الشرجبي:
نريد دولة بسيطة بصلاحيات مالية وإدارية كاملة
الباحث القوسي: الأقاليم هروب من تطوير اللامركزية وحل المشكلات التنموية
د.الزنداني :
الأقاليم بالولايات أقل كلفة وأفضل تأهيلاٍ
د.المقطري:
أي حل خارج التوافق الوطني لن يكتب له النجاح
● سياسيون وأكاديميون ومفكرون يرون أن فكرة تقسيم اليمن إلى أقاليم.. ظلت فكرة ملتبسة في الاتفاقات الموقعة سواء مخرجات مؤتمر الحوار او إتفاق السلم والشراكة.. فهناك من يؤيدها وهناك من يرفضها..وفي كل الأحوال اعتبروا القرار أهم وأخطر القرارات التي تتعلق بمصير اليمنيين جميعا وينبغي أن لا يخضع لأي تحيز أو مساومات سياسية أو مكايدات حزبية.. مزيدا من الرؤى حول الموضوع في الاستطلاع التالي:
.الدكتور بكيل الزنداني, رئيس قسم العلوم السياسة بجامعة صنعاء, يرى أن تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم عملية مكلفة ستدخلنا في كثير من اللغط والخلافات وهذا ما وصلنا إليه اليوم وأنا أقول إذا كانت الفيدرالية شراٍ لابد منه فيجب أن نذهب إلى الأقاليم بالولايات على مستوى العاصمة الفيدرالية و22 ولاية حيث هي الأقل كلفة والأكثر تأهيلا وبالتالي لن ندخل في صراعات بل سيكون هناك نوع من التكامل والانسجام.
وقال :لكننا اليوم في موضوع الأقاليم دخلنا في صراعات نحن في غنى عنها حيث أصبح الحديث عن الأقاليم يأخذ طابع المذهبية والطائفية والمناطقية والجهوية وهذا خطير جدا على وطن عاش على التسامح والإخاء مما سيجعله يدفع ثمنا مكلفا للغاية.
وأضاف الزنداني :على المكونات السياسية الموجودة ومنظمات المجتمع المدني أن تدرك بأنه لابد علينا أن نغير هذا المفهوم وأن اليمن فوق كل هذه المهاترات.
هروب من الحقيقة
* عبدالرحمن القوسي باحث, يرى أن فكرة الأقاليم وتغيير شكل دولة الجمهورية اليمنية ودستورها هو عنوان للهروب من الإشكاليات الحقيقية التي يعاني منها الشعب اليمني في أداء أجهزة الدولة والقائمين عليها وما يعانيه من حجم الفساد والظلم ونهب الثروات والاستئثار بالسلطة من قلة متنفذة وما فكرة الأقاليم إلا انقلاب على مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة وهذا من أخطر القرارات سياسيا على البلد.
وذهب الى أن الخلاف على الأقاليم أو المحافظات أو المخاليف أو أي مسمى للوحدات الإدارية ماهو إلا لصرف الأنظار عن المشكلات الحقيقية وفي نفس الوقت الذهاب بعيدا عن الغرض من تطوير اللامركزية الإدارية لتأسيس مكونات لها مواصفات الدويلات والكنتونات وهذا مشروع مستقبلي نحو تقسيم اليمن.
وتابع :وعليه فلا حل إلا بالوقوف أمام الاستحقاقات الشعبية بتنمية الموارد وسلامة إنفاقها باتجاه التنمية الشاملة والعادلة وفق الاحتياجات السكانية أفقيا ورأسيا وانجاز العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الحقيقية والإصلاحات المالية والادارية ومحاسبة المفسدين وفق الآليات القانونية وعبر القضاء وإجراءاته العادلة النزيهة غير المسيسة والوقوف أمام استعادة هيبة الدولة ولملمة شتات القوات المسلحة والأمن وإنهاء المظاهر المسلحة وتجريم أي مليشيات مسلحة خارج إطار الدولة ومؤسساتها.
رغبات سياسية
* الدكتور محمود البكاري أكاديمي يقول: أعتقد أن الغاية الأساسية التي يجب ان يسعى الجميع لتحقيقها هي تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لا إرضاء النزوات والرغبات السياسية لهذا الطرف أو ذاك بمعنى أن الهدف يجب أن يكون اقتصادياٍ تنموياٍ بالدرجة الأساسية وهذا ما نفتقده بعد طغيان كل ماهو سياسي على كل شيء .
وحسب تحليله فان كل المؤشرات تدل على أن القوى السياسية تعاملت مع موضوع الأقاليم ونظرت وتنظر إليه من منظور سياسي لهذا تعثرت عملية إقرار التحول إلى نظام الأقاليم وبالتأكيد فان البديل ليس الإبقاء على حالة المركزية الشديدة أو المفرطة أو استمرار الصراع.
مؤكداٍ على ضرورة تصويب وجهات نظر القوى السياسية لموضوع الأقاليم فنجاح موضوع الأقاليم بحاجة إلى إرادة سياسية ووطنية جامعة تدفع بهذا التحول نحو النجاح بمعنى أن يكون هناك رضا سياسي وشعبي عام بهذا التحول وذلك لإحداث التطور المنشود وبدون هذا الاقتناع فان موضوع الأقاليم سيتحول إلى بؤرة جديدة من بؤر الصراع ليس في مرحلة إقراره أو المرحلة الراهنة ولكن حتى في حال إقراره في المرحلة المستقبلية حيث سيصار إلى إعادة إنتاج بؤر الصراع ومراكز القوى المتصارعة على السلطة في المراكز حاليا بل والثروة في نطاق الأقاليم.
ويرى ضرورة أن يترافق التحول نحو نظام الأقاليم مع بروز خارطة سياسية حداثية مدعومة من القوى المجتمعية المستفيدة من هذا التحول وبخاصة فئة الشباب التي عانت من التهميش وغياب أي دور فاعل لها في الحياة العامة وذلك لصالح مراكز القوى المسيطرة على السلطة والثروة كي يبقى البلد موحدا بعيدا عن المهاترات السياسية وتمزيق البلد.
خيارات عديدة
* عكس ذلك يعتقد الدكتور حميد اللهبي -مفكر وباحث وخبير في القانون الدولي وحقوق الإنسان أنه لطالما قد تم التوافق على أن شكل الدولة هو الشكل الاتحادي فيمكن أن يكون هناك عدة خيارات لشكل الدولة الاتحادية الجديدة حسما للخلاف وهو إما أن تشكل الدولة من إقليمين شمالي وجنوبي أو شرقي وغربي ويقسم كل إقليم إلى عدة ولايات أو دولة اتحادية والإبقاء على التقسيم الحالي للمحافظات وتحويلها إلى ولايات. وهذا الخيار هو ما تبنيته في مشروع الدستور الذي أعددته عام 2012م.
وأضاف بالقول : وإذا لم يتم التوافق على عدد الأقاليم تحدد عدة خيارات لعدد الأقاليم ويتم الاستفتاء عليها شعبيا بطريقة علمية ومنهجية وأي الخيارات يحصل على أغلبية يكون هو المعتمد ويتم تضمينه في الدستور الجديد .
محذراٍ من أن التوافق على الدولة الاتحادية بنص الدستور وترك مسألة تحديد عدد الأقاليم للقانون كما يطرح البعض سيعد خطأ استراتيجياٍ آخر لأنه مجرد ترحيل المشكلة القائمة إلى ما بعد اعتماد الدستور وبالتالي فإن الخلاف سيظل متأججا عند إعداد القانون.
اعتراضات وعدم حسم
ومن وجهة نظر أخرى يوضح الدكتور عدنان ياسين المقطري أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة صنعاء أن قضية الأقاليم لم تنشأ في الأساس إلا من فكرة أساسية وهو التحول نحو الدولة الاتحادية لإنهاء مركزية السلطة وسوء استخدامها ولضمان التوزيع العادل للثروة وقد تجلى ذلك في إجماع كافة المكونات السياسية الممثلة في مؤتمر الحوار الوطني على تبني شكل الدولة الاتحادية للدولة الجديدة لكن مؤتمر الحوار لم يحسم أهم قضية وهي تحديد عدد الأقاليم وتم تفويض رئيس الجمهورية حينذاك بتشكيل لجنة تحديد الأقاليم والتي تكونت من كافة القوى السياسية.
وتابع المقطري :لكن قرار اللجنة وبالسرعة الذي تم والقاضي بتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم قد أثار اعتراضات بعض القوى السياسية الذين لهم تمثيل في لجنة تحديد الأقاليم التي من آلية عملها اتخاذ قرارها “بأعلى درجة ممكنة من التوافق”. لكن تلك الاعتراضات لم تستمر حتى موعد الانتهاء من صياغة مسودة الدستور لتتحول بعدها قضية الأقاليم إلى ورقة يتم استثمارها سياسياٍ دون إبداء أسباب حقيقية لرفض فكرة الأقاليم أو تقديم تصور بديل وواضح.
مشيرا إلى أنه كان من الممكن إبداء الاعتراضات على مسودة الدستور أو موضوع الأقاليم بأكثر من طريقة عبر الضغط الشعبي أو عبر الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات مؤتمر الحوار لكن الأمور أخذت طريقاٍ آخر عْدت انقلاباٍ على مخرجات المؤتمر الوطني وانحرافاٍ بمسار العملية السياسية وإعاقتها.
لا حلول خارج التوافق
ويواصل الدكتور المقطري بالقول : لقد أيدت الكثير من المحافظات الأقاليم التي انبثقت من قرار رئيس الجمهورية الأمر الذي يؤكد على عدم وجود اعتراض شعبي عليها. لكن قضية بهذا الحجم لابد من التوافق السياسي حولها بعيداٍ عن هيمنة قوة سياسية معينة على المشهد السياسي ولابد من الأخذ والرد فيها من خلال مناقشة مسودة الدستور في إطار الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي من الممكن أن يعاد تشكيلها وبشكل متوازن من كافة القوى السياسية لتنتهي من مهمتها الأساسية في مراجعة مسودة الدستور ليعكس مخرجات الحوار الوطني ومن ثم عرضه على الشعب للاستفتاء عليه ما لم فإن أي حل خارج التوافق الوطني لن يكتب له النجاح.
الأقاليم كارثة
* الكاتب والمحلل السياسي عارف الشرجبي وعضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام يقول: إننا ندرك جميعا أن موضوع تقسيم اليمن الى أقاليم لم يكن أصيلا في نقاشات مؤتمر الحوار الوطني منذ انطلاقته الأولى في 18-سبتمبر 2013م ولم تكن ضمن رؤى أطروحات الأحزاب والمكونات السياسية المتحاورة ولم يكن أيضا ضمن بنود المبادرة الخليجية المتعلقة بحل الأزمة السياسية التي نشأت بداية 2011 م وإنما حْشرت (الأقلمة) ضمن مخرجات الحوار الوطني في أيامه الأخيرة.
ويرى أن تقسيم اليمن إلى أقاليم سيكون له نتائج كارثية على اليمن أرضاٍ وإنساناٍ وهي حالة ستكرس مزيدا من التمزيق في نسيج المجتمع اليمني وتفكيكه إلى كنتونات ودويلات صغيرة متناحرة ولعل أخطر مايتعلق بالأقاليم إعطائها مؤسسات برلمانية بصلاحيات تشريعية والتي سيكون لها عواقب وخيمة في تضارب التشريعات في الأقاليم والدولة المركزية نحن في غنى عنها خاصة وأن الشعب اليمني متجانس وموحد فكريا وعقائديا وثقافيا وتاريخيا .
وختم حديثه بالقول: بالتالي من الجرم أن تمنح الأقاليم برلمانات تشريعية في حال تم إقرار الأقاليم التي أرى أنها مقدمة لتمزيق اليمن مناطقيا وطائفيا وثقافيا واجتماعيا وعلى كل حال اقترح أن تظل اليمن دولة بسيطة من 23محافظة بصلاحيات مالية وإدارية كاملة تنهي المركزية الشديدة التي نحن عليها اليوم.