تنمية الموارد الذاتية لليمن السبيل الامثل لتحقيق الاستقرار التمويلي اللازم للتنمية



تظل تنمية الموارد الذاتية لليمن حلما للحكومة و المجتمع اليمني على السواء باعتبارها ان تمت ستكون حلا امثل يمكن البلاد من الاستقرار ماليا ويجنبها عدم الانجرار لفجوات تمويلية يؤدي بها الى براثن الاستدانة من الخارج والوقوع في حبل الديون مرتفعة الفوائد ورغم أن تنمية الموارد الاقتصادية يمكن تحقيقها ان امتلكت اليمن الارادة المخلصة من كافة الاطراف فإن الخبراء والاقتصاديين ينوهون لأهميتها حاليا ومستقبلا ويرون ان اولى الخطوات لتنمية الموارد اليمنية تكمن في مكافحة الفساد واحلال حزمة واسعة من الاجراءات والنظم والبرامج التنفيذية والتعاون الجاد بين كافة الاطراف السياسية والاقتصادية وفقا لأسس قانونية ومبادئ الشفافية لتأمينها وحسن ادارتها وتطبيقها.
استطلاع /أحمد الطيار
مخاوف
في منتصف العام 2010م كشف تقرير حكومي صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي عن تقديرات بتراجع الموارد العامة للدولة إلى 18.4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2015م وذلك من 21.3% في عام 2010م وهو ما عد ناقوس الخطر لمسألة مهمة جدا يجب على الجميع الانتباه لها وتتمثل في ضرورة تنمية الموارد الذاتية لليمن قبل ان تحل الكارثة ونصل الى مستوى عجز كلي عن الوفاء بمتطلبات التشغيل اليومي للدولة وهذا ما دفع الخبراء و الاقتصاديون الى إبداء تخوفهم من تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني تحل سريعا وهذا ما يخشى حدوثه بالفعل العام الحالي 2012م عقب اعلان الحكومة اكثر من مرة ان مواردها المالية لم تتمكن من الوفاء بالالتزامات المفروضة عليها سواء نحو المشروعات التنموية او المستحقات والاجور للموظفين في كافة المحافظات .
الاعتماد على الذات
ويشير الدكتور صلاح الدين المقطري الاستاذ المساعد بقسم الاقتصاد جامعة صنعاء ان بلادنا لن تتمكن من النهوض الاقتصادي الا إذا اعتمدت على مواردها الذاتية واستطاعت ادارتها بشكل علمي يجعلها بعيدة عن أي تقلبات او هزات الوصول الى الموارد المطلوبة للتنمية.
ويقول: إن الاعتماد على الموارد الذاتية في أي بلد مهم جدا لاعتبارات عدة تتعلق بالسيادة الوطنية في المقام الاول وحسن التصرف والتحكم بالقدرات الذاتية المالية وعدم الارتهان للخارج بشتى اقطابه سواء كانت دولاٍ في المحيط الاقليمي او الدولي او منظمات أو شركات ومؤسسات مالية وتجارية .
وضع حساس
وضعنا في اليمن حساس ولهذا يجب على الحكومة الاعتماد في تخطيط وتنفيذ موازنتها النظر الى موارد البلاد الذاتية ومن ثم وضع افضل الانظمة لإدارتها وتنميتها ومن ثم الاعتماد عليها وهذا مهم من عدة جوانب حسب ما يرى الدكتور المقطري لأن موارد البلاد تتصف بأنها دائمة ومتجددة ويمكن التحكم فيها وغير مرتهنة لأي شروط من الخارج فكما هو معروف فإن المنظمات والصناديق الدولية ليست جمعيات خيرية بحيث يمكن التعويل عليها حسابيا ان تهب لتمنحنا ما نحتاجه من تمويلات ولهذا يجب ان نجعل من الاهمية بمكان الاعتماد على موارد اليمن والبدء بعملية النظر اليها بجدية والبحث عنها والحصول عليها سواء كانت موارد تتعلق بالضرائب او الجمارك او غيرها من موارد الثروات الاخرى كالنفط والمعادن والريع وغيرها المستحقة للدولة وفقا للقانون.
الدعم المشروط
الخبير الاقتصادي منصور البشيري يرى أن الدعم الخارجي لليمن مهم لكن الدعم السخي الممكن الحصول عليه من الخارج لن يتأتى مطلقا فلا يمكن لأية دولة الحصول على دعم سخي من أي اطراف دولية مهما كانت الظروف طالما وسياسات واهداف الاطراف الاخرى متعددة ولن يتم الوفاء بها وهذا يعود للطبيعة الاقتصادية للدول والمنظمات المعنية بالمنح والتمويلات الدولية فهي ليست بجمعيات لا تعنى بالربح.
واضاف: لم تستشعر الدول والمنظمات الدولية اهمية دعم اليمن إلا مؤخرا بعد ان اكتشفوا انه وبفعل هجمات الجماعات الارهابية على ارضه يمكن ان تهدد الامن والسلم الدولي وفي هذه الحالة ادركوا ان اليمن يمكن ان يتدهور ويصل الى مراحل انزلاق مثل الصومال لكنهم مع ذلك لا يمكن ان يدعموا اليمن لكي تكون دولة مثل الدول المجاورة او قريبة منها.
مفيدا بأن وصول اليمن الى مرحلة الاستقرار السياسي والاقتصادي لا يمكن ان يأتي من الخارج لأن هذا الاستقرار مرتبط بعوامل اخرى تقتضي التخلص من قضايا الفقر والبطالة والتضخم وهي مشاكل هيكلية باتت تعرف بما يسمى الاختلالات الهيكلية وهي تحتاج لعوامل التنمية الاقتصادية من تغيير بنيان شامل ودفعة قوية ومن استراتيجية ملائمة وهذا لن يتحقق إلا بوجود دعم محلي ذاتي تستطيع من خلاله اعادة هيكلة المجتمع بثقافته وطرق انتاجه بحيث تصل باليمن الى بر الامان.
حزمة
يمثل الاستقرار السياسي والامني إحدى ابرز اولويات تحقيق تنمية الموارد الذاتية لليمن وهذا كفيل بحل معضلة ايجاد الاطمئنان لبيئة الاعمال حسبما يرى الدكتور فضل الشعيبي استاذ الاقتصاد بجامعة الحديدة ومن ثم تتبعها الاجزاء الاخرى ويرى الدكتور الشعيبي أن اليمنيون حاليا يتصفون بأنهم مندفعون نحو العالم الخارجي لمساعدتهم لانهم يحسون ان الآخرين سيجلبون لهم هذا الاستقرار والامن دون ان يشعروا ان الاستقرار لن يتحقق إلا من خلال تكاتفهم وبأيديهم وهذا هو مهمة حكومة الوفاق حسب رأيه.
عدم الافراط بالتفاؤل
عندما عقد مؤتمر أصدقاء اليمن في الرياض الشهر الماضي بدا الشارع اليمني متفائلا حيث بلغ منسوب التفاؤل 90% وفي المقابل بلغ منسوب التشاؤم 10% وكتعليق على تلك النتائج اوضح رئيس مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية والذي نفذ الاستطلاع مرزوق محسن انه يجب على الحكومة ان تعي ان المنح والمساعدات الخارجية لا تستمر الى الابد واعتبارها مؤقتة وغير مضمونة ويجب ان لا تبقى عنصراٍ ثابتاٍ ودائما في الخطط والاستراتيجيات المستقبلية مشددا على ان ضرورة بذل اقصى درجة من الحكمة والكفاءة والفاعلية من قبل الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والمانحين في استيعاب واستغلال تلك المنح والمساعدات للوصول الى مرحلة النمو الذاتي للاقتصاد وأن يكون الاقتصاد قادراٍ على النمو دون المساعدات والمنح الدولية والتفكير المستمر عن السبل الكفيلة بالتخلص من الاعتماد عليها.
ويدعو الاخ مرزوق الحكومة الى العمل بجدية على مكافحة الفساد لأن المبالغ التي حصلت عليها اليمن سابقاٍ لم يتم توظيفها بطرق صحيحة نتيجة للفساد وضرورة توعية الادارة الحكومية بالمفهوم الواسع للتخفيف من الفقر لأنه من اهم اسباب فشل الحكومات السابقة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية واكد على ضرورة تعزيز المشاركة المجتمعية واعطاء دور اكبر للسلطات المحلية في رسم السياسات والخطط التنموية.
قلق
يقول الاقتصاديون أن اليمن بحاجة ماسة لتنفيذ خطة اقتصادية عاجلة لرفع وتائر النمو الاقتصادي وتلافي الخسائر التي مني الاقتصاد الوطني بها خلال العامين الماضيين إثر الأزمة المالية العالمية والاحتجاجات الشاببية وذلك بالتركيز على رفع الموارد العامة للدولة وتحقيق استقرار اقتصادي يكون قادرا على جذب استثمارات جديدة واسعة المجال.
مشيرين إلى أهمية تبني خطة تنموية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية وتنفيذ حزمة من السياسات والإجراءات تغطي جوانب الإيرادات والنفقات وإصلاح إدارة المالية العامة بالإضافة إلى التطبيق الكامل للضريبة العامة على المبيعات وزيادة مساهمتها في الإيرادات العامة وتوسيع القاعدة الضريبية من خلال رفع الضرائب على سلع الكيف.

قد يعجبك ايضا