الندرة الطبيعية .. التلوث .. ضعف البناء المؤسسي .. عدم تفعيل القانون.. ابرز تحديات

كتب/ محمد العريقي –

الندرة الطبيعية .. التلوث .. ضعف البناء المؤسسي .. عدم تفعيل القانون.. ابرز تحديات القطاع المائي

عندما نسمع أي حديث عن المياه ينتاب كل من له احساس بمعاني الحياة والتعايش الجماعي , وندرك اننا امام اهمية عنصر وجودي لاتستقيم مقومات العيش والتعايش بدونه( الماء) .
وقد عايشت هذا الاحساس وانا استمع الى الاطروحات والنقاشات التي تمت في المنتديات الاقليمية للمياه والتي شهدتها عدد من محافظات الجمهورية , ومنها محافظة حضرموت التي نظم في عاصمتها المكلا منتصف شهر مايو الماضي المنتدى الاقليمي للمياه ليضم الى جانب محافظة حضرموت , محافظتي المهرة وشبوة بالاضافة الى جزيرة سقطرى .
لقد قيل في تلك المؤتمرات الكثير من النقاشات والرؤى والمقترحات لمواجهة المشكلة المائية وفق خصوصية كل محافظة , وسيكون لنا تناول لاحق لابرز تلك النقاشات , غير انني سوف اكتفي خلال الحلقات القادمة باستعراض اوراق العمل التي قدمت من المختصين التي تقدم لمحات من المشاهد والتحديات المائية في تلك المحافظات .
وهنا القي الضؤ على ورقة الأخ المهندس عبد الكريم باحكيم مدير الهيئة العامة للموارد المائية فرع حضرموت , والذي تناول فيه لمحة عن الوضع المائي لمحافظات حضرموت , شبوة , المهرة .
كان اجمل ماقدمه المهندس باحكيم بهذا الصدد هو قدرة ربطه بين المعلومات والبيانات الموثقة , وبين الواقع المعايش عن طريق الإشارة لبعض الشواهد الحية , وهذا ما أثار استجابة وتفاعل من قبل المشاركين .
ركزت ورقة باحكيم على عدد من الأساسيات المدعمة بالخرائط والصور والرسوم البيانية .
الهطول المطري لحوض وادي حضرموت وروافده (الأودية الفرعية)
من القضايا التي تطرقت لها ورقة باحكيم استعراض للهطول المطري لحوض وادي حضرموت وروافده , حيث بينت الورقة ان معدلات الهطول المطري السنوي لهضبة حضرموت الشمالية و الروافد المنحدرة منها .. تقدر فيها بما دون 50ملم / سنة . اما وادي حضرموت الرئيسي .. تقدر معدلات الهطول المطري السنوي فيه ب. 60-80 ملم /سنة .
وبالنسبة لهضبة حضرموت الجنوبية و الروافد المنحدرة منها .. تقدر معدلات الهطول المطري السنوي فيها ب150- 200ملم / سنة .
ومعدل الهطول المطري يناهز 54ملم سنويا .. وباستمرارية 3 د قائق الى بضعة ساعات .. و بتردد يتراوح مابين 1 ــــ 16 حالة / مرة في السنة .
ومعدل الهطول المطري السنوي الذي تم قياسه بواسطة شبكة المحطات المطرية التابعة لفرع هيئة الموارد المائية .. في حوض وادي حضرموت و روافده ( الأودية الفرعية ) .. خلال السنوات 2006 م ــــ 2010م بلغ 54 ملم / سنة
التحديات
وتطرق ورقة المهندس باحكيم الى التحديات التي تواجه قطاع المياه بتلك المحافظات وتتمثل في :
[ 1 ] تأمين المياه الصالحة لكافة الاستخدامات ( منزلية زراعية استثمارية … إلخ ) وإستدامتها :ـ
شحة الدراسات المائية بكافة مسمياتها وندرتها , وضعف وتدني الإلتزام بمنهجية ومعايير العمل الخاصة بالشأن المائي عند التعاطي مع موضوع المياه ( تخطيطياٍ وتنفيذاٍ و تشغيلاٍ ) وبالذات ما يخص البحث والتنقيب عن المياه الجوفية .
وتدني الإستفادة من مياه الأمطار والسيول , وتشتت التجمعات السكانية وبالذات الريفية , والزحف العمراني باتجاه مكامن وحقول آبار المياه ,وغياب التخطيط الإقليمي لإستخدامات الأراضي وإغفال الشأن المائي المسبق عند التخطيط العمراني والاستثماري والزراعي … إلخ .
واستنزاف المخزون المائي , وهبوط مناسيب المياه , وإختلال / إنحراف الميزان المائي سلباٍ , وتداخل ( إختراق ) مياه البحر للمياه العذبة في الشريط الساحلي , وتواجد مخزون مائي كبير لمياه مالحة في المناطق الداخلية ( البعيدة عن البحر وغير المرتبطة به ) تزيد ملوحة بعضها عن ملوح مياه البحر , واستخدام مشاريع المياه ومكوناتها لكسب الولاءات ,.ضعف رصد و تدفق البيانات والمعلومات المائية وعدم شموليتها كماٍ ونوعاٍ ومكاناٍ وزمناٍ .
وتشير الورقة الى موضوع البيانات المائية فتقول بهذا الصدد , هناك تضارب و تناقض البيانات المائية في مفاهيمها / مصطلحاتها وفي قيمها رغم محدوديتها , وتعدد مصادر البيانات الواحدة , والتحفظ غير المبرر على البيانات والمعلومات المائية .
[ 2 ] البناء المؤسسي :ـ
وتتطرق الورقة الى التحديات المتعلقة بالبناء المؤسسي , وتلخصها بالآتي:
الضعف الشديد في منظومات وشبكات أجهزة المراقبة والرصد المائية / الهيدرومناخية ( مطرية سيلية بئرية … إلخ
وعدم وجود المرجعيات والوثائق واللوائح المنظمة للفروع / ألوحدات الاداريةالمائية قبل تأسيسها
( الهياكل التنظيمية و اللوائح الإدارية الفنية … إلخ ) .وعدم الوضوح في ماهية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفروع / الوحدات الإدارية المائية من الجهات المختصة في المركز ( وزارة المالية وزارة المياه والبيئة وغيرها ) .
وعدم اعتماد المخصصات المالية الأساسية والحتمية للتشغيل في حالات غير قليلة وخاصة لفروع ألهيئة العامة للموارد المائية ,والإتكال الكبير على مساهمة المانحين في تسيير أنشطة الهيئة العامة للموارد المائية وفروعها وعدم إدراجها في الموازنة الحكومية , والنقص الحاد والمزمن في الكادر بشكل عام والاختصاصيين المباشرين في البحث والتنقيب عن المياه الجوفية بشكل خاص مقارنة بالمهام والأنشطة المطلوب تنفيذها .
[ 3 ] مخاطر التلوثات :ـ
ولم تغفل الورقة تلك التحديات التي تعقد من المشكلة المائية والمتمثلة بمصادر التلوث , فهناك بؤر ومصادر مختلفة للتلوث , ويعيد المهندس باحكيم اسبابها الى عدة عوامل منها :
* التجاهل الشديد والدائم الغير مبرر في الأنشطة النفطية في كافة مراحلها ( المسح والاستكشاف الحفر والاستخراج النقل وغيره ) لمعايير الحفاظ على المياه والبيئة عامة .
* وجود ملوثات الصرف الصحي ( البيارات والمجاري وفي ما حكمها) .
* إستخدام المدخلات الزراعية كالأسمدة والمبيدات الكيميائية الزراعية .
* وجود مخلفات الأنشطة الصناعية ومقالب القمامة .
* قلة ومحدودية وجود شبكات و منظومات الصرف الصحي في الحضر والريف .
[ 4 ] التشريعات / الضوابط القانونية: ـ
اما التحديات التي يراها المهندس باحكيم في الجانب القانوني فيراها من خلال :
الإختلال والتناقض في بعض مواد قانون المياه مع الأهداف الأساسية التي أتى من أجلها القانون وجوهره .
عدم الوضوح في نصوص اللائحة التنفيذية لقانون المياه وتضاربها أحياناٍ .. وفي أحيان أخرى تظهر و كأنها قانون موازي .
البعد النسبي بين متطلبات ضوابط الحفر ( التراخيص ) والواقع المعاش سواء لشريحة المزارعين أو الشـرائح الأخرى بمافيها الجهات الحكومية ( مؤسـسات المياه – مياه الريف …إلخ )..
ضعف مفاهيم الدولة بشكلها التكاملي – ( لدى عدد غير قليل من الأشخاص الطبيعيين والإعتباريين ) .. وتدني ثقافة الدولة وبالذات من حيث الحقوق والواجبات في جوانبها التشريعية والتطبيقية على مستوى الوظيفة والمواطن .
الحفر العشوائي من الأشخاص الطبيعيين والإعتباريين بما فيهم الحكوميين.
تدني ألكفاءة العلمية والتقنية والخبرة المهنية الصحيحة لدى طواقم حفارات آبار المياه .
ضعف وتدني التخطيط التشاركي في الشأن المائي .
ضعف حضور وممارسة مفاهيم الإدارة المتكاملة للموارد المائية عند التعاطي مع الشأن المائي محلياٍ ومركزياٍ ..
التأجيل المتكرر للشروع في تنفيذ مشاريع المياه والصرف الصحي وتطويل فترات أزمنة تنفيذها أزيد / أكثر من المقرر لأسباب عدة غير جدية سواء من الأطراف الأجنبية أو المحلية .
* عدم تكاملية الدراسات وخاصة الفنية سواء داخل القطاعات الفرعية للمياه أو بينها البين أو مع القطاعات الأخرى .
* التعدد المفرط في اللجان المرتبطة بالمشروع / المشاريع المائية .
* الفوارق الزمنية الكبيرة في الإجراءات والمتطلبات التحضيرية والتمهيدية للمشروع / المشاريع المائية .
5- الإدارة المائية في الأزمات والكوارث .
ويدرج المهندس باحكيم تحد يات اخرى قد لايدركها بعض المهتمين , الا عند الحدث , تلك التحديات تبرز عند حدوث الازمات والكوارث الطبيعية , وعانت منها تلك المحافظات في السنوات الاخيرة بسبب الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة والمفاجئة ( الكارثية ) .
حيث تتعرض منشاءات الري التقليدي الى التدهور .
ومما يضاعف من حجم الخسائر في مثل هذه الظروف هو إنحسار وتراجع إستخدام الأعراف والضوابط المائية القديمة.
وضعف إنتشار وسائل الري الإقتصادية و الحديثة .
ويشير المهندس باحكيم الى تحد جديد وهو تزايد أسعار وحدة الطاقة الكهربائية ( تمثل أكثر من 30% من كلفة إنتاج مياه الشرب .
كما تتطرق ورقة المهندس باحكيم الى الجهود والاجراءات التي تمت في تفعيل اداء القطاع المائي بمحافظات حضرموت والمهرة وشبوة , وكذا إلى المتطلبات المستقبلية .. هذا سيتم استعراضه في الحلقة القادمة

قد يعجبك ايضا