من أروع وأبدع ما خلق الله في اليمن هي سائلة ربابة الواقعة إلى الشمال من مدينة إب خمسة وعشرين كيلومتر تقريباٍ,والتي تتبع إدارياٍ مديرية القفر..ويمكن الوصول إليها عبر عدد من الطرق الإسفلتية التي توصل إلى هذه المنطقة السياحية الهامة التي تتميز بمياهها الحارة وحماماتها الكبريتية,فضلاٍ عن الطبيعة البديعة التي حباها الله بها وجعل منها مزاراٍ سياحياٍ فريداٍ يتقاطر إليه السياح والزوار من كل فجُ عميق.
* * *
*الطريق الأولى إلى سائلة ربابة تتجه من منطقة الدليل الواقعة شمال مدينة إب في بطن سهل السحول الشهير على الطريق الإسفلتي العام صنعاء-إب,ويمر هذا الطريق بمركز مديرية المخادر ثم وادي رفود التاريخي,ومن ثم سوق منطقة الكداكد اليومي,ليدخل بعدها مباشرةٍ بمركز مديرية القفر التي تتبعها سائلة ربابة,وهي مدينة رحاب عاصمة القفر,الذي كان يْسمى تاريخياٍ كما ورد في كْتب التاريخ(قفر حاشد) لكثرة القبائل والبطون التي استوطنتú هذه المنطقة من أبناء قبيلة حاشد منذ مئات السنين بعد أنú كان قفراٍ حقيقياٍºولم يكن يسكن فيه من البشر إلا الفرد النادر.
واليوم مديرية القفر تعدْ أكبر مديرية في محافظة إب من حيث المساحة وعدد السكان,وتحدها عدد من المديريات كمديرية حزم العدين ومديرية حبيش ومديرية المخادر ومديرية يريم من محافظة إب,ومديرية عتمة ومديرية مغرب عنس ووصاب العالي من محافظة ذمار,وإلى هذه المديرية يْنسِبْ العديد من مشاهير اليمن في الوقت الراهن على رأسهم السياسيون والمسئولون والقضاة من آل الإرياني وآل محرم وآل غلاب وآل التويتي وآل البرح وآل الوادعي.
سائلة ربابة لا تبعد كثيراٍ عن مركز مديرية القفر مدينة رحاب,فهي تقع شمالها بحوالي ثلاثة إلى أربعة كيلومتر..ومدينة رحاب يمكن الوصول إليها عبر طريقُ آخر هو طريق إريان الذي يتجه من مدينة يريم باتجاه الغرب نحو عْزلة بني مسلم وعزلة بني سيف العالي الذي تتبعه إدارياٍ منطقة إريان الشهيرة,ومن ثم تتجه الطريق نحو الأسفل بمحاذاة منطقة جبل سْمارة إلى سائلة زِرِه الواقعة شرق مدينة رحاب,ومنها إلى رحاب ثم إلى سائلة ربابة ذات الينابيع الحارة والمياه المتدفقة والطبيعة الساحرة.
ويمكن للمسافر من صنعاء أن يصل إلى سائلة ربابة عبر طرق أخرى أهمها طريق معبر مدينة الشرق الذي يمر بضوران آنس,ومن مدينة الشرق يتجه جنوباٍ نحو مديرية ومحمية عتمة الطبيعية,ومن سوق الثلوث بعتمة مباشرة إلى سائلة ربابة.
كما يمكن الوصول إليها عبر الطريق الواصل بين منطقة حمام علي من محافظة ذمار إلى مدينة الشرق,ومنها إلى عتمة والقفر,أو عبر الطريق الممتد من غرب مدينة ذمار إلى عاصمة مديرية عتمة والذي هو فاتحة خط ذمار-الحسينية الذي يعد أشهر الطرق في اليمن على الإطلاق,لكن ليس من حيث جودته أو جماله وإنما من حيث تعثره وإهماله,حيث تجاوز العقدين من الزمن على بدء العمل فيه ولم ينجز منه حتى الآن ولا الربع,رغم أهميته ووعورة وكثافة السكان في المناطق التي سيربطها ببقية المناطق اليمنية في محافظات ذمار وإب والحديدة وريمة.
في سائلة ربابة يستهوي المرء أول ما يستهويه كثرة المياه المتدفقة بنقاءُ تام وهدوء الأماكن المجاورة لها,والتي لا تخلو أبداٍ من رْعاة المواشي والأغنام وبالذات الماعز الذي يكثر تربيته في مديرية القفر عموماٍ.
ورغم اشتهار منطقة ربابة وسائلتها بشكل عام بالمياه الكبريتية الحارة التي جعلتú من المنطقة قبلة للعديد من السياح والزائرين اليمنيين الذين يقصدونها للاستحمام والاستشفاء بمياهها الكبريتية إلا أن الجهات المعنية وبالذات في قيادة محافظة إب لا تزال في غفلة عن الأهمية التي تتمتع بها مديرية القفر عموماٍ ومنطقة ربابة خصوصاٍ,ولا تعرف بقيمة الطبيعة الخلابة التي حباها الله بها,ولا بمدى أهمية تلك المياه الكبريتية الحارة,الأمر الذي يجعل الزائر يحس بمدى البؤس التي تعاني منه المنطقة والحرمان الذي يكتنفها من كل الجهات,ولا يخفى على كل مِن يزور هذه المديرية المحرومة كثيرا.
المواطنون بدأوا يدركون أهمية منطقتهم بعد أنú وصلتú إليها الطريق الإسفلتية التي ربطتها بالعديد من المناطق وسهلت الوصول إليها,ما جعل عدد الزائرين لها والمكتشفين لها في تنامُ مضطرد,إلا أن قلة مافي اليد كما أشاروا لا تمكنهم من بناء منتجعات سياحية ومرافق إيوائية عامة ومتكاملة كما الحال في مدينة دمت التي لاتفرق كثيراٍ في مياهها الكبريتية عما هو في سائلة ربابة ومديرية القفر عموماٍ التي تتميز بكثرة الينابيع الحارة في أنحاء متفرقة منهاºوعلى رأسها بالطبع سائلة ربابة وسائلة زره.
في مديرية القفر تتشابه الأمكنة,فأنت لا تجد فرقاٍ بين سائلة ربابة وسائلة حمض الواقعة في منطقة حمرسة شمال ربابة إلا فروقاٍ بسيطة.والحال كذلك في سائلة زره وبني عمر السافل وكل الجهة الغربية من مديرية القفر,والتي تتجمع كل سائلاتها لتصب مياهها غرباٍ في وادي زبيد الذي يصب بدوره في البحر الأحمر,
عليه فإن أودية مديرية القفر وجنوب عتمة ومغرب عنس ويريم والمخادر وجبال سمارة ووصابين وحبيش وحزم العدين وجهات من بعدان وريف إب هي أهم روافد سيول وادي زبيد الشهير في تهامة,وقد ذكر شيئاٍ من ذلك المؤرخ أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني في كتابه الشهير ((صفة جزيرة العرب)).
أما أجمل ما يشاهد الزائر لسائلة ربابة فهو انتشار أشجار السدر والطلح المعمر والتي تنتشر بكثافة في كل مكان في المنطقة,فضلاٍ عن بساطة العيش والحياة التي يحياها أبناء تلك البلاد التي تْرجعْكِ إلى أحضان التاريخ والحياة البدائية مرغماٍ.
أما هدوء المنطقة ونقائها وبساطة أهلها وغزارة مياهها فلا أظن زائراٍ يمر فيها يستطيع نسيان ذلك,لأنها من الأشياء التي تعلق في الذاكرة ,ومن الصعوبة بمكان على المرء أن يستطيع نسيانها أو حتى عدم تذكرها بين الحين والآخر,وهو ما يدفع بكل مِن عرفها مرة واحدة إلى معاودة زيارتها مرات ومرات حتى ليْخِيِل للمرء أنهْ قد تماهى مع هذه المنطقة وصارت تسكنه رغماٍ عنه,ولا يجد عنها فكاكاٍ أبدا.