تقارب وجهات النظر

للأسبوع السادس على التوالي و(عاصفة الحزم) لم تكف أذاها عنا.. حال والدي وإخوتي الذكور في الشارع لساعات طوال.. بل غالبية سكان الحي يجتمعون خلال ساعات النهار والسمر.. يتبادلون الأحاديث المختلفة منها ما هو متعلق بأحداث الحرب ومنها ما هو سار ومنها ما هو مثير ومشوق.. ظهرت الألعاب المخفية مثل ( الشطرنج والضمنة والكوتشينة وبنك الحظ) وغيرها من الألعاب المسلية التي تجمعهم حلقات حولها وتخلق بينهم جوا من التنافس والضحك.. بعض الشباب يلعبون كرة الطائرة تعلو أصواتهم بالصراخ عند كل هدف كما هو الحال عند لعبهم لكرة القدم.. بعض المسنين يتسامرون مع الشباب على غير العادة يجمعهم ظرف واحد وهو الهروب من الصمت المقيت في المنازل حيث لا كهرباء ولا وقود لتشغيل بدائلها.. الحال عند النساء يختلف كليا فهن يواجهن متاعب أكثر بحكم العادات والتقاليد.. فإن ذهبت إحداهن لزيارة رفيقاتها أو الجير ان في مبنى مستقل عن مبناها عليها العودة قبل مغيب الشمس ولا بأس إن تأخرت قليلا بعد صلاة العشاء ليس أكثر.. ويكتمل تجمعهن في ذات المبنى حتى وقت متأخر من الليل.
عند اكتمال شمل الأسرة ليلا نتسامر على ضوء الشموع.. يتم النقاش حول المواضيع المتعلقة بالأسرة واتخاذ قرارات جماعية حسب رأي الأغلبية أو من لديه حجة أقوى.. نستعيد ذكريات الماضي أو الحديث عن الأمور المضحكة التي حدثت في الحي ويحلو النقاش وتزاد الروابط الأسرية قربا عن ذي قبل.. تزداد الألفة وتقارب وجهات النظر بين الابن وأبيه والأخ وأخيه والزوج وزوجته.. حيث الفراغ ملأ الوجود فلم يعد هناك تلفاز ولا واتس ولا فيس بوك ولا أية وسيلة للتواصل الالكتروني حيث لا وجود للكهرباء.. والهدوء سيد المكان.
هم يقصفون ونحن نزداد قربا من بعضنا وتماسكا رغم ما يصنعون.. ازدادت أواصر المحبة وروابط الألفة بين الأسر والجيران والأحياء بعضها ببعض.. رغم القلق الليل الدائم إلا أن البسمة تملأ محيا الجميع.. نتكاتف ونواسي بعضنا عندل حدوث الكارثة والمأساة ونحن على قلب رجل واحد.. نتقاسم الأحزان ونساند بعضنا بعضا.. فنحن أصل العرب.. أصل العزة والشموخ والإباء لا نرتضي الذل.. ولسنا ممن يهاب الخرفان.

قد يعجبك ايضا