الهوية الإيمانية للشعب اليمني.. تاريخ مشرف من الثبات والوعي والمسؤولية

الثورة نت /..

يتميز الشعب اليمني عبر تاريخه بهوية إيمانية متجذرة، تشكلت ملامحها من نور القرآن الكريم، وارتوت من هدي السنة النبوية الصحيحة للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أصبحت هذه الهوية سمة أصيلة في وجدان اليمنيين، لا تنفصل عن حياتهم اليومية ولا عن مواقفهم في المنعطفات التاريخية.

لقد حظي اليمن بمكانة خاصة لدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأكدها بقوله: “الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية”، وهو توصيف عميق يعكس طبيعة أهل اليمن، فلم يكن الإيمان مجرد انتماء عقائدي، بل حالة وعي ومسؤولية، تُترجم إلى أخلاق، وتضامن اجتماعي، وتمسك بالحق، ورفض للظلم والانحراف.

وشكّل القرآن الكريم على الدوام المصدر الأول للهوية الإيمانية للشعب اليمني، حيث ظل حاضراً في تفاصيل الحياة اليومية، من المساجد وحلقات العلم، إلى البيوت والمناسبات الاجتماعية، كما مثّلت السنة النبوية الصحيحة الإطار العملي لفهم الدين وتطبيقه، بما تحمله من قيم الرحمة، والعدل، والتواضع، وتحمل المسؤولية.

ولم يكن هذا الالتزام التزاماً شكلياً أو موسمياً، بل التزاماً واعياً انعكس في نمط الحياة، وفي طبيعة العلاقات الاجتماعية، وفي المواقف المصيرية التي اتخذها اليمنيون عبر مختلف المراحل التاريخية، فالإيمان في الوجدان اليمني كان ولا يزال عامل توحيد، ومصدر استقرار نفسي وأخلاقي، وركيزة أساسية لمواجهة التحديات.

وتحظى المناسبات الدينية في اليمن بمكانة خاصة، باعتبارها محطات إيمانية وثقافية لإحياء القيم، وتجديد الارتباط بالله ورسوله، واستحضار النماذج المشرقة، وتعد ذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام إحدى هذه المناسبات، بما تحمله من دلالات عميقة تتصل بالهوية، والقدوة، وبناء الإنسان.

فالاحتفاء بميلاد الزهراء عليها السلام لا يُنظر إليه اليمنيون على أنه مناسبة احتفالية فحسب، بل محطة تربوية وثقافية لتسليط الضوء على مكانة المرأة في الإسلام، ودورها المحوري في بناء الأسرة والمجتمع، وعلى النموذج الأسمى الذي قدّمته بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حياتها وسلوكها ومواقفها.

كما أن الاحتفاء بميلاد السيدة فاطمة الزهراء فرصة للوصول إلى جوهر الرسالة التي مثّلتها باعتبارها نموذجاً إنسانياً وإيمانياً فريداً، جمع القدوة في العبادة الخالصة، والنموذج في الوعي والبصيرة، والمثال في الصبر والثبات، والمسؤولية الاجتماعية، والدور الأسري العظيم، فقد كانت مثالًا للمرأة المؤمنة الواعية، التي أدركت دورها في حفظ الرسالة، والدفاع عن القيم، وبناء الإنسان الصالح.

وقد تجسّدت في شخصية فاطمة البتول أسمى القيم التي يجد فيها اليمنيون، رجالًا ونساءً، مصدر إلهام في مواجهة التحديات، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ومن هنا، تحضر الزهراء في الوجدان بوصفها رمزاً للثبات الإيماني، والنقاء الروحي، والالتزام الرسالي.

فالمرأة اليمنية، المستلهمة من سيرة الزهراء، تؤدي دوراً محورياً في ترسيخ الهوية الإيمانية داخل الأسرة والمجتمع، فهي الأم التي تزرع في نفوس أبنائها حب القرآن الكريم، وتعلّمهم الاقتداء بسيرة النبي وآله الأطهار، وتغرس فيهم قيم الصدق، والعدل، والكرامة، والثقة في الله والتوكل عليه والاعتزاز بالهوية الإيمانية، ومن هذا الدور الأسري تنطلق اللبنات الأولى لبناء مجتمع مسلم متين، لا تهزّه الفتن، ولا تضعفه المؤامرات.

وقد أثبتت المرأة اليمنية، عبر مختلف المراحل، أنها شريك فاعل في بناء المجتمع، وحفظ تماسكه، وتعزيز وعيه، مستمدة قوتها من إيمانها، ومن اقتدائها بالنموذج الفاطمي الذي جمع بين العطاء الأسري والمسؤولية الاجتماعية.

وفي ظل التحديات الفكرية والثقافية التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم، تزداد أهمية التمسك بالهوية الإيمانية، والعودة إلى النماذج الأصيلة التي جسّدت الإسلام في أنقى صوره، وقد أثبت الشعب اليمني، برجاله ونسائه، أن تمسكه بالقرآن ليس مجرد انتماء ديني، بل مشروع حياة، ومصدر قوة، وعنوان صمود.

وتبقى الهوية الإيمانية للشعب اليمني عنوانًا للعزة والكرامة، ويبقى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام محطة نورانية، تُذكّر الأمة، وفي مقدمتها المرأة، بدورها العظيم في حفظ الدين، وبناء الإنسان، وصناعة مجتمع متماسك، يسير على هدي الله ورسوله، ويستلهم من الزهراء طريق النقاء والعطاء والبذل والتضحية.

سبأ

قد يعجبك ايضا