في الذكرى المباركة لأولى للعمليات البحرية اليمنية والسيطرة على السفينة الصهيونية جالكسي ليدر، نقف اليوم وقفة شموخ وإيمان، وقفة نزداد منها يقينًا أن هذا الفعل ما كان مجرد مغامرة ولا مجرد حدث عابر، بل كان نتيجة استشعار لواجبٍ المسؤولية واستجابة لنداء أمر به الله سبحانه وتعالى، وقوفًا في صفّ عباده المقهورين الذين غمرهم الظلم وأغلق العالم كل أبوابه في وجوههم.
لقد رأى اليمن ما يجري في غزة من مآسٍ يندى لها جبين الإنسانية في جريمة هي الأبشع على مر العصور وصفها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله ورعاه بأنها (جريمة القرن)، رأى الأطفال تُدفن تحت الأنقاض والبيوت تُسوى بالأرض، ورأى أمة المليار تتفرّج صامتة وحكومات خانعة تستجدي حالة الرضا من الأمريكي وأدواته الرخيصة، ورأى العالم كلّه يتهرب من مسؤوليته، ويقف عاجزا عن أن يتخذ موقفا على مجازر لا ترضاها شريعة ولا دين ولا إنسانية.
ورأى أن المبادئ والقيم والتي كان عليها أن تكون حاضرة قد خذلت غزة.. فعز على بلد الإيمان والحكمة أن يقف متفرجا ماضيا وكله ثقة بوعد الله ونصره خلف قيادته الحكيمة المتمثلة في شخصية السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله ورعاه، الذي عز عليه أن يصمت أمام هكذا إجرام، ماضيا مع شعبه العظيم بكل رباطة جأش في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس ، فتحرك الشعب مع قائده العظيم في معركته المساندة لمظلومية غزة الجريحة ، وصدق قول الله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾.. فلبّى اليمن النداء وحمل البحر على كتفه كأنما يمشي إلى صلاة.
هناك، على الموج، تجلت عدالة السماء وجاء الحق ليزهق الباطل، فكانت عناية الله وكان نصره مرسومًا على صفحة البحر قبل أن تتحرك الزوارق، لأن الله لا يخذل من ينصر الضعفاء، ولا يخيّب أمةً رفعت راية المستضعفين حين أسقطها الجميع.
ومن هنا جاء التأييد.. ومن هنا جاء الانتصار.. ومن هنا تهاوت بوارج الأعداء وأصبحت السفن واحدة تلو الأخرى غنيمة للمجاهدين الأحرار … لأن اليمن تحرك من موقف الدفاع عن المستضعفين ولم يخرج للدفاع عن نفسه، بل قاتل من أجل أمةٍ جُرحت، وعن غزة التي سُفك الأعداء دماؤها عنوة على مرأى ومسمع العالم الذي يشاهد وكأنه لا يعنيه
وما نذكر هذه الأيام إلا ونذكر الرجال الذين حملوا هذا الدور العظيم، وفي مقدمتهم الشهيد المجاهد عبدالملك إسماعيل الطالبي، ذلك الأسد الذي كان من رجال العملية الأولى، ثم عاد مشاركًا في العملية الثانية حتى ارتقى شهيدًا في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر .
إننا اليوم لا نُمجّد سفنًا أُوقفت، ولا عملياتٍ نُفّذت، بل نُمجّد قانون الله في الأرض: إن النصر يُعطى لمن ينهض لنصرة المظلوم، وأن القوّة تُوهب لمن يحمل راية العدل،
وأن اليمن إنما نُصر لأنه وقف حيث خاف الجميع، وتحرّك حين سكت العالم.
فسبحان من أيّد ونصر، وسبحان من جعل من اليمن جندًا غالباً يتحرك ولازال لنصرة المستضعفين، فاختصّه من بين الأمم لنيل هذا الشرف العظيم.
