الحكومات والأنظمة الداعمة للإجرام الصهيوني والتحالف الصهيوني الصليبي، قد تتغاضى عن المظاهرات المناهضة لسياساتها وقد تتعامل بشكل من التعاطف واللين؛ لكن فيما يخص مناهضة الإجرام الصهيوني، فإنها تحركت وفرضت أقسى العقوبات على كل من ينتقد الإجرام الصهيوني أو يشكك في سرديته التي يبرر بها جرائم الإبادة والتهجير القسري وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .
كانت أمريكا في مقدمة الأنظمة التي اتخذت عقوبات صارمة ضد الرأي العام المعارض للإجرام ولا يقل موقفها الآخر في الحرب إلى جانب كيان الاحتلال عنه، بل انه يتفوق على دورها في الجسر الجوي الذي قدمته له في حرب العاشر من رمضان والذي حول النصر إلى هزيمة؛ ومثل ذلك دول العدوان الثلاثي على مصر بريطانيا وفرنسا وغيرها وأيضا الأنظمة المتصهينة العربية مثل الإمارات والسعودية ومصر والمغرب وتونس والبحرين والأردن وغيرها.
اتخذت كل أنواع العقوبات ضد المعارضين للإجرام الصهيوني وجرائم التطبيع معه والفارق الوحيد بينهم أن صهاينة الغرب يسمحون بالمظاهرات ضد أنظمتهم، لكن لا يسمحون إذا كانت ضد الإجرام الصهيوني، أما الأنظمة العربية فإنها لا تسمح بها مطلقا، لأنهما وجهان لعملة واحدة.
الإجرام الصهيوني الذي يدافعون عنه يعتبرونه حماية للأمن القومي لبلدانهم وقد أكد ذلك مجرم الحرب (نتن ياهو) في خطابه أمام الأمم المتحدة (نحن نقاتل من أجلكم ونقاتل أعداءنا وأعداءكم ونقوم بالمهمات القذرة نيابة عنكم؛ لا نرتكب جرائم الإبادة الجماعية ولا غيرها ولم يتعد من قتلناهم عدد من أبادهم حلف الناتو في غزوه لأفغانستان والعراق)، بمعنى يجب عليكم شكرنا ودعمنا لا إدانتنا والاعتراف بحق تقرير المصير لفلسطين والاعتراف بالدولة الفلسطينية .
حررت غزة الرأي العام العالمي من هيمنة الطاغوت والاستبداد والتزييف والتضليل، فخرجت ملايين الجماهير تهتف (الحرية لفلسطين)، وهو ما أدى إلى تغيير آراء معظم سياسيي الغرب بعضهم حفاظا على شعبية أحزابهم وبعضهم لكسب الأصوات المعارضة وبعضهم انطلاقا من مواقف إنسانية .
المصلحيون ذهبوا لانتقاد الإجرام الصهيوني من باب المزايدة والمكايدة السياسية والمحافظة على الأصوات الانتخابية، يدعمون الإجرام بكل ما يحتاجه لكنهم يقفون أمام الجماهير منتقدين ومنددين؛ والراغبون في كسب الأصوات الانتخابية أثبتوا آراءهم التي يؤمن بها المتظاهرون، ليكسبوا حيث أخفق الداعمون للإجرام؛ وأما الداعمون انطلاقا من دوافع الإنسانية، فقد ذرفت دموعهم وهم يناشدون الضمير العالمي بوقف جرائم الإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني بصورة يومية وبشكل علني ومباشر على الهواء.
التحرك العالمي الداعم للقضية الفلسطينية، زعزع الثوابت التي رسختها الأنظمة الداعمة للتحالف الصهيوني الصليبي وخلق دافعا إنسانيا تتحرك من أجله الجماهير وجعل معظم الأصوات الداعمة منبوذة وغير مقبولة، وحسب رأي عالم الاجتماع البريطاني “مارتن شو”: فإن الإبادة الجماعية التي تشهدها غزة اليوم لا ترتكبها فقط الدولة والجيش الإسرائيلي؛ بل إبادة جماعية ديمقراطية دولية وعلى عكس الابادات السابقة، إبادة غزة غيرت العالم ومازالت تغيره.
ما قاله شو، يصدق إلى حد ما على جرائم الإبادة، لكن هناك من العوامل الأخرى لا تقل أهمية عنها وهو انكشاف حقيقة الإجرام والاستعمار للتحالف الصهيوني الصليبي، سواء في سياساته الإجرامية في حق الشعوب العربية والإسلامية وفي سياساته الداخلية التي تسيطر عليها لوبيات الفساد والإجرام دون بقية المواطنين .
التحرك العالمي الإنساني لصالح مظلومية الشعب الفلسطيني، قدم نماذج رائعة من الرؤساء والسياسيين وغيرهم ودول وأنظمة رغم التباينات والتباعد المكاني، فرؤساء كولومبيا والبرازيل وفنزويلا وسلوفينيا وإيرلندا وإسبانيا وقبلهم جنوب افريقيا وغيرهم ساندوا فلسطين وغزة، مقارنة بمواقف رؤساء دول الطوق العربي الأردن ومصر والسعودية والإمارات والمغرب والبحرين وغيرها، الذين بحت أصواتهم لإدانة المقاومة ودعم الإجرام الصهيوني من أجل إبادة أهل غزة وفلسطين والمطالبة بنزع سلاح المقاومة والقضاء عليها سرا وعلانية، لأنهم يعتبرونهم أعداء .
تحالف الإجرام العالمي، يرى كل تلك الجرائم التي ترتكب ضد الأطفال والنساء والأبرياء، وعلى رأسه مجرم الحرب نتن ياهو وترامب أنها بطولات تستوجب النياشين والرتب والمكافآت ويطلقون على المجرمين جيش الرب، لكن التحالف الإنساني وكل الأمم والحضارات، بما فيها الأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها، تؤكد أنهم قطيع، من المجرمين من اعلى سلطة فيهم إلى ادناها، ومثل ذلك الداعمين والمؤيدين لهم.
يتحججون بنصوص التوراة المحرفة لارتكاب أبشع الجرائم ضد الأطفال والنساء والأبرياء والعزل؛ لأن كل الأديان والقوانين والأعراف القديمة والحديثة، لا تسمح بذلك، حتى من يدعون أنهم تعرضوا لاضطهادهم، لم يفعلوا ما يرتكبونه اليوم من إجرام على أرض فلسطين.
التحالف الإنساني العالمي ينطق من ضمائر الأحرار رجال ونساء من جميع أقطار العالم ..وجدناه في بكاء وزيرة خارجيه ايسلندا وهي تتحدث عن معاناة أطفال غزة وما يتعرضون له من إجرام على أيدي شذاذ الآفاق؛ وفي استعداد رئيس كولومبيا لتشكيل جيش لتحرير فلسطين؛ وفي بيان عضو مجلس النواب الإيطالي ريكاردو ريكاردي، الذي فند دعايات التحالف الإجرامي من صهاينة العرب والغرب أن السابع من أكتوبر هو البداية والنهاية، فالشعب الفلسطيني له أكثر من سبعين عاما يتعرض لأبشع الجرائم من الاحتلال الصهيوني ومن المتحالفين معه؛ وفي مواقف دول مثل إسبانيا وتصريح رئيس وزرائها الذي صرح بقوله “ما تفعله إسرائيل ليس دفاعا عن النفس بل إبادة جماعية وسعيا للقضاء على شعب أعزل”.
التحالف الإجرامي العالمي، يبرر حصار وقتل وإبادة أكثر من مليوني إنسان لأنه يعدهم إرهابيين ويرسل كل أنواع الأسلحة المحرمة عليهم لإفنائهم؛ قتل منهم نحو 70 ألفا غالبيتهم من الأطفال والنساء .
تحالف الإنسانية العالمي، قدم الدعم لمظلومية الشعب الفلسطيني رغم التهديدات وكل أساليب الترهيب والترغيب الذي أخضع الأنظمة العربية والإسلامية، لكن لم يستطع مواجهة محور المقاومة (اليمن وإيران ولبنان والعراق)، حيث وصفوهم بمحور الشر (نتن ياهو وترامب وحلفاؤهما) ومضاف اليهم بلير الذي صرح قائلا: إن معركتنا ليست مع الإسلام بل مع الإسلام الراديكالي الذي يمثله المتطرفون من السنة والشيعة؛ مع أن العالم يعرفه بأنه كاذب ومجرم حرب، تعاون مع أمريكا في غزو العراق وأفغانستان وتدميرهما وقتل وإبادة الملايين من الأبرياء تحت مزاعم كاذبة.
التحرك العالمي الإنساني استفزه الإجرام، فخرجت المظاهرات تجوب شوارع المدن شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، نادى فيها المتظاهرون بالحرية لفلسطين؛ وقاوموا العقوبات والقمع والحصار وكل الإجراءات البوليسية في مواجهة الأنظمة واللوبيات المتحكمة، لم يخرجوا بدوافع المصلحة ولا المنفعة أو الترغيب أو الترهيب، يقابله التحالف الإجرامي الذي يتحرك بالمال الحرام ويسفك دماء الأبرياء ويرسل المؤن والأسلحة والطائرات للمجرمين، في مقابل أسطول الصمود الذي حمل المواد الإغاثية والإنسانية وهو يعرف أنه سيواجه أعتى المجرمين وأشدهم سفالة وانحطاطا في تاريخ البشرية كلها.
الأنظمة المتصهينة تدعم الإجرام وربطت مصيرها ومستقبلها به، بل انه من أوجدهم ومكنهم من السلطة والحكم، ماتت ضمائرهم وانقلبت موازين الحق والباطل، فأصبحوا ينظرون إلى المعروف منكرا والى المنكر معروفا والقتل والإبادة بطولة وشجاعة في مواجهة الأطفال والنساء .
التحرك العالمي الإنساني يواصل تحركه ويكسب كل يوم المزيد من المؤيدين ومن ذهبت الغشاوة التي كانت تغطي عيونهم بسبب التزييف للوعي من لوبيات الفساد والإجرام، فقد تراجع كثير ممن كانوا يدعمون الإجرام الصهيوني وغيروا مواقفهم لصالح التحرك الإنساني بفضل تلك الدماء الزكية التي سالت على تراب فلسطين.