● تظل ظاهرة انتشار المجانين في الشوارع ظاهرة يمنية حصرية جراء غياب رؤية شاملة تخفف من معانات المرضى النفسانيين أو من دأب البعض على تسميتهم مجانيين والذين يتعرضون للكثير من أنواع العنف الاجتماعي على قارعة الطريق وكذلك يتسببون بالكثير من الحوادث على المواطنين وهو الأمر الذي يضع جهات الاختصاص أمام مهمة إنسانية عاجلة لإنقاذ مجانين الشوارع التي تعرض كرامتهم للنزيف على أرصفة الطرقات بالإضافة إلى بعض الحوادث التي يرتكبها هؤلاء المرضى بحق المواطنين والأطفال .. وحالات الرعب التي يتسببون بها. “الثورة” ناقشت معانات مجانين الشوارع وخرجت بالحصيلة التالية:
في البداية كانت مع الأخ عمران الأصبحي – بكالوريوس إدارة أعمال.
إن ظاهرة انتشار الكثير من المجانين في الشوارع غدت سمة تميز بين المدن اليمنية ومع تعاقب الكثير من الحكومات اليمنية لم تقم أي منها بتقديم حل نهائي أو رؤية استراتيجية تنهي معانات المرضى النفسانيين أو ما يطلق عليهم المجتمع الجانين.
وأضاف عمران الأصبحي قائلاٍ: المجانين يحتاجون فقط وجود منشأة صحية نفسية تتسع للكثير منهم أو مركز يأويهم وهي أمور يمكن أن توجد وفق الإمكانيات الموجودة المهم الهدف منها حفظ كرامة هؤلاء “المجانين” لكن للأسف أن من بين مجانين الشوارع من يتسربون من دور الرعاية أو المصحات النفسية أو ممن ترفض استقبالهم لعدم وجود الإمكانيات لاستقبال الكثير منهم في ظل إهمال في عملية العلاج النفسي خاصة وأن البعض منهم لا يحصل على العلاج والرعاية ليعود إلى حالته الطبيعية.
وأردف الأ صبحي قائلاٍ: الأسرة اليمنية أيضاٍ سبب في وصول أفرادها إلى الشارع وتتحمل مسؤولية ما يحدث وما يعانيه المرضى النفسانيين في الشارع كون الجنون أولاٍ له أو أسباب ومنها ارتباطات كيفية التعامل مع الفرد في داخل الأسرة وما يوجد من عنف أسري.
وأكد الأصبحي قائلاٍ: إن عدم اهتمام الأسرة بالمريض النفسي وعدم الإشراف على استخدام العلاج والاهتمام بنظافته الشخصية وبسبب صعوبات التعامل مع المريض النفسي بالتالي فإن هذا التعامل من قبل الأسرة هي من تسهل خروجه إلى الشارع وتحديدا عندما يميل بعض المرضى لاستخدام العنف وهذا يجعل المريض أكثر انشداداٍ للشارع وأيضاٍ يعتبر سلوكاٍ عدوانياٍ من قبل بعض الأسر وهروب من تحمل المسؤولية وهذا يفاقم حالة المريض أكثر ويجعلهم يتعرضون للحوادث أبرزها الحوادث المرورية.
حيث توجد جثث لمجهولي الهوية في الكثير من ثلاجات المستشفات في معظم محافظات الجمهورية تعرضوا لحوادث مرورية من المجانين خاصة في الخطوط الطويلة. هذا ماأكده لنا عدد من المختصين في المرور والنيابات.
من جهته أشار أحمد عزيز الحيفي – أن الواجب والدين والأخلاق يحتم على الدولة أن تقوم بتوفير مراكز يلم شتات المرضى النفسانيين في كل المحافظات وعلى رجال المال والأعمال أن يساعدوا الدولة في إنشاء تلك المراكز ويمثل هذا من أعمال الخير.
وأضاف الحيفي: إن معانات المرضى النفسانيين كثيرة وتمثل اعتداء على أشخاص محرومين من نعمة العقل ولهذا على كل الجهات أن تتعاون في إيجاد رؤية وطنية للمواجهة معانات المرضى النفسانيين وأن يشارك في هذا منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني المختلفة ووزارة الصحة والاختصاصيين النفسانيين لمناقشة ظاهرة ازدياد المرضى النفسانيين والأسباب التي تقودهم للشارع وتخرج بمقررات للتخفيف من الظاهرة وكذلك للوضع حلول للضحايا المرض النفسي.
من جهته يرى هلال الوعرة – محافظة إب – أن مجتمع القرية في الريف فيما يتعلق بمعانات المرضى النفسانيين أو المجانين كما يطلق عليهم لايزال يتعامل بإحساس عالي ورحمة مع هذه الشريحة عكس مجتمع المدينة الذي تترك فيه الكثير من الأسر أفرادها في الشارع إذا أصيبوا بمرض نفسي.
وقال هلال الوعرة ان هناك حالات كثيرة تدل على ما قلت حيث وحدت في القرية التي أعيش فيها رجل مجنون لكن زوجته ظلت تهتم به وتشرف على نظافته رغم كونه مقيداٍ بالسلاسل وحتى عندما توفيت زوجته استمر أولاده بالاهتمام حتى وفاته وهذا ما يفترض على الأسر في المدينة حتى لا يظل المريض النفسي عرضة للكل الحوادث وكذلك تعريض الناس للخطر جراء أفعال المرضى النفسانيين.
ويشاركه في الرأي الأخ أكرم الطائر بالقول: إن معالجات ظاهرة المحانيين في الشوارع نحتاج إلى معالجة المشاكل التي توجد في داخل الأسرة وكذلك تحسين ظروف الأسر الفقيرة حيث الكثير من الحالات المرضية النفسية نجدهم عاطلين عن العمل تحولوا إلى مجانين أو أقدموا على الانتحار وهذه ظاهرة أخرى متعلقة بما يسببه الفقر أيضاٍ في نسيج المجتمع من تدمير.
ويستطرد الطائر حديثه قائلاٍ: إذا المعالجات تحتاج استراتيجيات وطنية يقوم بها اختصاصيون اجتماعيون ونفسانيون وتحتاج أيضاٍ مبادرات اجتماعية حتى نوقف معانات الكثير من المرضى النفسانيين وهنا أريد توضيح حقيقة مؤلمة وهي أن بعض الأسر اليمنية تعمل على كتمان خبر إصابة أحد أفرادها بالجنون وتحوله إلى سر.
مؤكداٍ على أن هذا اعتداء على المريض والذي هو أحوج ما يكون لوسط يتعامل مع مايعانيه ويوفر له العلاج والتعامل المناسب باعتباره فرداٍ من أفراد الأسرة فليس عيباٍ أن تذهب للطبيب النفسي وتشرح له ما تعانيه العيب أن تساعد على مفاقمة وضعك المرضي وتحجم على العلاج أو تمنع الآخرين من الحصول على العلاج.
وأردف أكرم الطائر قائلاٍ: أتمنى من الجميع الشعور بمعانات المرضى النفسانيين وبخاصة من يفترشون الشوارع والحارات وعلى رجال الدين ووسائل الإعلام توعية المجتمع بدوره تجاه هؤلاء المرضى.
بدورنا نقلنا كل تلك التساؤلات عن معانات المرضى النفسانيين والأسباب التي تقودهم إلى جراح نازفة في قارعة الطريق أمام أعين مجتمع يزيد من معاناتهم حين لا يلتفت لأوضاعهم .
الدكتور نبيل أحمد نعمان -أخصائي الأمراض النفسية والعصبية بالمستشفى السعودي الألماني- والذي أكد على أن ظاهرة انتشار المرضى النفسانيين في الشوارع ظاهرة وليدة الكثير من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والتي تؤدي إلى تشكل ضغوطات نفسية خاصة بسبب الفقر والبطالة.
وأضاف أخصائي الأمراض النفسية والعصبية الدكتور النعمان قائلاٍ: كما أن في مجتمعاتنا تبرز قضية الثار من ضمن الأسباب المباشرة للمرض النفسي والجنون نتيجة الخوف الزائد وتناول القات والعيب من الشكوى من أعراض المرض النفسي ليس من قبل المريض فقط بل هو سلوك لدى الكثير من الأسر التي يصاب أحد أفرادها بالمرض النفسي فهناك الكثير من الأسر تجعل المرضى النفسانيين من أفرادها في بدروم البيت خوف من العيب وهذا يمثل قصوراٍ في وعي الأسرة وعدم إحساس بمعانات المريض النفسي.
وأردف الدكتور النعمان قائلاٍ: إن نسبة المصابين بالفصام في المجتمع اليمني يقدر بـ1%من السكان ومجانين الشوارع جزء من هذه النسبة وهي نسبة تسببها الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية غير المستقرة في اليمن كما أن عدد الأطباء النفسانيين في اليمن لا يتناسب مع عدد السكان حيث لا يوجد في اليمن سواء 50 طبيباٍ نفسياٍ لأكثر من 27مليون نسمة مع أن في الدول المتطورة تتراوح النسبة طبيب لكل 500 مريض أو 1000مريض.
موضحاٍ أن دور الأطباء في اليمن يقوم على تقديم الدواء والقيام بالعديد من الجلسات النفسية أما فيما يتعلق ببرامج الرعاية النفسية للمرضى فلا تزال غائبة حيث يحتاج المريض النفسي للبرنامج العمل والذي يتم فيه إدماج المريض في برنامج عمل في الزراعة أو أي عمل آخر يحصل فيه على لقمة العيش ويوفر فيه الأموال الضرورية لعلاجه وتحسين وضعه المعيشي.
ويؤكد الدكتور النعمان أن برنامج المشاركة ويقصد به أن يعمل المجتمع لإدماج المريض النفسي في المدرسة والجامعة والوظيفة.
وبرنامج الأسرة وكيف يكون دورها في رعاية المريض النفسي من قبل الزوجة والأبناء وإذا ماتوفرت هذه البرامج إلى جانب الدواء فإنها ستحقق نتائج إيجابية.
مشيراٍ إلى أن نسبة 50% إلى 60% من مرضى الفصام يشفون من المرض و20 % إلى 30% يتعرضون لانتكاسات بعد استخدام العلاج أما نسبة 10% لا يحقق العلاج معهم أي نتائج.
ويواصل أخصائي الأمراض النفسية والعصبية الدكتور نبيل النعمان حديثه حول غياب الثقافة لدى غالبية المواطنين حيث قال: لكن في العموم غياب الثقافة النفسية لدى الأسرة يؤثر على علاج المريض بمرض نفسي وهذا هو ما يسبب انتشار ظاهرة مجانين الشوارع بشكل ملفت وهنا أدعو الجهات المختصة وفي مقدمتها وزارة الصحة والحكومة باعتماد دعم وإنشاء مراكز نفسية تلم شتات المرضى النفسانين وأن يساهم القطاع الخاص في هذا الجانب وهناك جمعية للمرضى النفسانيين يمكن التنسيق معها في ما يساهم من تخفيف معانات المرضى النفسانيين وهنا نضع سؤال إلى متى سيظل يعاني المرضى النفسانيين طالما لم يلتفت أحد لمعاناتهم¿!