فالعديد من المراوح والشفافات معطلة ولم يتم صيانتها منذ فترة طويلة.. وهو ما زاد من معاناة الأيتام القاطنين في الدار خاصة في فصل الصيف الحار الذي تعيشه المحافظة هذه الأيام .. هؤلاء الأيتام لا يريدون مكيفات مركزية وإنما يطالبون بإصلاح المراوح والشفافات التي في الدار وتوفير مولد كهربائي يتم الاستفادة منه عند الانقطاعات المتكررة للكهرباء.
يقول الأيتام إنهم لا يستطيعون النزول للحمامات خاصة في فترة المساء بسبب تعطل الشفافات فيها وهو ما يجعل صغار السن منهم يضطرون للتبول على ملابسهم .. الحال أيضا بالنسبة للفرش والوسائد المتهالكة بسبب طول استعمالها من عقد ونيف .. وغيرها من الأشياء التي يعاني منها الأيتام القاطنين في الدار ..
بيان كبير لأطفال صغار
هذا الحال دفع بهؤلاء الأطفال الصغار في السن لممارسة حقهم الدستوري فنفذوا اعتصاما سلميا أمام بوابة الدار ويرفضون دخول الإدارة والمدرسين حتى يتم الاستجابة لمطالبهم من قبل المسئولين .. وأصدر هؤلاء الأيتام بيانا تضمن مجمل مطالبهم منها:
مطالبة الدولة والمسئولين في المحافظة بالالتفات إليهم ورعايتهم كآدميين والارتقاء بالخدمات داخل الدار وبما يشعرهم بخدمات الدولة وبتحملها المسئولية ..
كما طالب الأيتام بمحاسبة المسئولين عن حالة العبث التي تسود الدار خاصة المتعلق منها باختفاء ورشة التدريب التي كانت في الدار .. كما لم ينس الأيتام أن يطالبوا المسئولين في الدولة بتوفير طباخ لهم في الدار وكذا توفير مواد غذائية صالحة للاستعمال – حد تعبيرهم. وناشد الأيتام في بيانهم رجال الأعمال والميسورين لدعم الدار وإصلاح الكهرباء المتهالكة والحمامات التي لم تعد صالحة للاستخدامات.
ويتمنى الأيتام في دار الرعاية الاجتماعية في الحديدة أن يتغير حال الدار أسوة بالتغيير الذي طرأ على الدولة وأن يشعروا بثمرة التغيير للثورة السلمية واقعا في حياتهم ..
هذا هو حال الأيتام في دارهم الحالي الذي يقطنون فيه بسبب أن جار عليهم الزمان وأجبرهم على مفارقة ديارهم بعد مفارقة آبائهم فهل سيلقى هؤلاء الأيتام من يمسح دموعهم ويخفف آلامهم ويسهم في الاهتمام بهم سواء من الدولة أو من الخيريين!!

قد يعجبك ايضا