أخذت قضية المهاجرين الى أوروبا أبعاداٍ سياسية وإنسانية عدة فعلى المستوى الاول تتفاقم قضية المهاجرين من معاناة تراجيدية تنتهي بالاغلب الى الوفاة بما يعرف أو يسمى برحلات ” الموت ” من قبل تحايلات تجار السفن والمرتزقة وضعفاء النفوس وتجاهل الدول والقادة السياسيين والمنظمات العاملة في المجال الإنساني التابعة للأمم المتحدة إزاء هكذا معاناة للمتدفقين الى أوروبا بحثا عن ملاذ آمن وحياة وكريمة وهربا من جحيم الحروب والأزمات في بلدانهم والتي لا تنتهي ولاترحم .. فكل الأصعدة أهمها انعدام الضمير الإخلاقي والإنساني إزاء يلاقيه هؤلاء المهاجرون الى أوروبا من لاءات المنع التي غالبا ما تنتهي بهم في معسكرات الاقتتال بل ان بعض الدول الأوروبية قد اتجهت الى عسكرة ملف المهاجرين ومنها المجر.حيث تعد مواجهة المهاجرين أسوا أزمة منذ الحرب العالمية الثانية .
وفي هذا السياق تجد أوروبا نفسها امام العديد من الخيارات المنطقية للتعامل مع الأشخاص الفارين من مناطق النزاع مثل سوريا ولكنها غير قادرة على الاتفاق على أي من هذه الخيارات.
وازداد الوضع تفاقما خلال فصل الصيف مع تدفق العديد من المهاجرين من دول البلقان الذين أضافوا الى المهاجرين الذين تحدوا الموت وعبروا المتوسط أو خاطروا بحياتهم وعبروا النفق بين بريطانيا وفرنسا.
وتعرقلت جهود إعادة توزيع اللاجئين على دول الاتحاد الأوروبي بسبب انعدام التوافق بين الحكومات التي تخشى من الأحزاب اليمينية الشعبوية.
وتوقفت الإجراءات المتعلقة بالحد من تدفق طالبي اللجوء من الدول التي يخرجون منها من الشرق الأوسط وشمال افريقيا لأن الاضطرابات في المنطقة تدل على انه لا توجد حكومات مستقرة تستطيع بروكسل ان تتعامل معها لمعالجة هذه المسألة.
ومع غياب أي حل في الأفق تلجأ الدول الأوروبية الى إجراءات لمنع دخول اللاجئين اليائسين كذلك الى أراضيها مثلما فعلت المجر التي أقامت سياجا شائكا هائلا على حدودها مع صربيا.
ويرى مسؤولون وخبراء أنه يجب على دول الاتحاد الأوروبي التحرك الفوري والسريع قبل ان يخرج الوضع عن السيطرة حيث انه لا نهاية في الأفق للحروب والقمع السياسي الذي يدفع المهاجرين الى الفرار من بلدانهم.
وصرح دبلوماسي أوروبي: “في النهاية نحتاج الى ان نتحرك فمن الأفضل ان نفعل ذلك بينما نحن مسيطرون على الوضع قبل ان يخرج الوضع عن سيطرتنا”.
وأضاف: “نحتاج الى العمل على عدة جوانب في نفس الوقت: كيف نوزع العبء بين الأوروبيين وكيف نسيطر على الحدود الخارجية بشكل أفضل وكيف نزيد التعاون مع الدول التي يعبر منها المهاجرون”.
وسارع القادة الأوروبيون الى التحرك في ابريل عندما غرق أكثر من 700 مهاجر في مياه المتوسط في أسوأ مأساة من نوعها. إلا انهم اختلفوا فيما بعد على خطة توزيع حصص المهاجرين لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها اليونان وايطاليا.
وبرزت المخاوف التي تدعو الى التحرك مجددا خلال الصيف الذي شهد إلقاء الشرطة المقدونية الغاز المسيل للدموع على المهاجرين وتسجيل المجر لأعلى عدد من المهاجرين ففي يوم واحد بلغ عدد المهاجرين 2100 مهاجر.
وعقدت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اجتماعا طارئا الاثنين الماضي ودعيا الى تبني “نظام موحد” للتعامل مع المهاجرين.
وقادت برلين الطريق خلال الأيام القليلة الماضية حيث اعلنت انها تتوقع استقبال 800 الف طالب لجوء في 2015م وهو العدد الذي يزيد عن جميع دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة.
كما اوقفت برلين ترحيل طالبي اللجوء السوريين الى البلد الذي كان نقطة دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي وهو ما تنص عليه الانظمة الأوروبية.
وأشادت المفوضية الأوروبية بموقف المانيا ووصفته بانه “تضامن أوروبي” وقالت انها تأمل في أن تأتي تصريحات الدول الأوروبية الأخرى مشابهة لتصريحات ميركل وهولاند.
إلا أن خطة من عشر نقاط كشفت عنها برلين بشأن المهاجرين هذا الأسبوع تشير إلى إحباطها من باقي دول أوروبا وتدعو إلى “التوزيع العادل” للاجئين في أوروبا وتبني “نهج مشترك” بشأن الضوابط الحدودية.
والمشكلة هي أن الحكومات الأوروبية من بريطانيا وحتى السويد تواجه تحديا من التيار اليميني والأحزاب المناهضة للهجرة التي تجعل أية خطوة إضافية لاستقبال مزيد من المهاجرين ضارة بالحكومات.
كما تأتي خطوة ميركل للسماح باستقبال مزيد من المهاجرين وسط حملة من الاحتجاجات والعنف المناهض للمهاجرين وصفتها ميركل بـ”الخبيثة”.
وقال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية هذا الشهر: إن على الحكومات الأوروبية مقاومة “الشعبويين” والمساعدة على تقاسم عبء المهاجرين.
وأكد على تلك الدعوات المقرر الخاص في الأمم المتحدة بشأن حقوق المهاجرين فرانسوا كريبو الذي دعا القادة الأوروبيين الثلاثاء إلى تجنب وصف المهاجرين بـ”الغزاة”وان الحل لهذه الأزمة هو فتح أسواق العمل لطالبي اللجوء والمهاجرين داعيا الى منحهم ما وصفه بـ”التأشيرات الذكية”. وأضاف: “ان بناء الأنسجة واستخدام الغاز المسيل للدموع وغيره من أشكال العنف ضد المهاجرين وطالبي اللجوء والاعتقال ومنع حصولهم على الأساسيات مثل المأوى والطعام والماء أو استخدام لغة التهديد أو الكراهية لن توقف المهاجرين عن القدوم أو محاولة القدوم الى اوروبا”.
واضاف إنه على المدى الطويل فإن على أوروبا ان تعمل مع الدول الأخرى لوضع نظام منطقي يسمح للناس من مخيمات في تركيا ولبنان والاردن بالتقدم بطلبات للدخول الى اراضيها.
وستركز القمة التي سيعقدها قادة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي في مالطا على بحث أزمة المهاجرين على معالجة مهربي البشر.
واقتصرت مهام البعثة البحرية الأوروبية المكلفة بوقف مهربي البشر على انقاذ المهاجرين نظرا لأنه ليس لديها تخويل للتدخل سواء من الامم المتحدة أو من ليبيا التي تنطلق منها معظم قوارب المهاجرين.
Prev Post
قد يعجبك ايضا