اليمن والمانحون .. عام مخيب للآمال


على الرغم من ارتفاع نسبة التخصيصات للتعهدات الخارجية إلى يقارب 96 % إلا أن العام 2014م الذي شهد أربعة اجتماعات متابعة في صنعاء ومؤتمر للأصدقاء بلندن كان مخيبا للآمال بين اليمن والمانحين.
ولم يشهد هذا العام أي تقدم ملموس في عملية التخصيص والصرف الكلية للتعهدات الأصلية حيث بلغ مستوى الصرف نحو 38.8 % مقارنة بمستوى 36.6 % للعام الماضي بينما بلغ معدل التخصيص 96 % بزيادة طفيفة عن العام 2013م وتحقيق تقدم بسيط غير مجد فيما يتعلق بإصلاحات السياسات في الإطار المشترك وفي التسريع في استيعاب المساعدات الخارجية.

حمل العام 2014 م تقدماٍ ملحوظاٍ فيما يخص إنجازات الحكومة اليمنية بالتزامها بتنفيذ الإطار المشترك للمسئوليات المتبادلة الذي تم التوافق عليه في سبتمبر 2012م واستطاعت اليمن اتخاذ خطوات واضحة في سبيل تنفيذ الـ 13 أولوية من أولويات الإصلاحات المختارة في إطار المسئوليات المتبادلة وأهمها الدفع بإصلاحات قطاع الطاقة من خلال إعداد خطة عمل قصيرة المدى وإنشاء فريق فني في وزارة الكهرباء والطاقة يعمل مع الجهاز التنفيذي لاستيعاب التمويلات على إعداد خطة عمل في هذا الشأن وإنشاء لجنتين إشرافية وفنية لإعداد استراتيجية إصلاح قطاع الطاقة وصياغة استراتيجية إصلاح وخطة عمل وتم التوصل إلى خطة مزمنة من أجل استكمال كلا الخطتين. كما تم التعاقد مع خبير دولي لإنشاء آليات مؤسسية لوضع سياسات تنموية قائمة على أهداف الموازنة المالية وتطوير الآليات المؤسسية المطلوبة لمواءمة البرنامج الاستثماري العام والخطة التنموية مع الموازنة المالية بالإضافة الى برنامج مكثف لإصلاح نظام الخدمة المدنية.

لمحة عن التعهدات
فيما يخص استيعاب المساعدات تظْهر اللمحة العامة عن تنفيذ التعهدات في 2014 أن سير التخصيصات والاعتمادات من التعهدات الأصلية البالغة ( 7,698 مليار دولار ) المعلنة في مؤتمري الرياض ونيويورك للمانحين في سبتمبر 2012 م مستمرة في التزايد لكن بوتيرة بطيئة جدا وبانخفاض كبير في عملية الاستيعاب.
حيث تظهر الأرقام الأخيرة أن التمويلات المخصصة تبلغ حوالي 7,362 مليار دولار وبمعدل نمو بلغ 4.7 % عن التعهدات المخصصة في يناير 2014 م بينما زادت التمويلات المعتمدة الكلية خلال 2014 م بنسبة 10.3 % منذ مطلع العام.
وعلى الرغم من ارتفاع نسبة التخصيصات إلا أن مستويات الصرف أقل بكثير مما هو مخصص الأمر الذي يشير إلى وجود إشكاليات تواجه عملية استيعاب المساعدات والتي تظل مسيطرة على المشهد منذ إعلان التعهدات في عام 2012 م.
ويبلغ معدل المصروفات الكلي الحالي 38.7 % من أصل كل تمويلات المانحين ما يمثل معدل زيادة قدره 4 % فقط, حوالي 301 مليون دولار منذ يناير 2014 م.
وكان أبرز المساهمين هم المملكة المتحدة 85.27 مليون دولار وقطر 51 مليون دولار وألمانيا 30.60مليون دولار وهولندا 29.72 مليون دولار و أحرز مانحون آخرون كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان والسويد معدل صرف يصل إلى 100 % من أصل تعهداتهم منذ يناير 2014م.
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات التخصيص والاعتماد إلا أن الملاحظ انخفاض مستوى الصرف من التعهدات المخصصة.
وهذه من إشكاليات المساعدات حيث لم تتجاوز نسبة المنصرف 38.7 % من إجمالي تعهدات المانحين وبمعدل نمو بحوالي 4 % فقط منذ يناير 2014 م. ويختلف مستوى الصرف عند تحليل كل مانح على حدة.
وبشكل عام إذا استمر مستوى المصروفات بذات الوتيرة الملاحظة خلال 2014م فإن اليمن ستحتاج لفترة طويلة حتى تتمكن من صرف بقية التعهدات.

تقدم ضعيف
لم يشهد العام 2014م أي تقدم ملحوظ في تعهدات دول مجلس التعاون الخليجي حيث ارتفعت نسبة المبالغ المخصصة فقط بواقع 2.2% وارتفعت نسبة المبالغ المعتمدة بنسبة 3.3% بينما ارتفعت نسبة المبالغ المنصرفة بنسبة 1.2%”.
وتؤكد البيانات الرسمية التي حصلت عليها “الثورة” عدم تحقيق إلا القليل من التقدم في مستويات الصرف من تعهدات دول مجلس التعاون الخليجي والتي كانت تعتبر هي الأكبر من بين كافة مجموعات المانحين لليمن والتي تمثل 57.4% من إجمالي التعهدات وذلك بنسبة 1.9% فقط أي ما يمثل 50 مليون دولار خلال 2014م.
كما أن مبلغ الـ 50 مليون دولار تم صرفه من جانب قطر من أجل تعويض المتقاعدين قسراٍ في المحافظات الجنوبية مما أدى إلى ارتفاع مستوى الصرف في أولوية الانتقال السلمي للسلطة المتضمنة في البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية بنسبة 14% بينما لم يحرز مستوى الصرف على الأولويات الأخرى المتضمنة في البرنامج المرحلي أي تقدم حيث مازالت نسبة الزيادة في المبالغ المنصرفة في هذه الأولويات عند مستوى الصفر.

اعتمادات
على الرغم في الزيادة الحاصلة بالتخصيصات لتعهدات دول مجلس التعاون الخليجي بمقدار 5.0 % بنحو 221 مليون دولار (لتصل إلى 93.2 % بينما زادت التمويلات المعتمدة بنسبة 6.1 % 270 مليون دولار لتصل إجمالي المعتمد 49.3 % إلا أن نسبة الصرف من التعهدات الأصلية لمانحي دول مجلس التعاون الخليجي كانت متواضعة.بينما زاد معدل الصرف بنسبة 1.9 % فقط بنحو 85.81 مليون دولار خلال 2014 م مع الأخذ بالاعتبار أن غالبية المشاريع الممولة من دول مجلس التعاون الخليجي هي مشاريع بنية تحتية كبرى ولها تأثير كبير على الاقتصاد الكلي للبلاد.
وتحتاج الحكومة إلى أن تقوم بتطوير وتبني آلية سريعة لمتابعة تسريع واعتماد وتنفيذ هذه المشاريع الكبيرة.
وحازت صناديق التمويل الدولية والإقليمية (IRF ) على المرتبة الثانية ضمن ثلاث مجموعات مانحة لليمن وبتعهدات تصل إلى 1,807 مليون دولار بنسبة 23.47 % من إجمالي تعهدات المانحين لليمن في عام 2012 م. فقد وصلت نسبة التخصيصات إلى 100 % في أغسطس 2014 م مما جعلها المجموعة الوحيدة من مجموعات المانحين التي خصصت كامل تعهداتها الأصلية.
كما حدث تقدم سريع في التمويلات المعتمدة من قبل هذه المجموعة في 2014 م وبنسبة 18.4 7 331.مليون دولار من أصل التعهدات المعتمدة خلال العام .
وبذلك وصلت نسبة التمويلات المعتمدة إلى 99.4% إلا أن نسبة الزيادة في المصروفات لم تتجاوز 1.2 % فقط في 2014 م.
وتعهدت دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمبلغ 1,476.5 مليون دولار أمريكي في مؤتمر الرياض ونيويورك للمانحين وبنسبة 19 % من إجمالي تمويلات المانحين لليمن في2012 تم إحراز تقدم على مستوى التخصيص والاعتماد والصرف لمجموعة لتمويلات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأصلية بشكل ملحوظ.
وخلال العام 2014 زادت التمويلات المخصصة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنسبة 5.6 % بنحو 82.6 مليون دولار لتصل 97.5% من التعهدات الأصلية كما تسارع نسبة الاعتماد والصرف لمجموعة الدول هذه في عام 2014 لتصل إلى 12.6 % ومبلغ 185.87 مليون دولار وتم صرف 192.15 مليون دولار خلال العام.

معالجات
خلال 2014 يقول الجهاز التنفيذي إنه تابع عن كثب تنفيذ واحد وعشرين مشروعاٍ من خلال الزيارات الميدانية والاجتماعات المتكررة مع مدراء وموظفي المشاريع. وكنتيجة لعملية المتابعة لهذه المشاريع تم وضع خطط عمل لمعالجة عدد من التحديات التي تواجه هذه المشاريع.
وقدم الجهاز التنفيذي عدداٍ من التدخلات وواصل العمل على تسريع التنفيذ لهذه الحلول الموصى بها مثلاٍ التدخل المباشر مع اللجنة العليا للمناقصات بخصوص مشروع مطار صنعاء ومشروع مدينة الملك عبدالله الطبية من أجل تسريع التنفيذ فيها.
لكن من الجدير بالذكر أن مستوى التحديات يختلف من مشروع إلى آخر حيث أن بعض المعوقات قد عرقلت مستوى تنفيذ المشاريع وتشمل بعض التحديات التعامل وتسهيل التواصل مع الجهات المعنية المختلفة (اللجنة العليا للمناقصات والهيئة العليا للرقابة على المناقصات والوزارات المعنية والمانحين).
وتشمل التحديات الأخرى شحة الميزانيات التشغيلية الكافية لوحدات تنفيذ المشاريع وفي الوقت المناسب لتغطية التكاليف التشغيلية كتكاليف إعلان المناقصات وإعداد الدراسات والتصاميم وتقييم العطاءات المقدمة للمناقصات المختلفة.
وتعتبر ملكية أراضي مواقع المشاريع وتعويضات الأراضي التي ما تزال قائمة من القضايا الأخرى التي تمثل عائقا والتي ينجم عنها توقف عدد من المشاريع الجاري تنفيذها وتغيير تصاميم المشاريع بشكل مستمر.
ولذلك قام الجهاز التنفيذي بالتعاون مع وحدات تنفيذ المشاريع المعنية والمسئولين ذوي الصلة في الوزارات بتطوير مصفوفة بأبرز التحديات التي تواجه المشاريع الممولة من قبل المانحين ليتم اتخاذ الإجراءات حيالها بواسطة المؤسسات المعنية بما فيها الحكومة اليمنية والمانحين والوزارات المعنية ووحدات تنفيذ المشاريع والهيئات الأخرى.

عراقيل
إجمالا لم يطرأ على مستوى تنفيذ بعض المشاريع أي تقدم بسبب العراقيل التي تؤخر تنفيذها كالتأخير في توقيع الاتفاقيات من قبل المانحين بسبب غيابهم الناتج عن التدهور في الوضع الأمني والإجراءات المطولة من قبل الجهات المعنية المشتركة في تقديم الاعتمادات المطلوبة خلال المراحل المختلفة من المشروع.
وترى الجهات المعنية ضرورة أن تؤخذ هذه التأخيرات بعين الاعتبار من قبل كل الجهات مع مراعاة مجموعة من الإجراءات مثل الاتفاق على إطار زمني واضح المعالم لإعداد المشاريع ابتداء من تخصيص التعهدات وانتهاء ببدء تنفيذ المشاريع وتحديد المسئول عن مرحلة إعداد المشروع.
وتبين للجهات المعنية في متابعة استيعاب تعهدات المانحين في عام 2014 م وجود العديد من الصعوبات والمعوقات ذات العلاقة برقابة وتقييم مساعدات المانحين لليمن ويأتي على رأس تلك التحديات شحة البيانات والمعلومات عن المشاريع الممولة من قبل المانحين, وبالتالي صعوبة وجود تقييم فعال عن مستوى التقدم في استيعاب مساعدات المانحين إلى جانب تحديات أخرى متعلقة بفعالية المساعدات مثل مستوى الموائمة بين أولويات المانحين وأولويات البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية وملكية المساعدات التنموية والعدالة في توزيع المساعدات سواءٍ على المستوى الجغرافي أو القطاعي أو على مستوى الفئات الاجتماعية

قد يعجبك ايضا