تزود السوق بـ%30 من احتياجاته الصناعة الدوائية اليمنية تقترب من الانهيار… من ينقذها¿

حين يتم الحديث عن الصناعة الدوائية اليمنية يكون الفخر للرواد في هذه الصناعة حيث استطاعوا خلال أقل من عقدين تأسيس صناعة وطنية تزود السوق اليمني بحوالي 30 % من احتياجاته وهي ميزة ينظر إليها بفخر وكثير من السعادة والتقدير.
خلال العام 2015م ومنذ مارس الماضي أصيبت هذه الصناعة بمقتل منذ أن بدأ العدوان العربي بشن حربه الظالمة على اليمن فكانت الصناعة الدوائية ضمن الخاسرين والمتضررين من هذه الاعتداءات والحصار .
الصناعة الدوائية اليمنية وجدت نفسها أمام تحد جديد فهي مطالبة بتوفير المنتجات الدوائية للسوق بعد أن نفدت منه العديد من الأصناف جراء الحصار والتوقف عن النشاط وعدم السماح بالاستيراد ومن جهة أخرى وقعت بين كماشة انقطاع التيار الكهربائي وانعدام المشتقات النفطية وتفشي الاحتراب الداخلي وتقطع حركة النقل والمواصلات بين المدن اليمنية ….لكنها مع ذلك وقفت وتحاول أن تستمر في النشاط دون كلل.

التاريخ والنشأة
تقول التقارير الإحصائية إن ميلاد الصناعة الدوائية في اليمن بدأ في العام 1982م بإنشاء الشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية ومن ثم توالت عمليات الإنشاء والتكوين للشركات في مجال الصناعات الدوائية واليوم هناك أكثر من 9 شركات صناعية للأدوية حيث مثلت تلك الشركات الركيزة الوطنية للصناعات الدوائية حيث أسهمت منذ إنشائها ومازالت تسهم بنسبة لا تقل عن 30 % من احتياجات سوق الدواء والخدمة العلاجية ويغطي إنتاجها جزء كبير من المجموعات الدوائية التي يتم استيرادها عبر الهيئة العليا للأدوية  وهي بذلك تعد رقماٍ لا يستهان به في توفير احتياجات مستهلكي الخدمة الدوائية وتمتلك هذه الشركات قدرات تسويقية هائلة حيث تغطي نشاطها التسويقي جميع محافظات الجمهورية.
النشاط يتوفق
جراء العدوان الظالم على اليمن منذ 26مارس الماضي يؤكد الدكتور إحسان الرباحي رئيس الاتحاد اليمني لمنتجي الأدوية أن سوق الخدمة الدوائية في ظل الأوضاع الراهنة قد تأثر تأثرا شديدا بسبب التوقف الكلي أو الجزئي عن الإنتاج فهو مؤثر في سوق الدواء لأنه يسهم فيه إسهاما من خلال تقديم الخدمة للجمهور وللمنشآت الطبية من كلا القطاعين العام والخاص.
الصعوبات
يقول الاتحاد اليمني للصناعات الدوائية إن الصناعات الدوائية اليمنية تواجه العديد من الصعوبات كبقية الصناعة الوطنية الأخرى في ظل الظروف الراهنة وفي الصدارة منها ما أحدثه عدوان التحالف والحصار المفروض من آثار سلبية على استمرار نشاط الشركات الوطنية المنتجة للدواء فضلا عما سببته المواجهات المسلحة التي شملت معظم المحافظات اليمنية وتردي الأوضاع الأمنية من زيادة الصعوبات التي باتت تواجه العمليات التسويقية وإيصال الخدمة الدوائية إلى المستهلكين.
التداعيات
يؤكد مصنعو الأدوية أن هناك آثارا سلبية ناجمة عن العدوان على الصناعات الدوائية منها أن الإنتاج توقف بنسبة 100 % في بعض مصانع الشركات الوطنية  وعدم تجاوز الإنتاج مانسبته 5 % من الطاقات الإنتاجية للبعض الآخر وذلك جراء عدة عوامل منها الانقطاع المستمر للكهرباء واختفاء المشتقات النفطيةوعدم القدرة على توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج بسبب عدم توفر النقد الأجنبي  وارتفاع كلفة توفيره حيث اقترب سعر الدولار من ضعف السعر الرسمي الذي كان البنك المركزي يقوم بتوفيره إلى جانب البنوك التجاريةوصعوبة إدخال المواد الخام عبر المنافذ البحرية والجوية وارتفاع كلفة البدائل إن وجدت في ظل الحصار.
كما أن المصانع تحملت أعباء دفع مرتبات العاملين والكوادر الفنية العاملين في مصانع الشركات بالإضافة إلى بروز العديد من المشاكل والتعقيدات التي واجهت عملية التسويق داخليا بسبب الظروف الأمنية والمواجهات المسلحة وضرب العدوان لشبكات الطرق فضلا عن الخسائر التي لحقت بالمصانع المنتجة للدواء نتيجة توقف التصدير إلى الخارج بسبب الحصار الجائر.
مشاكل التسويق
أدت تلك التداعيات إلى إصابة المصانع الدوائية بنكسة مالية نتيجة الضعف الشديد في التدفقات النقدية المتأتية من عائدات البيع للمنتجات الدوائية داخليا وخارجيا بسبب ارتفاع المديونيات على العملاء والناتجة أساسا عن الاختلالات المالية والتجارية التي أصبحت تعاني منها المنافذ التسويقية بالصيدليات ومخازن الأدوية ناهيك عن تأثر هذه المنافذ من انخفاض القدرة الشرائية للمستهلك النهائي للخدمة الدوائية.
كما أن المباني الصناعية والمنشآت الصناعية الدوائية تأثرت جراء القصف وعلى وجه التحديد المصانع الواقعة في منطقة الصباحة وفج عطان.
الأبحاث والتطوير
أصبح نشاط الأبحاث والتطوير للأصناف الدوائية الجديدة متوقفا كما تعرضت الأصناف قيد التطوير للتلف بسبب انقطاع الكهرباء المستمر الأمر الذي أدى لإلحاق الضرر والخسائر الكبيرة بالشركات الوطنية المصنعة للدواء فضلا عن الخسائر التي لحقت بالشركات من جراء تلف بعض المواد والمستلزمات التي هي بحاجة عند التخزين لدرجة حرارة منخفضة ومحددة وتمثل هذه الخسائر أرقاما كبيرة في صناعة الدواء.
مستقبل
يجمع صانعو الدواء في اليمن أن هذه الآثار والتداعيات سترمي بظلالها على نشاط الشركات الوطنية الدوائية مستقبلا ويقولون إن الأرقام والتفاصيل عن الخسائر لاتزال قيد الدراسة والتقصي حيث أنها أكثر بكثير مما يتوقع اليمنيونويؤكدون بأن المسألة القانونية والأخلاقية والمادية ستطال قوى العدوان عاجلا أم آجلا إزاء ما تحدثه من تخريب جسيم في منظومة الصحة العامة بما في ذلك الصناعة الدوائية  الوطنية التي تعد أحد مفردات ومرتكزات هذه المنظومة.

قد يعجبك ايضا