الرأي ركيزة أساسية للديمقراطية .. ومزاولته حق كفلته اللوائح والقوانين


استطلاع / أسماء حيدر البزاز –
■ الأخذ بالرأي الآخر أسلوب مدني حضاري يعزز من الإيجابيات ويكسر السلبيات

تعد حرية الرأي والتعبير من أهم الحقوق الأساسية التي يقوم عليها بناء الدولة الديمقراطية الحديثة والحديث عن حرية الرأي في بلادنا حديث ذو شجون رغم ما تعرضت له بعض وسائل الإعلام للمضايقة والمصادرة والإغلاق وتعرض الكثير من الصحفيين للسجن والمحاكمات بسبب ابداء بعض الآراء التي كانت تعتقد قوى السطح السياسي أنها قد تجاوزت الخطوط الحمراء .. وبالمقابل فالحرية الرأي حدود وقوانين وشرط حيث يجب أن لا تمس الثوابت الوطنية والقضايا المصيرية .. تفاصيل أخرى في سياق الاستطلاع الآتي:

الدكتور – حسان القديمي – جامعة إب : من المعلوم أن حقوق المواطن وحرياته الأساسية جميعا هي كل لا يتجزأ أي أن كافة حقوقه واجبة الاحترام والحماية والرعاية إلا أن حقه في إبداء الري والتعبير عن رأيه بحرية تامة أصبح من أهم الحقوق في كافة الدول والمجتمعات التي ترعى وتصون حقوق الإنسان كونها تنظر لهذا الحق كحق أصيل وثابت ولا يجوز أن ترد عليه أية قيود أو استثناءات إلا ما يفرضه القانون والنظام العام والآداب العامة. وبهذا تعد حرية الرأي والتعبير هي من أهم الحقوق الأساسية التي يقوم عليها بناء الدولة الديمقراطية الحديثة وهي جزء من الحريات العامة التي ظهرت كسلاح ضد السلطة المطلقة في الحكم وبالتالي فإنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بشكل الحكم القائم في دولة ما وهذا الحكم إذا ما ارتضى إدخالها في صلب العلاقة السياسية بين الحكام والمحكومين وصف بأنه حكم ديمقراطي. ويقصد بحرية الرأي والتعبير أن يكون للإنسان حرية في التعبير عن أفكاره والإعراب عن مبادئه ومعتقداته بالصورة التي يراها مناسبة وذلك في حدود القانون , أن يكون حراٍ في إبداء هذا الرأي وإعلانه بالطريقة التي يراها مناسبة.
ويرى القديمي أنه تكمن أهمية حري الرأي والتعبير كونها تعد من الأسس الضرورية لأي مجتمع ديمقراطي قائم على الاعتراف بالتعددية وقابلية الاختلاف والتعدد الحزبي وحماية الحريات العامة وحقوق الإنسان ومفتاح التمتع بسائر الحريات الأخرى في المجتمع , ووجود هذه الحرية هي عنوان رئيسي لمصداقية وجود الحقوق السياسية, وأي تضييق أو مصادرة لحرية الرأي والتعبير يصبح الحديث عن الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي ضربا من ضروب المزايدة والادعاء. فهذه الحريات هي التي تعلي من مكانة ودور المواطنين في مجتمعهم , لأنها تمكنهم من إبداء آرائهم بحرية , وممارسة تأثير ورقابة في حكومتهم , وبهذه الحرية نفسها تستطيع هذه الحكومة –في الوقت نفسه- الوقوف على صورة واضحة وصادقة عن رغبات وتطلعات ومطالب المواطنين.
ومضى يقول : اليمن لديه قانون للصحافة والمطبوعات وحرية التعبير القانون رقم 25 لسنة 1990 م للصحافة والمطبوعات فقد قدم القانون المذكور رؤية جريئة لمهنة الصحافة وحق كل مواطن في التعبير عن رأيه وأفكاره وخدمة وطنه بحرية كاملة عبر الصحافة السيارة وأعطى التنظيمات السياسية والأحزاب وللأفراد والشخصيات الاعتبارية حق إصدار الصحف والمجلات والنشرات مباشرة مع بعض الإجراءات على الصحافة الفردية التي تحتاج الى ترخيص مسبق .. ومع ذلك أيضاٍ أثبتت التجربة العملية أن ثمة قصوراٍ ومشكلات كبيرة إدارية وقضائية بل ومهنية لم تعالج بالصورة الراقية التي تنسجم مع بعض نصوص الدستور ..وهناك التباسات يتعين رفعها وإزالتها وخاصة وأن هناك أيضاٍ تجاوزات كبيرة للقانون نفسه وفي المقابل لا بد من الاستفادة من التطورات التي تعيشها الصحافة اليوم في كثير من دول العالم والتي لم تترك أمر سلطة الصحافة ومهنتها مثل نبت بري..!! وإنما وجدت الضوابط التي يمليها الالتزام بالنهج الديمقراطي أولاٍ والإقرار بأن أعظم ماتستدعيه الصحافة بداية هو الحرية وأن الصحافة الحقة لا يمكن أن تتأسس وتتطور وتؤدي وظيفتها السامية إلا إذا قامت على قاعدة راسخة من الحرية ومن الالتزام الدقيق بالمسؤولية لترابطهما ومن ثم الإيمان واعتقد أن هذا الشيء الجميل الذي يتمتع به المواطن اليمني وأتمنى أن لا يزول .

الأمن والاستقرار
من جانبه يقول الدكتور منصور الواسعي – أستاذ مشارك في القانون العام كلية الحقوق جامعة تعز: أي حرية نتكلم عنها في ظل انعدام الأمن والاستقرار فالحرية لا تأتي إلا في ظل الامن والاستقرار والتنمية الاقتصادية وهذا كله معدوم لدينا فالأمن معدوم والحياة المعيشية للمواطن صعبة ويعاني الأمرين الحياة الآمنة والمعيشة بشرف.

حدود وثوابت
الدكتور عبدالله طامش – جامعة إب يرى أن حرية الرأي في بلادنا مقارنة ببلدان عربية كثيرة قد قطعت أشواطاٍ كبيرة في مجال الرأي والرأي الآخر.
وأضاف: إن الحرية في الرأي يجب أن لا تمس الثوابت الوطنية التي يجب أن تكون محل إجماع الجميع كوحدة التراب اليمني من المهرة شرقاٍ إلى صعدة شمال غرب على كل النوافذ الإعلامية بأنواعها المختلفة من قنوات فضائية وصحافة ومواقع الكترونية أن تتحمل المسؤولية الأخلاقية أكثر من أي وقت مضى في معالجتها للقضايا الوطنية الكبرى خاصة في هذه الفترة الدقيقة التي يمر بها وطننا الحبيب .

أسباب وتداعيات
وأما الأكاديمي الدكتور عبد المؤمن شجاع الدين فيرى أنه من السابق لأوانه الحديث عن حرية الرأي في اليمن لسبب رئيسي يعرفه الجميع وهو أن الدولة بلغت من الضعف الى مستوى جعلها تفشل في حماية أجهزتها ومؤسساتها وعجزت عن حماية القانون الذي من المفترض أنها تحميه وتستند إليه في بسط سيادتها الكاملة وحماية الوطن والمواطن .. وما تحقق خلال العقدين الأخيرين وتحديدا بعد قيام الوحدة على صعيد التعددية السياسية وتعدد وسائل الإعلام مثل القنوات التلفزيونية والصحف الحزبية والمستقلة كانت عبارة عن وسائل لتهدئة الناس وتخفيف الكبت وامتصاص غضب بعض الأقلام الوطنية القليلة .. بل إن وسائل الإعلام كانت إحدى أدوات السلطة وقدمت لها خدمات أطالت من عمرها وساهمت في تظليل الرأي العام حول مجمل القضايا التي تهدد الوطن ولم يكن لتلك الوسائل أي توجه حقيقي لتنوير المجتمع بل أنها كانت أدوات بيد السلطة والقوى السياسية الفاعلة لتسويق مشاريعها الخاصة ولم يكن لها أي استراتيجية إعلامية هادفة لخدمة الشعب وقضاياه العادلة ….
وقال شجاع الدين : ومع ذلك فقد تعرضت بعض وسائل الإعلام للمضايقة والمصادرة والإغلاق وتعرض الكثير من الصحفيين للسجن والمحاكمات بسبب ابداء بعض الآراء التي كانت السلطة تعتقد أنها قد تجاوزت الخطوط الحمراء .. إن حرية الرأي هي البيئة المثالية لتفعيل نشاط أجهزة الدولة وسيادة القانون وتوفير الأمن والاستقرار وتحرير القرار الوطني من التبعية للقوى المناوئة للشعب والوطن وتحقيق الأمن الغذائي والحياة الحرة الكريمة وأن تحرير وسائل الإعلام سيكون له دور هام في تحسين الرسالة الإعلامية وإعادة صياغة ثقافة المجتمع بصورة سليمة تساهم في تحرير العقل من ثقافة القوى المناوئة لبناء الدولة اليمنية الحديثة والمساهمة في بناء المجتمع والدولة الحديثة القادرة على تلبية تطلعات وآمال الشعب وتفعيل دور اليمن إقليميا ودوليا.

هامش ضيق
وضاح الأحمدي – صحفي : الحرية في بلادنا قالب مفرغ من محتواه في شتى المجالات , ما بال الحريات الصحفية والرأي العام , وحقيقة الأمر لا توجد حرية رأي فعلية وان وجدت فهي هامش ضيق جدا, ولعل العام المنصرم 2014م خير دليل على ذلك , حيث عانى المنتسبون الى السلطة الرابعة تدخلات كبيرة في شؤون مهنتهم ورقيب لا بفارقهم افضى الى اختطافات وقتل وانتهاكات جسيمة بحق الصحفيين كما عانى الكتاب وأصحاب الرأي ذات الامر .
ومضى يقول: في اليمن ما تزال كلمة الحرية فعل مشين ويبعث على القلق لدى القوى التقليدية الجاثمة على عقول الناس, حتى باتت حرية الرأي والتعبير امرا مرفوضا على المستوى الاجتماعي, وهي اقرب الى العمالة للخارج بغرض سلب الناس دينهم ووطنهم وأسلوب الحياة التقليدي الذي ارتضوه لأنفسهم نتيجة تكريس الحكام للجهل والأمية في الأوساط الشعبية

تقدم وتراجع
أمين الخرساني -صحافي وعضو هيئة تحرير وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) يستهل حديثه متسائلا: ماذا نقول عن حرية الرأي في اليمن : حرية الرأي في اليمن تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين لكن الحمد لله حرية الرأي مضمونة في النصوص الدينية وفي نصوص القانون ونتمنى من الجماعات السياسية أن ترفع وصايتها عن الشعب فالشعب اليمني قد شب عن الطوق وهو ليس بحاجة إلى أوصياء قدامى أو جدد وان تعتبر الشعب هو الذي يقرر مصيره سواء فيما يتعلق بمن يحكمه أو بالقوانين التي يصدرها لضمان الحريات العامة سواء الصحافية منها أو غير الصحافية . ينبغي أن نتذكر القول التاريخي الذي قاله عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ” .. فالحرية ضمنها الإسلام ليس فقط الحرية العقائدية بل وحرية الرأي والفكر .. يقول أحد رواد الثورة الفرنسية وهو فولتير ” قد أختلف معك في الرأي ولكني على استعداد للتضحية من أجل أن تعبر عن رأيك ” وهذه المقولة تعبر أهمية حرية الرأي في البناء الديمقراطي فإن كان الرأي خاطئا فسيجد من يرد عليه وإن كان صحيحا فسيجد من يؤيده ويشجعه وفي كل الحالات فإن حرية الرأي مهمة جدا لبلورة الأفكار والرؤى وازدهار العلم والثقافة والتنمية والحضارة .

قد يعجبك ايضا