*تحترف الأمل ,
وتتقن لغته نطقا وشعورا وبهجة. وحياة ومبارزة وتنتمي إلى أقاليمه وتضاريسه وفصوله ومواسمه, وفصيلته ومناخه وماضيه وحاضره وغدöه..وحين يسألونك من أين جئت ..تجيب مزهوا:
– من جهة الأمل .
وحين تكتب جنسيتك , تخط بثقة:
-أملي ..من وطني الأمل.
*تحترف الأمل ..
لأن ليس لك أي مهنة غير الأمل ..
وليس لك أي حرفة أو خبرة أو مهارة, سوى الأمل ..أنت وهو من فصيلة وعجينة واحدة ..ومن تربة واحدة… كأنه صديقك الوحيد .. ومعلمك وتلميذك النجيب..
كأنه تخلق منك , وأنت منه..
كأنك توأمه الوحيد.. ووريثه الشرعي..
لم تعد تدري : أأنت من يحترف الأمل , أم أنه قد صار نبضك ولونك .. ولغتك .. وهمس أصابعك ..وأنت هو, أم هو أنت..¿!
يالها من حرفة باهظة الشجن , وشاهقة الأداء والحضور وباذخة الانتماء وعظيمة المشقة , ورائعة في كل حال وحال.
حرفة لا يجيدها إلا أمثالك .. ومن هم إلا أنت ..ومن هم يشبهونك في كل شيء وفي كل بارقة وسانحة ومعنى..!!
*تحترف الأمل ..
وبه تقارع الحياة , وتقتحم أغوارها , وتندلع به أشواقك, وتخوض به غمار كل مدلهم ومبهم ..وغامض وواضح.. كأنك منه, وكأنه منك , وكأنكما من صلب واحد, انسكبتما معا , وتشكلتما معا , وأطلتما معا..!!
إنكما من سلالة الأمل العريقة وشعبه العريق ..!!
أتعبت اليأس نزالا وخذلته طموحا وكسرته شروقا ومثابرة وأفشلت جميع مشاريعه المستقبلية.. وجردته من أنيابه ومخالبه ومكائده..!!
ومع ذلك أثبت أن هناك أخلاقا للحرب وشرفا للخصومة وخطوطا حمراء لا يتجاوزها الصراع ولايتعداها جميع المتعاركين ولا يتباهى باقترافها أشد الأعداء مقتا وشراسة وضراوة..!!
كلما أنكسر اليأس تراجعت خطوة للتسامي ومنحته فرصة للنهوض والمواجهة وجها لوجه.. وندا لند.. ونبلا لنبل.
وحين يكبو على وجهه نتيجة لحركة سهو طارئة أو لنسيان مباغت تمد إليه بيدك كي ينهض من كبوة وعثرة لا يشرف تاريخ فروسيتك أن تستغلها لترميه بالهزيمة القاضية..!!
ولا يشرف سيرتك أن تنجز إضافة نوعية لرصيدك يشوبها الشك أو يثلمها النقص أو يعتريها التأويل والتسويف والظنة.
كل نصرلك أو انجاز أو إضافة هامة.. لابد أن يكون خاليا من أي منقصة أو منغصة..!!
*تحترف الأمل..
وتنهمر منه وفيه وعليه وإليه وعبره.. وتنثال من جميع مساماته وحواسة وأنفاسه وأبجدياته.. وتنضح به ومنه وتتماهى فيه ومعه كأنكما روح واحدة.. وفاتحة نور في كتاب المحبة..!!
*تحترف الأمل..
وتوشم به كأنه مجدك المخلد وعارك الأبدي.. وجهاتك الأربع وقدرك الذي لا مفر منه..!!
وكأنه هتافك حين تصمت وصمتك حين تهتف وفجرك الدائم الشروق وحضورك البهي في كل آن.. ومبتدأك عند كل منتهى وأقربك في كل منأى بعيد.. يعمك ويحتويك إن صرت على بعد حرف من فراق أو قاب قوسين أو أدنى من ظل لامه..!!
*أيها الأملى العريق..
قم وانهض من غفوة المعاني ورغد المماطلة الفارهة واقترف فسحة جديدة من البهجة الناهدة بشوقها إلى أناملك المحترفة!!.