الفلسطينيون يتطلعون لتشريح رفات عرفات بعد تقرير تسميمه
الثورة نت/متابعات –
أدت شكوك جديدة في ان ياسر عرفات قتل وربما مات مسموما بعنصر البولونيوم المشع الى موافقة السلطة الفلسطينية يوم الاربعاء على استخراج جثة الزعيم الراحل.
وسعت اسرائيل -التي ينظر اليها كثير من العرب على انها المشتبه به الرئيسي وراء المرض الغامض الذي قتل عرفات (75 عاما) عام 2004 – الى النأى بنفسها مرة اخرى عن موت الرجل الذي تزعم جهود الفلسطينيين لاقامة دولة على مدى سنوات من الحرب والسلام.
ورصد معهد سويسري فحص ملابس قدمتها سها أرملة عرفات في إطار برنامج وثائقي انتجته قناة الجزيرة الفضائية ما قال انها مستويات عالية “بشكل مذهل” من عنصر البولونيوم-210 وهي نفس المادة التي تبين انها قتلت جاسوسا روسيا سابقا في لندن عام 2006.
لكنه قال إن الأعراض الواردة في التقارير الطبية للرئيس الراحل لا تتفق مع أعراض هذا العنصر المشع.
وقالت سها عرفات لقناة الجزيرة إنها تريد ان يعرف العالم الحقيقة بشأن “اغتيال ياسر عرفات” دون ان توجه اتهامات مباشرة لكنها اشارت الى أن اسرائيل والولايات المتحدة كانتا تعتبرانه عقبة في طريق السلام.
وهيمنت مزاعم عن وجود امور غير قانونية -وتورط فلسطيني- على مدى فترة طويلة على مشاحنات فصائل فلسطينية. ويتزامن أحدث اكتشاف مع تجدد التوترات داخل حركة فتح التي كان يتزعمها عرفات ويرأسها الان خلفه الرئيس محمود عباس وبين فتح وحماس الحركة الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة.
وقالت الادارة الفلسطينية إنها ستوافق على طلب سها عرفات استخراج رفات زوجها من قبره في رام الله بالضفة الغربية لتشريحها.
وقال نبيل ابو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس “السلطة وكما كانت على الدوام على استعداد كامل للتعاون وتقديم جميع التسهيلات للكشف عن الاسباب الحقيقية التي ادت الى مرض واستشهاد الرئيس الراحل وانه لا يوجد سبب ديني او سياسي يمنع او يحول دون اعادة البحث في هذا الموضوع بما في ذلك فحص رفات الرئيس الراحل من قبل جهة علمية وطبية موثوقة وبناء على طلب وموافقة افراد عائلته.” لكنه لم يحدد موعدا لهذه الخطوة.
وقال صائب عريقات العضو الكبير في منظمة التحرير الفلسطينية لرويترز ان استخراج رفات عرفات يمكن ان يتم بمجرد ان تستكمل الاجراءات الدينية والعائلية.
وأضاف انه يرى ان المسألة لن تتجاوز بضعة أيام. وتابع قائلا انهم بعد ذلك سيكونون على اتصال بالفريق السويسري أو اي فريق آخر يمكن ان يأتي ويستخرج الرفات.
وبعد ان حاصرت اسرائيل عرفات في مقره بالضفة الغربية في رام الله لمدة ثلاث سنوات بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية تدهورت حالة عرفات المريض في اكتوبر تشرين الاول 2004 .
وتجمع أطباء أجانب حول سريره من تونس ومصر والاردن وسط تأكيدات علنية من مساعدي عرفات على مدى الاسبوعين التاليين بأنه لا يعاني سوى من انفلونزا.
لكن عرفات الذي بدا ضعيفا ونحيلا نقل بطائرة الى مستشفى عسكري في فرنسا حيث دخل في غيبوبة وتوفى في 11 نوفمبر تشرين الثاني 2004 .
وفي ذلك الوقت ترددت شائعات متفاوتة عن سبب وفاته بداية من الاصابة بسرطان المعدة أو السم حتى الايدز. وقال أطباء فرنسيون عالجوا عرفات في ايامه الاخيرة انهم لا يمكنهم تحديد سبب الوفاة. ورفض مسؤولون فرنسيون الكشف عن تفاصيل طبيعة مرضه بسبب قوانين الخصوصية.
ونفت اسرائيل اي صلة لها بوفاة عرفات وقال آفي ديختر رئيس جهاز الامن الداخلي (شين بيت) آنذاك في تصريحات يوم الاربعاء إن المسؤولية تقع على عاتق الفلسطينيين.
وقال لراديو الجيش الاسرائيلي “الجثة في ايديهم. إنها في رام الله وكل المفاتيح فعلا في ايديهم.”
وثبت أن البولونيوم الذي يمتص ببطء مع الطعام تسبب في وفاة عميل المخابرات الروسي السابق الكسندر ليتفيننكو ببطء في لندن عام 2006 . والجرعات العالية من عنصر البولونيوم-210 تسبب تلفا لاعضاء الجسم والانسجة. وحاولت بريطانيا دون جدوى ان تتسلم من روسيا مشتبها به كان أحد ضباط الامن السابقين بالكرملين .
وقال راديو الجيش الاسرائيلي ان دس البولونيوم في الطعام هو الوسيلة الوحيدة لقتل شخص ما بهذا السم وسأل ديختر الذي تتولى وكالته المسؤولية كاملة عن مراقبة الفلسطينيين ما اذا كان هذا الامر ممكنا مع عرفات.
ورد ديختر وهو يضحك قائلا “انت توجه الي السؤال كما لو كنت أنا الطاهي الخاص به.”
وواصل حديثه “لا.. كنا نركز على اشياء أكثر خطورة. طعام عرفات لم يكن موضع اهتمامنا. أعتقد انه كان يهم الذين حوله من اجل المحافظة على صحته لانه في الحقيقة كان يعرف انه ليس على مايرام. لكن شين بيت أو دولة اسرائيل لم يكن لهما دخل بطعام عرفات.”
وعندما تم الالحاح عليه بشأن سيناريو التسميم قال ديختر “ياسر عرفات كان له كثير من الاعداء محليا وفي الخارج. لكن دعهم يحققون… الفلسطينيون يعرفون جيدا كيف يحققون فيما يحدث في دارهم. دعهم يحققون ويعرفون.”
ودعا صلاح البردويل المسؤول بحماس الى اجراء تحقيق مشير الى ان فلسطينيين ربما ساعدوا اسرائيل في قتله ووصفهم بالايدي الاثمة التي تعاونت أو سهلت مهمة المحتل في نقل هذه المواد السامة الى جسم عرفات.
وعلق بادي ريجان استاذ الفيزياء النووية بجامعة ساري البريطانية في تقرير قناة الجزيرة بقوله “لا توجد معلومات كافية متاحة لتوضح ما اذا كان عنصر البولونيوم – 210 أو يمكن أن يكون سبب الوفاة.”
وقال ريجان انه يمكن ان تكون هناك تفسيرات أخرى عديدة للقراءات العالية في ملابس عرفات مثل حدوث نشاط اشعاعي بصورة طبيعية. وقال ان كل مثل هذه “المصادر الطبيعية” يجب استبعادها قبل استخلاص ان البولونيوم – 210 كان “سلاح قتل”.
وفي عام 1997 تم ضبط قتلة اسرائيليين وهم يحاولون قتل خالد مشعل القيادي في حماس بالسم في الاردن. ويشتبه في اسرائيل ايضا في قتل محمود المبحوح القيادي بحماس في غرفة فندق بدبي عام 2010 والذي قالت سلطات دولة الامارات انه تم تخديره.
وقالت سها عرفات التي تقيم في مالطا وفرنسا ان تحديد انه كانت هناك مؤامرة لقتل زوجها سيعظم ارثه ويدعم التصميم الفلسطيني في أي مفاوضات في المستقبل مع اسرائيل.
وانهارت محادثات السلام التي كانت تجري برعاية امريكية عام 2010 في نزاع بشأن بناء مستوطنات اسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت سها عرفات دون ان تخوض في تفاصيل ان عرفات كان يريد ان يصل بالفلسطينيين الى دولة فلسطينية ولهذا السبب تخلصوا منه.
ورفض وزير خارجية اسرائيل في عام 2004 سيلفان شالوم في تصريحات في ذلك الوقت فكرة ان بلاده كان لها دور في وفاة عرفات ووصف ذلك بأنه “افتراء وكذب”. لكن اسرائيل هددت في وقت سابق عرفات والقت عليه باللوم في العنف الفلسطيني.
وبعد فقدان 15 شخصا في تفجيرات انتحارية في سبتمبر ايلول 2003 قرر مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر المختص بشؤون الامن “إبعاد” عرفات دون التحدث علانية عن الاجراء المحدد الذي قرر اتخاذه. ونقلت صحيفة اسرائيلية عن ديختر قوله في ذلك الوقت ان قتل عرفات سيكون افضل من نفيه.
من جيفري هيلر ودان وليامز.
(إعداد رفقي فخري للنشرة العربية – تحرير عماد عمر)
القدس (رويترز)