واقع الثقافة في بلادنا

إن الثقافة بحد ذاتها موروث أصيل لها تاريخ طويل لآلاف السنين وحضارة حية على جبين التاريخ ولغة مهذبة بكل صورها وأشكالها سواء كان في الشعر أو النثر أو القصة والمسرح وووو..الخ ولو نظرنا إلى ماهية الثقافة بكل تجلياتها لوجدنا أنها من أهم مجالات الحياة وأكثرها قبولا في الأوساط  الاجتماعية والشعبية سواء كان على مستوى العصور القديمة أو العصور الحديثة وهي مجال واسع وغني بشعرائه ونقاده وكتابه وفنانيه ومؤرخيه  وتاريخها طويل لم يكن وليد اللحظة فحسب بل وجدت منذ فترات تاريخية طويلة والدليل على ذلك أن هناك الكثير من أعلام وأرباب الثقافة الذين لهم باع طويل واسهامات جبارة في سماء الشعر والقصة والمسرح والتمثيل والغناء ففي مجال الشعر كان له رجاله من الشعراء الذين ظهروا ففي العصر الجاهلي مثلا كان الشعر ذا قيمة خاصة وله أهمية فريدة عند العرب سواء كان في المدح أو الغزل أو الرثاء  فكان لسان حالهم الذي يتحدث عنهم وعن همومهم ومشاكلهم ووسيلتهم النبيلة في التعبير عما في خلجات نفوسهم فلقد أصبح الشعر حينئذ أداة لقراءة الطبيعة في حالة السلم والحرب والتغزل بنواميس الحياة في الإنسان والأطلال والمرأة والمكان  فكان منهم امرؤ القيس وغيره من الشعراء العرب وفي المقابل وجد الشعر والقصة والمسرح والغناء والتمثيل في الكثير من الحضارات اليونانية والرومانية والإغريقية والفرعونية وكان يحظى باهتمام خاص على الرغم من طبيعة الظروف القاسية وقلة الإمكانيات التي كانت سائدة في الحضارات القديمة باعتبار أن الثقافة بألوانها المتعددة تعتبر موروثا شعبيا أصيلا تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل ولعل ما في الأمر أن الثقافة بألوانها العديدة أصبحت حاجة ضرورية من حاجات البشرية التي لا يمكن الاستغناء عنها إطلاقا فهي تساهم بطريقة أو بأخرى في قراءة  هموم وقضايا وتطلعات الناس وتعالج الكثير من القضايا ذات البعد الوطني والسياسي والاجتماعي والتربوي و و و و..الخ فعلى سبيل الحصر لونظرنا إلى دور المسرح مثلا الذي هو شكل من أشكال الثقافة لوجدنا انه شيء ثمين  يختزل في ماهيته رسائل مفيدة قد يتناول ويعالج قضايا سواء كان على المستوى الحاضر وحتى  قضايا في المستقبل فالممثل على خشبة المسرح عندما يمثل لاشك انه يريد أن يوصل رسالة تربوية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية بأسلوب لطيف ومهذب وشيق وقد يستفيد منها الآخرون .وما يلفت النظر أن الاهتمام بواقع الثقافة في بلادنا ضعيف جدا ويكاد أن ينعدم إذا ما قورنت بحال الثقافة بالشعوب الأخرى وما تحظى به من اهتمام بالغ  لأن الثقافة بالنسبة للشعوب المتحضرة  ثروة ثمينة يجب الحفاظ عليها من الاندثار والضياع وهي لا تقل أهمية عن المجالات الأخرى فهي في نظر الجميع تاريخ وحضارة وموروث والشاهد على ذلك أن هناك شعوبا قد تكون فقيرة في مواردها الاقتصادية لكنها غنية بموروثها الثقافي  الأصيل على أية حال ستظل الثقافة لغة حية في ذاكرة  الأمم والشعوب فيها ينطبق القول “من لا تاريخ له لا حضارة له ” ونحن في بلد الإيمان والحكمة “اليمن” شعب له تاريخ عظيم وحضارة وثقافة عريقة وأن مسألة إحياء الثقافة والموروث الشعبي مسألة لا تحتاج إلى وقت  وإنما تحتاج إلى نوايا صادقة إذا ما توافرت لدى المهتمين والمعنيين بالشأن الثقافي.. والله من وراء القصد..

قد يعجبك ايضا