الخطاب

قال أحدهم: “بدأت مؤخرا تكتب في الحب ونحن في أزمات نحتاج أن تشارك في رأيك في هذه المرحلة” قلت قد شاركت بكل موضوع وحدث في البلاد ولم يمر حدث إلا ولي رأيي الخاص والمخلص.. ولكن ذلك الرأي لم يؤثر ولم يعط ثمارا مثله مثل كل الآراء التي تتردد وتكتب كل يوم وتكررت حد السأم.
ولقد أعجبني قول فيلسوف في هذا الشأن يقول: “في الحروب العبثية والأحداث الهمجية ليس لنا من مفر إلا اللجوء للحب وغرف النوم لنمارس حياتنا الخاصة” وأظن أن لغة الحب هي اللغة المفقودة والضائعة في هذه المرحلة بالذات كما نحن محتاجون للحب ومحتاجون للمحبة كم نحن غارقون بالعنف حد الانقراض والهوس بالدماء والتخريب ولغة التعنيف لم يرتدع أحد في هذا الجانب سواء على مستوى القلم الكاتب أو القارئ المتابع أو حتى النخبة الفاعلة التي تدرك خطورة المرحلة التي نحن عليها ليس فحسب بل أين الخطاب العقلاني الذي يرشد المجتمع وينور العقول بحقائق المرحلة ومتى كانت مؤسساتنا الفاعلة تأخذ بالخطاب الذي يعمل على النهوض¿ بل كانت لها رؤيتها المستقلة التي تأخذها من تلقاء نفسها دون الرجوع لأي مستوى فضلا عن الخطاب الذي لم يعد ذلك الخطاب النخبوي الذي يقرأ الزمن ويكتشف المستقبل ويبين الحقائق بل تحول إلى خطاب نزل كثيرا إلى مستوى العامة وتحولت بعض الأقلام حروف تابعة تخدم الصراعات ولا تعمل على ترسيخ القيم وتنوير مدارك الفكر بمستوياته المختلفة.. ولم نعد نسمع إلا مقتل العشرات واغتيالات الرموز الفاعلة وتعليم لشخوص الأمن والجيش وتدمير للبنى التحتية التي هي ملك للوطن.
والخطاب الإعلامي بكل أنواعه ينجر وراء العنف فيرسم الصور ويتأنق في العناوين ويدون التقارير المثيرة. في النادر القليل تجد خطابا يقرأ ويكشف ويبين الحقائق ليس فحسب بل إن المرحلة هذه مرحلة تثوير للعواطف والأقلام والخطاب منذ بزوغ الأحداث العربية الأخيرة ولم يعد يؤثر فينا إلا ما هو مثير وأعتقد أن المجتمعات العربية تحتاج دراسات ومراحل لتستقبل الخطاب البارد الهادئ لذلك كان الحب أجمل عندي من لغة الحرب والعنف ولغة القلوب أروع من لغة الصراعات لأنني أعتقد أني سائر بالطريق الذي يفتقر إلى الخطاب وتفتقر إليه المرحلة وتجاهله الكثير من أصحاب الرأي والفاعلين في هذا الوطن وغيره من الأقطار خاصة وأنه اكتشف أخيرا أن الفكر تحول من فكر الاعتقاد والولاء إلى فكر وثقافة المصلحة لذلك نحن محتاجون لدراسات لإعادة النظر في القيم التي نحملها ناهيك عن نوعية الخطاب بوصف الاضطراب شامل على مستوى المحيط المادي والاجتماعي والسياسي والنفسي فثمة تدمير للمادي والقيمي لدرجة أن الإنسان يقف حائرا إزاء هذه المرحلة.

قد يعجبك ايضا