بالأخلاق تنهض الأمم

الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وبعد: فإن الإسلام كما أنه عبادات فهو أيضا أخلاق قال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) وقال صلى الله عليه واله وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وإذا أراد المسلم أن يعيش في سعادة ورضا فإنه ينبغي عليه أن يتحلى بالأخلاق الكريمة, فالسعادة ليست في المال والمغنى والمنصب والجاه بقدر ما هي في الخلق الكريم ففي رواية ابن حبان قيل يا رسول الله ما خير ما أعطى الإنسان¿ قال خلق حسن ,وقال الإمام ابن القيم رحمه الله أدب المرء عنوان سعادته وسوء أدبه عنوان خسرانه فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب وما استجلب حرمانهما بمثل قلة الأدب والنبي صلى الله عليه واله وسلم يقول فيما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوما القيامة أحاسنكم أخلاقا ويقول صلى الله عليه وسلم ليس شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق وإن الله يبغض الفاحش البذيء فما أجمل أن يتحلى المسلم بالأخلاق الكريمة في هذا الزمان الذي قلت فيه الأخلاق وانتشر فيه الفساد والإفساد وصدق الله العظيم إذ يقول (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) ويقول سبحانه (أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وبالأخلاق الكريمة تنهض الأمم ويعلو شأنها وما أحسن قول الشاعر:
أنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وما أجمل أن يتخلق المجتمع المسلم بالأخلاق الكريمة والتي بها تنتشر المحبة والألفة والرحمة.
والتي نحن في أمس الحاجة إليها الآن حتى تقوى شوكة الأمة وتتحد فيما بينها, فيعفو المسلم عن أخيه ويلتمس له العذر ويتغافل عن زلته, فما أحوجنا إلى تلك الأخلاق الكريمة التي كدنا نفتقدها في مجتمعاتنا الإسلامية.
إن أفضل وسيلة وأسرع طريقة لغرس الأخلاق والقيم والمبادئ في نفوس أبنائنا الصغار – حتى يشبوا على الأخلاق الحسنة والمبادئ الإسلامية العظيمة – هي التربية بالقدوة, وما أجمل ذلك, ولأنه كما قيل : عمل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل لرجل, ونضرب مثالا بالرجل يطلب من ولده أن لا يدخن السجائر – مثلا – وهو يراه صباح مساء بيده السيجارة, فهل سيستجيب الولد لنصح أبيه¿ الإجابة : لا, أو يدعوه إلى المحافظة على الصلاة ويأمره بذلك وهو يراه لا يحافظ عليها.
إذا, نحن أمام أزمة حقيقية, لا أقول أزمة سياسية أو اقتصادية أو غيرها, بل أزمة أخلاق, وما أجمل قول الشاعر الحكيم :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
إذا ما أجمل الحياة بالأخلاق, وما أسوأها بغير الأخلاق, لذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت, واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت”.
أسأل الله تعالى أن يهديني وإياكم لأحسن الأخلاق والأحوال, إنه نعم المولى ونعم النصير, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قد يعجبك ايضا