الحرية

 - يعتقد البعض وقد يكون مصيبا أن الحرية والديمقراطية بالنسبة للبلدان والشعوب المتخلفة هي مصدر بلاء وعامل هدم أكثر منها عامل بناء وفائدة وهي ترف زائد عن الحاجة ومضاره أكثر من منافعه.
يعتقد البعض وقد يكون مصيبا أن الحرية والديمقراطية بالنسبة للبلدان والشعوب المتخلفة هي مصدر بلاء وعامل هدم أكثر منها عامل بناء وفائدة وهي ترف زائد عن الحاجة ومضاره أكثر من منافعه.
*لذلك يميل هؤلاء البعض وبينهم مثقفون إلى ما يمكن وصفه بالدعوة لكبح جماح الحرية الزائد عن الحاجة ووضع قيود تحدد ماهية الحرية التي نحتاج وأي نوع من الحرية يجب أن يحجب ويمنع أو يقنن في أحسن الأحوال.
* شخصيا أؤمن جدا بالحرية المطلقة التي لا قيود لها ولا يحد منها سوى ثوابت الدين والأخلاق وما يرتبط بخصوصية الآخر.
*واقتنع جدا أن حرية المرء منا لا يجب أن تكون محط مساومة ولا أن نقبل بتقييدها أو تقنينها إلا في تلك اللحظة التي تبدأ فيها حرية الآخرين لأنها ما بعد هذه اللحظة قد تتحول إلى اضطهاد وقمع وفرض قسري لمواقفه وإرادته على حساب حريات سواه .
*وأؤمن أكثر أن الحرية بقدر ما هي حق فهي أيضا مسؤولية ولا بد من المواءمة بين الحقوق والمسؤوليات وإلا تحولت الحالة إلى حالة عبثية ضارة غير نافعة .
* كانت الحرية ولا زالت مطلبا جمعيا يسعى الجميع لميله لكن إشكالية البعض أنه يرى في مصطلح الحرية جمالا أخاذا ورونقا جميلا فقط حينما تكون هذه الحرية كافلة لحقوقه ومتماشية مع قناعاته وما يؤمن به ويعتقده لكنه قد يراها بذات القدر أو يزيد تطاولا أو ترفا أو سفها حينما لا توافق هواه وقناعاته كما أنه قد يعدها تجاوزا لحقوقه أو استهدافا لمصالحه وسببا في الفوضى وإقلاق سكينة وهدوء المجتمع.
* من ذاق مرارة الكبت والقهر يدرك أن لا شيء في الوجود يعدل قيمة أن يكون المرء حرا في ممارسة حياته ونشاطه اليومي سياسيا وفكريا واقتصاديا وحتى اجتماعيا .
كما ندرك جميعا أن لا شيء يعوض غياب الحرية في أي مجتمع مهما بلغ من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية باعتبار الحرية فطرة ربانية فطر الله عليها خلقه.
* لا ينبغي القلق من أخطاء أي تجربة في ممارسة الديمقراطية والحرية فكل النظم الديمقراطية المتقدمة المجتمعات العريقة التي تمارس وتقدس قيم الحرية اليوم مرت بتجارب مؤلمة مع هذا السلوك في بدايته لكنها تجاوزته بنجاح لم تتأفف ولم تتذمر ولم تدعو ولم تسع لمصادرة هامش الحرية المتاح بمبرر أن المجتمع غير مؤهل لها ومن منطلق أن الحرية هبة من الحاكم منحها لمحكوم قاصر أو عديم الأهلية.
قد يصدق القول أو الاعتقاد أن واقعنا المثقل بالتخلف والأمية الشامل بما فيها جهل مفاهيم الحرية والديمقراطية يضعنا دائما في مواجهة نتائج عبثية لتعاطي بعضنا مع الحرية فقد تتجاوز أفعالنا ونقاشاتنا حدود المسؤولية الأخلاقية تجاه المجتمع من حولنا وقد يسهم قول ما في إثارة نعرات أو أحقاد أو صراعات أو فوضى لكن يظل فتح المجال أمام حتى فكرة تقنين هذه الحرية وتحديد ما يجوز وما لا يجوز قوله وفعله مدعاة لفتح شهية الأنظمة لمصادرة هامش الحرية المعاش على ضآلته لذلك فخير لهذا المجتمع ومن أجل المستقبل أن يتحمل عيوب وأخطاء الحرية من ينعم بصواب ومزايا الشمولية والقمع وتكميم الأفواه .
إن أكثر ما تحتاجه المجتمعات النامية ومنها اليمن هو رعاية تجاربها الديمقراطية وإن بدت هشة وحماية مناخات الحرية فيها وإن بدت ديكورا أو أمرا مفروضا من الخارج فمهما بدا ذلك مزعجا ومرعبا إلا أنه لن يكون هناك بديل لغياب الحرية والديمقراطية سوى عودة هذه المجتمعات إلى نفق الاستعباد والاستبداد والعبودية .

قد يعجبك ايضا