* قال الباحث والمحلل الاقتصادي نبيل محمد الطيري إن انهيار الطبقة المتوسطة في اليمن يعني انهيار أهم صمام أمان اقتصادي اجتماعي للبلد وسيقود لانقسام المجتمع إلى طبقتين وحيدتين متصارعتين غنية تخشى ضياع ثرواتها بل وتريد تنميتها وفقيرة تريد حل أزماتها وتبحث عن رغيفها.
مؤكداٍ أن الطبقة المتوسطة من الناحية الاقتصادية هي قوة وماكنة تغيير اقتصادي فعال والأمثلة على ذلك كثيرة لعل اشنأها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والفترة الأخيرة في الصين والهند.
وأشار الباحث الطيري إلى أن زيادة الطبقة المتوسطة في اليمن يتطلب جهدا كبيرا من كافة الجهات سواء من القطاع الخاص وقوى المجتمع المدني وقبل ذلك من الحكومة فالطبقة المتوسطة أهم من أن تترك لآليات السوق وقوى العرض والطلب فقط ويتطلب ذلك استراتيجية اقتصادية وسياسية واضحة من الحكومة موجهة لأبناء هذه الطبقة تستوعب مطالبهم وآمالهم وتسعى لتنفيذها من خلال السياسات العامة المختلفة للدولة .
ويشير إلى أن الطبقة المتوسطة ليست فئة اقتصادية بحد ذاتها بل تمثل مفهوماٍ واسعاٍ يتم تحديده من خلال المهنة ومستوى التعليم والمؤهلات المهنية ومستوى الدخل والإنفاق والقيم والمعايير وهذا يعني أن الانتماء للطبقة المتوسطة يعتبر أسلوب حياة فهي ليست بالثرية التي تشغل بالها قضية تنمية ثرواتها وليست بالفقيرة التي تشغل بالها قضية تأمين أساسيات معيشتها تتألف من فئات المجتمع وشرائحه المثقفة من أطباء ومهندسين وإداريين وأساتذة جامعات وسواهم وعليها يقع عبء إدارة الحياة اليومية في أي بلد وأي مجتمع. تشغل بالها قضايا الوطن وهمومه أكثر من سواها. وعادة تشكل التعداد الأكثر سكاناٍ في أي مجتمع. لذلك ونظراٍ لأهميتها ودورها الاقتصادي والاجتماعي والمسؤوليات التي تتحملها تسعى كل طبقة لأن تأخذها إلى جانبها فتقوى بها وتوظفها لصالحها سواء أكانت غنية أم فقيرة. وبين الباحث الطيري أن النتائج المستندة على دراسات ومسوحات إحصائية تتعلق بميزانية الأسرة أظهرت أن حجم الطبقة المتوسطة حسب فئات الدخل تمثل الآن أقل من 20% ومن المتوقع أن يكون حجم الطبقة المتوسطة حالياٍ أقل من ذلك بكثير نتيجة للازمات السياسية التي مرت بها اليمن خلال الفترة من 2011-2014م ونتيجة للآثار السلبية للعدوان السعودي والحصار الاقتصادي على اليمن 2015م . كما أن ضعف عدالة توزيع الدخل قد أدى إلى تآكل الطبقة المتوسطة حيث أتجه نمط توزيع الدخل في اليمن بصورة حادة لصالح المجموعات الخماسية الأكثر ثراء (الغني يزداد غنا والفقير يزداد فقرا) في الفترة السابقة من المفترض أن يكون كل 20% من السكان يمتلكون 20% من إجمالي الدخل ولكن الفئات الخماسية الثانية والثالثة والرابعة والتي تمثل 60% من إجمالي السكان تبلغ حصتهم من الدخل 37% من إجمالي الدخل.
كما أن 46.3% من المهنيين المتخصصين في سوق العمل اليمني هم من الطبقة المتوسطة والتي تضم العلماء والباحثين وأساتذة الجامعات والمعاهد العليا والمدراء وأصحاب المهن الاختصاصية كالمدرسين والأطباء والمهندسين والقضاة والمحامين وكبار ضباط الجيش والأمن والفنيين العاملين في قطاع المعلوماتية والمدراء العامين في القطاع العام. وهو ما يظهر أهمية الطبقة المتوسطة لتحفيز التنمية الاقتصادية في اليمن فرغم أن هذه المجموعة ليست مالكة لوسائل الإنتاج وغير ذلك من الأصول الرأسمالية إلا أن أفراد هذه المجموعة أعادوا استثماراتهم في المجتمع من خلال شراء ملكية وسائل الإنتاج الزراعي والعقاري والصناعي.
وتزداد أهمية الطبقة المتوسطة في اليمن أن أكثر من 34% من أصحاب المهن الحرة هم من الطبقة المتوسطة.
انهيار
* مؤكداٍ أن انهيار الطبقة المتوسطة يعني انهيار أهم صمام أمان اقتصادي اجتماعي وانقسام المجتمع إلى طبقتين وحيدتين متصارعتين غنية تخشى ضياع ثرواتها بل وتريد تنميتها وفقيرة تريد حل أزماتها وتبحث عن رغيفها. وبالتأكيد فإن انهيار الطبقة المتوسطة يعني أن تصبح فقيرة في معظمها! وهنا مكمن الخطورة! ذلك أن انهيار الطبقة المتوسطة مؤشر خطير لما ينتظر أي مجتمع من انقسامات طبقية ليست ولن تكون في صالحه وتهديد لتماسك ولاستقرار اجتماعي واقتصادي مطلوب الحفاظ عليه وحمايته.
وشدد على أنه يجب على الحكومة اعتبار أن الطبقة المتوسطة تمثل عنصراٍ هاماٍ في تثبيت مقومات التنمية الشاملة وفي تحقيق التماسك الاجتماعي وتوفير السلم الاجتماعي فإن الأمر يتطلب السعي خلال المرحلة القادمة إلى دفع نسق النمو تعزيزا لمناعة الاقتصاد ورفعا للقدرة التنافسية مما سيمكن من الحفاظ على النسبة العالية للطبقة المتوسطة في المجتمع وتمتين قاعدتها ودعم مكتسباتها والنهوض بالتشغيل ومزيد من تقليص الفقر المدقع وتحسين ظروف المعيشة.
على الدولة تبني البرامج التي تستهدف استعادة قدرة أبناء هذه الطبقة على التمتع بنمط حياة وأسلوب معيشة الطبقة المتوسطة ومنها على سبيل المثال القدرة على تملك مسكن وما يتطلبه من قيام الدولة بتوفير أراض لهذا الغرض بأسعار معقولة وتطوير نظام التمويل العقاري بما يسمح بتوفير قروض ميسرة لهذا الغرض تتناسب مع دخول أبناء هذه الطبقة ومنها على سبيل المثال أيضاٍ التوسع في تبني سياسات واستراتيجيات التمويل المتوسط والأصغر .