الثورة نت /..
كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير موسّع صدر اليوم الاثنين بمناسبة اليوم العالمي للإحصاء، أن قطاع غزة يعيش أسوأ أوضاعه الاقتصادية والمعيشية في التاريخ الحديث، بعد عامين من العدوان الإسرائيلي الذي دمّر البنية التحتية وأوقف عجلة الإنتاج بشكل شبه كامل.
وأوضح التقرير أن معدل البطالة في فلسطين ارتفع إلى 50% جراء العدوان الإسرائيلي، بواقع 34% في الضفة الغربية و80% في قطاع غزة، ما يعني أن نحو 550 ألف فلسطيني أصبحوا بلا عمل.
وأشار إلى أن العدو شدّد من قيوده على العمال الفلسطينيين داخل أراضي عام 1948، إذ كان يعمل هناك نحو 180 ألف عامل قبل الحرب، وكان دخلهم يشكل ركيزة أساسية لتحريك الاقتصاد الفلسطيني.
وأكد التقرير أن الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية في غزة، والتي تضررت بنسبة 85%، أدى إلى شلل شبه كامل في الأنشطة الاقتصادية، حيث تراجع قطاع الزراعة والصيد بنسبة 94%، والصناعة والكهرباء بنسبة 94%، والإنشاءات بنسبة 98%، والخدمات بنسبة 83%.
ووصف التقرير قطاع الإنشاءات بأنه “الأكثر تضررًا والأبطأ تعافيًا” بسبب الدمار الكامل في الأبنية والطرقات.
وأشار “الإحصاء” إلى أن العدو دمّر أكثر من 102 ألف مبنى بشكل كلي، وألحق أضرارًا جسيمة بـ192 ألف مبنى آخر، ما يعني أن نحو 330 ألف وحدة سكنية دُمّرت كليًا أو جزئيًا، فضلًا عن تدمير المدارس والمستشفيات ودور العبادة والمنشآت الاقتصادية.
وأكد أن هذا الدمار جعل من غزة منطقة غير صالحة للعيش، في ظل انقطاع المياه والكهرباء وتدمير شبكات الصرف الصحي والطرقات والأراضي الزراعية.
وفي الضفة الغربية، أوضح التقرير أن العدو نفذ 380 عملية هدم خلال النصف الأول من عام 2025، استهدفت 588 منشأة، منها 322 منزلًا مأهولًا، بينها 67 عملية في القدس أدت إلى هدم 79 منشأة.
واعتبر التقرير أن هذه السياسات تمثل انتهاكًا صارخًا لحق الفلسطينيين في السكن والعيش الكريم. ووفقًا للتقييمات الأولية، فإن 85% من مرافق المياه والصرف الصحي في غزة خرجت عن الخدمة كليًا أو جزئيًا، بتكلفة إعادة تأهيل تتجاوز 1.5 مليار دولار.
وشمل الدمار محطات التحلية والضخ، والآبار، والخزانات، وشبكات المياه والصرف الصحي.
وبيّن التقرير أن 49% من الأسر في القطاع تحصل على أقل من 6 لترات مياه يوميًا للفرد لأغراض الشرب والطبخ، أي أقل بكثير من الحد الأدنى الإنساني البالغ 15 لترًا للفرد وفق معايير منظمة الصحة العالمية.
وأشار التقرير إلى أن أسعار المستهلك في غزة تضاعفت أكثر من خمس مرات (512%) منذ السابع من أكتوبر 2023، بينما استقرت في الضفة الغربية.
وخلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، ارتفع مؤشر غلاء المعيشة بنسبة 33% على مستوى فلسطين، مدفوعًا بالزيادة الحادة في أسعار السلع الأساسية في غزة بنسبة 78%، في حين سجلت القدس ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 1.54%، والضفة الغربية 0.21%.
وقبل الحرب، كان معدل الفقر في فلسطين يتجاوز 63%، حيث يبلغ خط الفقر 2717 شيقلًا، وخط الفقر المدقع 2170 شيقلًا. لكن بعد عامين من العدوان، يقول التقرير إن الأوضاع تجاوزت حدود الفقر إلى مستويات مختلفة من المجاعة، مع تراجع الاستهلاك العام بنسبة 31% (13% في الضفة و80% في غزة).
وأكد أن هذه الأرقام تعكس انهيارًا في مستويات المعيشة وتآكلًا في القدرة الشرائية، إلى جانب تفاقم معدلات البطالة والعوز، ما يجعل القطاع يعيش أزمة إنسانية شاملة تهدد الحياة اليومية للفلسطينيين.
وفي ختام تقريره، شدّد الجهاز المركزي للإحصاء على أن الأرقام الصادرة لا تعبّر عن مؤشرات اقتصادية فحسب، بل هي شهادة حيّة على حجم المعاناة الإنسانية وصمود الشعب الفلسطيني أمام حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة.