أكد رئيس مجلس الوزراء خالد محفوظ بحاح أن الحكومة ستتخذ مواقف جدية وشفافة ومسؤولة في التصدي لكل حالات وشبهات الفساد في اليمن مهما كانت مشدداٍ على أنها لن تتسامح إطلاقا مع كل من يثبت عليه ارتكاب ممارسة فساد مهما كان موقعه الوظيفي أو القيادي داعيا في الوقت نفسه إلى كشف المعلومات عن الفاسدين وعدم حجبها لتتم مساءلتهم بشفافية أمام الجميع.
ولفت رئيس مجلس الوزراء لدى تدشينه أمس بصنعاء مشروع تعزيز المْساءلة في اليمن والذي ستنفذه على مدى ثلاث سنوات الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بالتعاون مع منظومة النزاهة الوطنية بتمويل من البنك الدولي, إلى أن مشروع تعزيز المساءلة يجسد عمق الشراكة القوية والمؤثرة بين اليمن والبنك الدولي وينهض بواحدة من أهم استحقاقات بناء دولة القانون والذي من شأنه أيضا أن يرسي أسس النزاهة في الوظيفة العام ويرتقي بأداء المؤسسات الحكومية ويعظم عوائدها وخدماتها للمجتمع
وأضاف :”لا شيء يغطي على الفساد في اليمن أكثر من حجب المعلومات وعدم تداولها بين الناس وهو أمر يعيق المساءلة والشفافية بكل وضوح مشددا على أن من أولويات الحكومة إرساء مبادئ الحكم الرشيد والمساءلة هي واحدة من الدعائم الأساسية للحكم الرشيد.
وشدد على أن تحقيق مبدأ المساءلة لن يتحقق بصورة مثلى ما لم يكن مستندا إلى معلومات متاحة للجمهور وللباحثين والمهتمين ولكل من يرغب في إعمال المساءلة وفقا لما هو منصوص عليه في قانون الحصول على المعلومات.
وحيا بحاح الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد على هذا المشروع الطموح وأشاد بالقائمين عليها وبالقدر نفسه بالشراكة القائمة بين الحكومة والمجتمع المدين, معتبرا هذا المشروع اختيارا موفقا من حيث القضايا التي يعاني بها ومن حيث الجهات التي يفترض أن تشكل تكتلا صلبا في تجسيد مبدأ المساءلة وتحويلها إلى ثقافة عامة وسلوك أصيل يضبط إيقاع الممارسات الإدارية والمالية في إطار الوظيفة العامة .
وأضاف بحاح : إن الحكومة وعلى مدى ثلاث سنوات قادمة تريد لهذا المشروع أن يكون فعلا مؤسسيا لتحول حقيقي في السلوك العام المنضبط في المحال الذي ينشغل به في دعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ودعم تنفيذ قانون الحصول على المعلومات وهذا لن يتم إلا إذا اهتم المشروع ببناء القدرات النوعية القائم على الاختيارات السليمة للأفراد والكفاءات المستهدفين سواء في مؤسسات الدولة أو في مؤسسات المجتمع المدني بعيداٍ عن المعايير الأخرى السلبية التي وارثتنا كل هذا الإخفاق في الأداء.
وقال: ” لقد كنتم موفقين جدا في هذه المزاوجة بين جهود مكافحة الفساد وتعزير حقوق المواطنين في الحصول على المعلومات فلا شيء يغطي على الفساد أكثر من حجب المعلومة وعدم تداولها بين الناس ولا شيء يرسخ من جذور الاستبداد سوى الحجب المتعمد للمعلومات وعدم إتاحتها لأنه لا يمكن بأي حال تحقيق مبدأ المساءلة إذا لم يكن ذلك مستندا إلى معلومات متاحة للجمهور وللباحثين والمهتمين ولكل من يرغب في إعمال المساءلة وفقا لما هو منصوص عليه في قانون الحصول على المعلومات”.
وأضاف : إن الحكومة تدرك جيدا أن نقطة الانطلاق الرئيسية نحو تحسين الأداء وتحقيق النمو تبدأ من الإدارة الكفؤة والتوظيف الأمثل للموارد المتاحة والمحدودة ولهذا نعي أن ذلك لن يؤتي ثماره ما لم نعمل بشكل جاد على تطويق ومكافحة الفساد وتجفيف منابعه.
مؤكدا أن الأطر المؤسسية المعنية بمكافحة الفساد هي وحدها دون غيرها الحكم والفيصل في هذه الحالات ما يحتم ضرورة تحويل قضايا الفساد بوقائعها وأدلتها إلى الجهات المختصة لتقول كلمتها فيها.
معتبرا أن أية مكافحة للفساد بعيد عن الأطر المؤسسية المعنية لن تجدي نفعا بقدر ما ستكرس الفوضى وتشرعن لممارسة الفساد واستغلال المفسدين لهذه الثغرة للتسلل منها وممارسة عبثهم ونهبهم لمقدرات الوطن وأبنائه.
وقال: إن الحكومة تعمل على جبهات متعددة والتحديات الماثلة أمامها لا تحصى فهي تحديات متعددة الأبعاد وأكثرها تعقيدا في نظري ضعف المقومات الحقيقية لتأسيس حكم رشيد في ظل حالة التسيب وغياب المساءلة الذي يشكل بيئة ملائمة لازدهار الفساد.
مضيفا أمام الحكومة كما تعلمون تحديات معقدة أخرى اقتصادية وأمنية فضلا عن تحديات الانتقال السياسي الذي يرتهن بالضرورة لحالة الاستقرار النسبي الذي نأمل أن يزداد ترسخا وصلابة خلال الفترة القادمة.
ودعا جميع الأطراف السياسية دون استثناء إلى التعبير عن نوايا وأعمال صادقة تجاه هذا الوطن ومصالحه العليا وان يظهر الجميع مستوى عالياٍ من المسؤولية تجاه امن واستقرار اليمن والدفع بجهود الانتقال السياسي وبناء مؤسسات الدولة الاتحادية والكف عن الأنانية السياسية التي تحشرهم في زوايا ضيقة وتجعلهم اسرى الحسابات الضيقة لأن الوطن أحوج ما يكون اليوم إلى جهود الجميع والى مساهمة الجميع والى تضحيات الجميع.
من جانبها أكدت القاضية أفراح بادويلان رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الحرص والعزم على إنجاح مشروع المساءلة والشفافية وتذليل كافة الصعوبات والمعوقات التي تعترض نجاحه.
وأكدت أن مشروع تعزيز المساءلة والشفافية يمثل انطلاقة وثابة وحقيقية للجهد الدولي في مكافحة الفساد وتجسيدا واضحا للتكامل والشراكة بين الهيئات والمؤسسات الرقابية ومنظمات المجتمع المدني وبين المنظمات الدولية المانحة وإعمالا لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في محورها المتعلق بالتعاون الدولي وإسنادا نوعيا ودعما لوجستيا نحو مستقبل تتعزز فيه قيم الشفافية ومبادئ الحكم الرشيد في اليمن لاسيما وأن المشروع يأتي ليضع في صلب اهتماماته الجوهرية والاستراتيجية العمل على تحسين قدرة مؤسسات المساءلة والمستهدفة من اجل توفير الوصول إلى المعلومات وتحسين إنفاذ قانون مكافحة الفساد.
ورحبت بما تضمنه برنامج حكومة الوفاق من إجراءات لمكافحة الفساد, مثمنة مبادرتها الوطنية في تقديم الإقرارات بالذمة المالية التزاما بأحكام القانون رقم 30 لسنة 2006م بشأن الإقرار بالذمة المالية.
وأكدت أن مشروع تعزيز المساءلة والشفافية سيكون له الأثر الكبير في دعم جهود الهيئة في تنفيذ وتحديث الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ودعم وتطوير القدرات المؤسسية لهيئة وبناء قدرات كادرها الإداري وفي مقدمة ذلك إنشاء نظم إدارة المعلومات وتدقيق البيانات القطاعية لقطاعي الذمة المالية والتحري والتحقيق والبلاغات والشكاوى وبناء قدرات القضاة وأعضاء النيابة ومنظومة النزاهة الوطنية, كما سيشكل المشروع رافدا هاما في دعم تنفيذ خطة عمل الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد في اليمن من خلال تنفيذ واستحداث إجراءات عملية تتمثل بإزالة ابرز المعوقات التي تعترض طريق مكافحة الفساد في اليمن وإنشاء محكمة متخصصة في قضايا الفساد وتعزيز استقلالية الهيئة من خلال تعديل القوانين الخاصة بإجراءات التحقيق في قضايا الفساد وإناطة الهيئة بإجراء التحقيق والمرافعة في قضايا الفساد بالإضافة إلى ما يمكن أن يلعبه المشروع من دور في تعديل بعض قوانين المنظومة الوطنية لمكافحة الفساد وفي مقدمة ذلك قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
وأكدت أن المشروع سيعمل على إحداث نقلة نوعية في الإيفاء بالالتزامات إزاء مقررات ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية كما سيسهم في إرساء دعائم ومقومات المساءلة والنزاهة, بل سيمثل المشروع العنصر الأبرز والاهم على المدى القريب لمناهضة الفساد وملاحقة مرتكبيه واسترداد جميع العائدات والأموال الناجمة عنه الأمر الذي يجعل كافة الأجهزة الرقابية والمعنية بمكافحة الفساد تدرك انها أصبحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بمضاعفة جهودها لتعزيز أنظمة الشفافية والمساءلة وبناء وتطوير استراتيجيات وطنية فاعلة.
كما ألقى علي سيف حسن رئيس التحالف اليمني لمكافحة الفساد كلمة طالب فيها الحكومة بالإسراع في استكمال منظومة التشريعات القانونية لتوفير بيئة قابلة للعمل والانخراط بفعالية في مكافحة الفساد كقانون محاكمة كبار الشخصيات الفاسدة وجعل الالتزام بإقرار الذمة المالية إجباريا.
ولفت إلى أن مراكز الفساد في اليمن لاتزال كما هي والمتمثلة في جهات كالنفط والغاز والكهرباء والاتصالات والجيش والأمن .
مشيرا إلى أن اليمن شهد خلال هذه السنوات تغيرات سياسية كثيرة عبرت في مجملها عن إصرار اليمنيين على التغيير وتجاوز حالة الفشل التي بلغوها ومع كل ما حدث من تغيير إلا أن الفساد ظل هو الثابت والصامد بوقاحة أمام ما حدث وما زال يحدث حتى اليوم”.
السيد رايمموند ممثل البنك الدولي في اليمن حث الحكومة في كلمته على اتخاذ إجراءات صارمة وجادة في مكافحة الفساد مؤكدا أن مشروع تعزيز المساءلة الذي يموله البنك قائم على الشراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع بهدف مكافحة الفساد في كافة الأجهزة الحكومية.
وقال : “اليمن يأتي في المرتبة الحادية عشرة عالميا في نسبة الدول الأعلى فسادا والأكثر فسادا على مستوى دول الخليج والبنك الدولي سيقدم الدعم المالي والخبرات الفنية لمساعدة اليمن في التغلب على معضلة الفساد لكن على اليمن قيادة وشعبا ومؤسسات حكومية أن تتوفر لديهم الإرادة الصادقة في مكافحة الفساد”.
وأضاف : “اليمن أحرز بعض التقدم في إصدار التشريعات المكافحة للفساد لكن وبسبب الأحداث منذ عام 2011م لم يتمكن من مواصلة التقدم كما أن هناك بطئاٍ شديداٍ في تنفيذ التشريعات القائمة”.
وأشار إلى أهمية قانون حق الحصول على المعلومات في تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الفساد معبرا عن أسفه في عدم تنفيذ هذا القانون لأسباب عديدة أهمها عدم وجود اللوائح المنظمة والموازنات الخاصة بذلك.
وأضاف رايموند : “هناك انتشار للفساد في المستويات العليا في الحكومة بسبب عدم ملاحقة ومحاكمة كبار المسؤولين لموانع قانونية وتظل المحاكمات لصغار الموظفين”.
إلى ذلك ناقشت جلسة العمل التي تلت التدشين السبل الكفيلة للمؤسسات الرقابية بتعزيز الشفافية والمساءلة في اليمن والتي تحدث فيها عدد من مسؤولي الأجهزة الرقابية المنضوية تحت المنظومة اليمنية للشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد.
Prev Post
قد يعجبك ايضا