النفاق يقتل أطفال اليمن وغزة

وديع العبسي

 

 

يستمر العالم في النفاق وتمجيد أيام عالمية كعناوين يحاولون من خلالها ترسيخ ثقافة تمايز دول العالم في درجات، منها ما تأتي في المرتبة الأولى ومنها النامية ومنها المتخلفة، والنفاق في إحياء الأيام العالمية يبرز من محاولة الإحياء بالإقرار والعمل بمدلولاتها التي تعني دائما الحقوق والدفاع عن الفئات الضعيفة حول العالم، ثم ظهور حالة التعارض بين ما تزعم دول المستوى الأول قناعتها بها وبين ترجمة هذا القناعة فعلياً في الواقع. على أن الأهم وبعيدا عن هؤلاء الغُثاء، هو المنظمة الأممية التي يفترض أنها المطلة الراعية والمدافعة عن مجموعة القيم التي تحملها هذه التي تسمى أيام عالمية.
والأسبوع الماضي مرّت علينا مناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، وكالعادة خرجت الأمم المتحدة بمناحتها السنوية لتتحدث عن واقع الطفولة المزري في مناطق الصراع، وعن ضرورة إعمال القانون الدولي والقوانين المتعلقة بحقوق الطفل، بما يضمن عدم تعريض هذه الفئة للخطر لو الانتهاك في مختلف احتياجاتها.
مع ذلك لم تعد بيانات الأمم المتحدة ومشتقاتها من كيانات أممية توزعت في ما بينها الأدوار والتخصصات، تتمتع ولا بنسبة 1% من المصداقية ومثله من ثقة العالم، باستثناء قوى الغطرسة والاستكبار ومصاصي دماء الأطفال، وحين يتجرأ كائن صهيوني وينتهك حرمة هذه المنظمة الدولية ويقوم بتمزيق ميثاقها من على منبرها وأمام قادة وزعماء وباطرة دول العالم، ثم لا تقوى على فعل شيء ندرك أنها ليست إلا جزء شكلي من واجهة النظام العالمي.
ورغم بياناتها التي تصف حالا مزريا لحقوق الطفل في مناطق الصراع، إلا أنه لم يحدث أن حركت ساكناً ولا لمرة واحدة ضد الانتهاكات المستمرة بحق الأطفال والنساء والمدنيين في فلسطين واليمن.
ومع أنها تحاول تحاشي الحديث عن استهداف مباشر بآلة القتل الأمريكية، إلا أنها لا تسطيع إخفاء حقيقة الآثار الكارثية لحروب أمريكا و«اسرائيل» في المنطقة، التي يعيشها أطفال غزة وأطفال اليمن، فتدمير المنازل والمدارس وأماكن الترفيه وكل شيء مدني كان يطاله العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي خلال السنوات الماضية، انعكس على مستوى كل الحقوق التي يتحدثون عنها، وصارت مراكز الرصد والتوثيق تسجل تصاعداً لأرقام الانتهاكات في هذه الحقوق المهدرة وبشكل مخز لكل المجتمع البشري.
استشهد في غزة أكثر من (20) الف طفل خلال العدوان الصهيوني المتواصل منذ اكثر من عامين، وفي اليمن كانت أمريكا ولا تزال تقود تحالف عدواني، لتضرب عبثاً كل شيء، وتقتل ما يقارب الـ (5) الأف طفل، ضف إلى ذلك آلاف الإعاقات، وآلاف من فقدوا عائلهم وآلاف من اضطروا إلى ترك الدراسة والانخراط في سوق العمل، وآلاف من لا زالوا يعيشون في مخيمات النازحين، فعن أي يوم عالمي يتحدثون ويحتفلون؟!
مع أمريكا والكيان الصهيوني كل شيء مباح في عرف الأمم المتحدة، لذلك فإن تسببهما بكل هذا الامتهان والسقوط الأخلاقي بقتل الأطفال بشكل مباشر أو غير مباشر لا يقابل بأي موقف عملي يجبرهما على احترام العالم والقوانين الدولية الناظمة لعلاقات الدول.
وليس صحيحاً الحديث عن أن سقوط ضحايا من الأطفال في غزة أو اليمن كان «أعراضاً جانبية»، فقياس هذا الأمر لم يُعجز دول العالم حين اجتمعت وأقرت القوانين والمبادئ الدولية عن استيعابه ومن ثم إقرار تلك المبادئ كقواعد دولية ثابتة، بالتالي فأن ما يجري من استهداف للطفولة في المنطقة العربية والإسلامية لا يخرج عن اعتباره استهداف مباشر، فهو بالنسبة للقتلة ومصاصي دماء الأطفال والشعوب جزء من المؤامرة. ألم يقل ترامب في مجلس النواب الأمريكي موجها حديثه لـ«إسرائيليين»، لقد أعطيناكم أسلحة نعرفها وأسلحة لا نعرف حتى أسماءها وقد أحسنتم استخدامها!!

قد يعجبك ايضا