“التلفيق الإبداعي” في الفعاليات الاحتفالية..!!¿

-1-
تخيلوا معي هذا..
طفلة في السابعة.. يسبقها ثلاثة أشقاء في العمر والمدرسة لكنها تجاوزتهم.. الأولى على صفها..!
كانت مفاجأة العمر الكل أعد ابتهاجه للاحتفال بهذا الحدث الكبير.. النادر..
المدرسة أعلنت عن حفل تخرج خاص للأوائل..
الأسرة الصغيرة.. طيرت الحبر ملء تباشير العائلة والأصدقاء والجيران وانخرط الجميع بلا استثناء في حالة استنفار قصوى.. احتفاء بالملكة الصغرى.
 وسرعان ما سردت القوائم / بالطو التخرج.. فستان جديد وفريد مع ملحقاته ولوازمه.. وأهم الأهم: توثيق الحدث بأدق تفاصيله.. صوتاٍ وصورة.. الكاميرات: قديمها وحديثها.. تم إنعاشها سريعاٍ من سباتها الطويل.. تجريب جاهزيتها أفضى إلى توسيع رقعة الاستغاثة على خارطة العائلة ومن امتلك كاميرا فوتوغرافية أو فيديو.. أو لم يمتلكهما.. فهو مرحب به لحضور الحفل البهيج.. آخر الأسبوع.
-2-
ميقات الروعة.. كان عاشرة الصباح..
قبل تمامه بحوالي ساعتين.. كانت وفود النجوم مكوكبة بالأهل والأحباب.. تحجز أماكنها في حوش المدرسة.. الذي تم ترتيبه بما يتناسب مع كرنفال الفرح:
– خشبة مسرح متواضعة.
– مساحة صغيرة تفصل بين المنصة الذهبية وصفوف الكراسي مستقبلة الضيوف.. الذين تقدمهم فلذات أكبادهم.. ممن حصدوا مراتب الامتياز أو أوسمة الريادة.
– المكان عموماٍ.. ضآلة أحجام قياسات كثير من التفاصيل: المسرح – المسافة الفاصلة – زوايا أو أركان حول دائرة المهرجان.. عدها من عدها من أهالي الخريجين الصغار.. فسحة كافية بالكاد.. أو شبه ملائمة.. لتخليد لحظات أوائلهم.. إما منفردين أو محاطين بمن رافق فرحتهم: صغاراٍ وكباراٍ رغم ذلك.. وربما برغمه كله.. إلا أن الجميع تجاوز أشواك الاستفهام وغصص الحيرة.. بوعي أو بلا وعي.. ربما تأسيساٍ على مبدأ: الأهم يطغي على المهم.. أو هو انصياع للموروث الشعبي المتناقل بين الأجيال: على قدر حصيرتك مد رجلك..!
لذا فقد كان انجراف الحضور في طوفان المشاعر الجياشة والعواطف فياضة المنى لا محدوداٍ في صعوده وهبوطه.. جعلهم لحظتهم اللامنسية تلك يبلعون ما يغصون من تساؤلات حيارة.. ساكبها على فضولهم عدد من ملاحظات استرعت استغرابهم.. في مستويات تفاوت منسوبها بينهم.. تبعاٍ لنتائج التحليلات التي وجدوا أنفسهم غرقى برك من الاستنتاجات المكتومة طوال ميعاد المسرة شاسعة الآمال.. والتي امتدت زغاريدها حتى سطوع الظهيرة بجلاء وقوة..!¿
-3-
احتفاءيات التخرج.. على اختلاف المستويات العلمية.. تكاد تكون ولحد كبير ذاتها.. هي هي.. من حيث الشكل والمضمون كلمات تلقى.. فقرات فنية إما غنائية أو مسرحية.. إضافة إلى إبداعات لتقرأ بأي سياق كان.. بالإمكان في مقام كهذا أن تصبح مسموعة كالقصائد الشعرية مثلا.. وبعيداٍ عن كل ذلك البرنامج الترفيهي المثير.. قريباٍ من محتواه.. وهو الفقرات الغنائية.. والتي ربما هي أكثر ما يوحد بين حفلات التخرج.. لحد يجعل منها واحدة مكرورة مستنسخة وإلى درجة لا تصدق.. وعلى نحو لافت للغرابة حافل بالحيرة.. وذلك عندما نمعن النظر في نوعية تلك المواد الغنائية..  أيا كان مؤديها.. محترفاٍ أو من الهواة.. أحد الطلاب الموهوبين..من الخريجين المحتفى بهم أو متأخر عنهم أو سابق لهم من ذات قسمهم أو من آخر.. والمهم أنه معهم في ذات الصرح التعليمي.. وسواء كان الأداء بمعية فرقة موسيقية متنوعة الآلات.. أو فقط وترية كالعود أو القيثار.. ورفقة إيقاعي واحد أو أكثر..
وما بين إمتاع جمهور الاحتفائية أو إزعاجهم.. ثمة مسافة شاسعة لكن غامضة ومموهة من أذواق ونكهات واختيارات.. وهو ما تسعى هذه الأسطر إلى تبيانها ليسهل علينا استنطاقها بغية استيعابها.. كظاهرة لا بد من تفسيرها: مظهراٍ أو جوهراٍ..!!
-4-
ولأن أتوجه إليكم أنتم.. القراء الكرام.. من شاركوا في حفلات تخرج.. سواء نجوماٍ بين كواكبها.. أو ضيوفاٍ بين حضورها المتابع لفقراتها الكثار.. ثمة سؤال بسيط لنا كلنا: احتفائيات كتلك.. من بين موادها التي دلقت بين جدران قاعتها المهيبة.. لو تذكرنا الفنية منها.. خاصة الغنائية  التي أعدت وقدمت بهدف إطراب مستمعيها.. لو فرزناها ما ستكون حصيلتنا هنا..¿¿!
لابد أنها ستنقسم إلى اتجاهين: محلي / عربي.. أما لو قولبناها فسنتحصل على خليط ألوان.. سيطغى عليها العاطفي الرومانسي غالباٍ.. آخر النتاجات الفنية لمطربين كبار: يمنيين / عرب.. القليل من هؤلاء وكثير الكثير من أولئك.. إما على شكل مقطوعات منتقاة على نحو مختصر.. أو هي أغاني كاملة مكملة من أول حرف حتى آخر نغمة.. ومؤكد سيقاس أثر الأداء: نجاحاٍ وتميزاٍ برد فعل الجمهور.. حضور الاحتفائية.. فكلما كان متجاوباٍ متحمساٍ يشارك في الأداء: صوتاٍ وتصفيقاٍ – وربما إطلاق صفير الإعجاب – فهو مؤشر حقيقي على الاستمتاع والانسجام وربما الاندماج التام والعميق في مجريات النوتة المقدمة.. وعلى نحو باهر ولافت.. حتى وإن اختلطت المجاملات بالادعاء.. والصدمة بالانغماس..!!¿
-5-
النجاح الدراسي
مثله مثل موضوعات حياتية معاشة: أعياد مناسبات اجتماعية – وطنية – دينية – أحداث – شخصيات لكنه – أي موضوع النجاح – مازال يعاني من مفارقة فعلاٍ صادمة إلى حد اللامعقول: موضوع حيوي دائم / متجدد.. لكنه موضوع مهمل / منسي.. حيث لم يلق أدنى رواج.. لا مناسب ولا مقنع.. ولا حتى كافُ.. من قبل صناع الفعل الثقافي / الفني: شعراء ومطربين.. مأساة وبلية كهذه.. لو نقبنا عن أسبابها ومسبباتها فستختصرها الشماعة المألوفة: الجمهور عايز كده.. ما يجعل نتاج معظم –إن لم يكن كل– مطربينا يتسم بالسطحية.. من حيث تراوحه بين الانسياق للتراث الغنائي القديم.. وبين الانصياع للحاصل و المتوفر الذي يقدمه الشعراء لهم.. والحصيلة: المزيد من إعادة الماضي.. غالباٍ بصورة مشوهة تفتقر لروح الإبداع والتجديد من ناحية.. ومن أخرى.. الانغماس اللامسؤول في تجارب عقيمة لا تخلو من ظلال سرقة ملكية الغير والتقليد والاجترار الذي لا يرضي إلا ثلة آنية.. تصادف إحاطتها بحياة المطرب.. الذي تأسره لحظات الفعالية مؤقتة.. لا خير فيها من التتويج بزمردها الزائف ما دامت أساساٍ مدفوعة الثمن.. إطارها ضيق كفاية للتنازل نسبياٍ عن بضعة مبادئ جوهرية.. هذا طبعاٍ إن كان ثمة مبادئ ما.. يؤمن بها سيادة المطرب المبجل.. أو حتى يعتنقها في ممارسته إبداعه..!!
-6-
هكذا إذن.. لأننا في زمن ارتخاء المفاصل الإبداعية ربما.. نجد أن أضواء الشهرة هي الدرب والغاية عن كثير من الفنانين الذين تغريهم الهالات التي يحصلون عليها.. دون وعي من غالبيتهم أنها مجرد أمجاد سريعة التفجر.. تماماٍ كما فقاقيع المياه الغازية.. التي ما أن تفور حتى تغور نهائياٍ..!¿
غياب الوعي بالعملية الإبداعية.. وندرة الرؤية الفنية.. وغير ذلك عوامل أساسية أوصلتنا إلى حالة عبثية لا معقولة دائمة التكرار بفجاجة منقطعة الاستخفاف بعقول الكثير: الخريجين – الحضور – المنظمين..!!
ولا تجد لنفسك حينئذ من تعزية وسلوى سوى ترديد المأثور الشهير:”شر البلية ما يضحك” وكيف لا وأنت عن قرب تشهد – أو تستشهد لا فرق – ذروة اللامسؤولية في إحدى المدارس الأهلية.. وتحديداٍ في احتفاليتها البراقة التي دعت إليها العشرات وربما المئات من أولياء أمور طلابها وغيرهم.. ليتشرفوا بحضور حفل تخرج كوكبة من تلاميذها وتلميذاتها.. ممن هم في مرتبة البراعم الابتدائية الأولى.. فترة عن قرب وتسمع بعمق.. مدى ما أهرقوا من جهود ومساع في الإعداد والترتيب والتنظيم لحفلهم البهي.. والذي تحاشد بشتى الأنغام الموسيقية.. صاخبة الإيقاع مبتكرة الأداء الصوتي لمطرب هاو – وربما شبه هاو – فكر ودبر ثم نفذ فأزعج الأسماع بسوء اختياراته العجفاء.. وعلى نحو لا يصدق بالمرة.. وماذا..¿! في حفل تخرج.. كيف..¿¿!!
تابعوا معي باقة مشوهة من ألف بستان انهالت على الحضور..
ساعة الرحمن ذلحين..طلع البدر علينا
صبوا القهوة وصبوا الشاي .. يا أبو زيد .. مرحيب بك يا الطيب الأصلي.. قمرين .. ويلوه.. ويلوه.. شلو لكم صنعاء مع الأراضي .. صنعاء اليمن ثانية ..الخ.

قد يعجبك ايضا