ثورة أكتوبر في زمن الاحتلال

سمير حُميد

 

 

يحتفل أحرار اليمن بالذكرى الـ62 لثورةِ الـ14 من أُكتوبر المجيدة هذا العام بطريقة مختلفة، فذكرى أُكتوبر لم تعد اليوم مُجَـرّد ذكرى عابرةٍ في ظل عودة الاحتلال والتقاء مصالح قوى الاستكبار العالمي في اليمن، بل هي محطة سنوية مهمة لاستلهام الدروس العظيمة التي سطرها أبطال ثورة 14 أُكتوبر.
ولثورة 14 أُكتوبر العديد من الدلالات المهمة؛ فهي تعودُ اليومَ وقوى الغزو والاحتلال تتقاسَـــمُ المحافظات الجنوبية وتنفّذ أجندتها وتنهبُ ثرواتها وتدمّـر مقدراتِها.
فالاحتفاء بثورة تغلّب فيها الشعب اليمنيّ على أعتى مستعمر أجنبي بأسلحة بدائية وإرادَة وطنية صُلبة، لا يكون إلّا بالسير على خطى الشهيد غالب بن راجح لبوزة ورفاقه من أبطال ومناضلي ثورة 14 أُكتوبر الذين انتصروا لوطنهم وأمتهم، وطردوا المستعمر البغيض بعد 129 عامًا من الاحتلال.
فاليمنيون كافّة بحاجة اليوم إلى التوحد والالتحام بالقيادة الثورية التحرّرية التي تحمل مشروع كرامة واستقلال وتسعى لتحرير كُـلّ شبرٍ في هذا الوطن من دنس الاحتلال، ولن يكون ذلك بالالتفاف وراء قيادات اصطنعها الاحتلال الإماراتي والسعوديّ ولا تملك حقًّا في اتِّخاذ القرار أَو الاعتراض على أي إجراءات وقرارات صادرة عن قوى الاحتلال، وُجدت لتطويعِ الجنوب وإخضاعِ أبنائه للمحتلّ العربي الأمريكي المتصهين الجديد، كما أوجد المحتلُّ البريطاني خلال السنوات الأولى لاستعماره الجنوب مشيخاتٍ وسلاطينٍ ومليشياتٍ بعد فشله في اختراق المجتمع الجنوبي وفرض إرادته عليه.
فالمحتلّ الجديد يمضي على خطى الاستعمار البريطاني منذ أكثر من عشر سنوات، ولعل المتتبع لتحَرّكات الإمارات في المحافظات الجنوبية سيجد مشروعها يتشابه مع مشروع الاستعمار البريطاني الذي يهدف إلى ضرب وحدة الصف الاجتماعي وخلق المزيد من الصراعات الداخلية الرامية إلى تفكيك المجتمع من الداخل ليسهل السيطرة عليه وإخضاعه لسيطرة الاحتلال.
فعلى مدى السنوات الماضية، اصطنعت قوى الاحتلال الجديد كياناتٍ محليةً مساندةً لها وأنشأت مليشياتٍ متعددةَ المهام؛ البعض منها مليشيات سلفية عقائدية متطرفة، وأُخرى مليشيات ذات توجّـه وفكر يساري متطرِّف، ومليشياتٌ أُخرى ذات ارتباط وثيقٍ بالمجتمع القبلي بحكم النشأة والثقافة كالنُّخَب المتعددة المسميات.
والملاحظ لتركيبة المليشيات الموالية للإمارات، سيجدها أنشئت على أَسَاس عُنصريّ وعقائديّ متطرّف، ولم يتم إنشاؤها على أُسُسٍ وطنية؛ لأن الاحتلالَ لا يصنعُ سوى العملاء.
اليوم، وبعدَ أكثرَ من عشر سنوات من الاحتلال في المحافظات الجنوبية، تتصاعد مظاهر الانفلات الأمني وعمت الفوضى، وتدهورت الخدمات بمختلف قطاعاتها، وتدهورت الأوضاع المعيشية وتفاقم المِلف الإنساني، وارتفعت أسعار الغذاء والدواء وتراجعت قيمة العملة الوطنية.
والمتتبعُ لخطوات الاحتلال في الجنوب، سيجدها تآمُريةً وتدميريةً تستهدف الأرض والإنسان والاستقرار والسكينة العامة.
ولذلك، فإنَّ الحلَّ الممكنَ مع قوى الاحتلال الجديد أن يمضي أحرار الجنوب على نهج وخطى أبطال ثورة 14 من أُكتوبر في توحيد الصفِّ الاجتماعي وإزالة التباينات والخلافات الناتجة عن الاحتلال، والتوحد في صف المواجهة الشعبيّة الجنوبية لمواجهة الاحتلال الجديد وإسقاط كافة مشاريع ومؤامرات الاحتلال الإماراتي والسعوديّ في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة.

قد يعجبك ايضا