
أوشك الاقتصاد اليمني خلال العام 2014م على الوقوع في حافة الركود لأول مرة منذ عام 1990م إذ عزز تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية وغياب الإنفاذ الكامل لمبدأ سيادة القانون من ضعف أنشطة القطاعات الإنتاجية كافة الأمر الذي جعل المشهد الاقتصادي قاتماٍ ويتصف بالسلبية.
ورغم التحديات والصعوبات التي واجهت الاقتصاد يقدر الجهاز المركزي للإحصاء معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي عند 2.82% للعام 2014م لكن خبراء الاقتصاد يقولون إن هذا الرقم لايلبي الطموح المستهدف في النمو الاقتصادي خصوصاٍ وأن الآمال كانت معقودة لتحقيق 6% على الأقل مما يعزز فكرة الإخفاق في النمو لاقتصاد بلد بحجم 25 مليون إنسان .
الناتج المحلي
وتعلل الانخفاضات في النمو الاقتصادي المتوقع في العام 2014م بأنها ناجمة عن التأثيرات المباشرة لتبعات الهزات الاقتصادية السلبية التي حدثت للاقتصاد الوطني منذ العام 2011م حين تراجع الناتج الإجمالي بما نسبته (15.1%) وما تلاه من انخفاض معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاث سنوات اللاحقة (2012 – 2014م) في ظل معدل نمو مرتفع للسكان بلغ (3%)مما دفع قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2014م للانخفاض عن مستواه في عام 2010م بما نسبته (9.1%).
الإيرادات
يلقي التراجع الكبير والمستمر في إنتاج النفط الخام المحلي وأسعاره في السوق الدولية في ظل عدم قدرة الأنشطة الاقتصادية الموجهة نحو التصدير على تعويض النقص في عائدات الصادرات النفطية وتزايد حجم اعتماد الاقتصاد الوطني على توفير احتياجاته من المشتقات النفطية خاصة والسلع الأساسية عامة بمزيد من الضغوطات على الاقتصاد اليمني فوفقاٍ لأحدث بيانات يقدر خسارة اليمن جراء هبوط أسعار النفط من 115 دولاراٍ للبرميل إلى 60 دولارا حوالي 5 مليارات دولار أي حولي 50% مما يمكن أن يتحقق في الظروف العادية مما يشكل خطورة ليس على عائدات الخزينة العامة من الموارد العامة فحسب بل وعلى عائدات الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي أيضاٍ مما يترتب عليه استنـزاف احتياطيات الجهاز المصرفي وبالأخص البنك المركزي من العملات الأجنبية والانعكاسات الخطيرة لذلك على فاتورة الاستيراد الضرورية وعلى أسعار الصرف وبالتالي معدلات التضخم وصولاٍ إلى انعدام الاستقرار الاقتصادي.
وبينت أحدث أرقام البنك المركزي أن حجم إيرادات حصة الحكومة من النفط بلغت خلال الفترة يناير وحتى أكتوبر 2014م ملياراٍ و454 مليون دولار فقط مقارنة بمليارين و472 مليون دولار خلال الفترة المقابلة من العام 2013م. وتوضح البيانات أن هناك تناقصاٍ في الكميات المصدرة في العام 2014م فلم تصدر سوى 13 مليوناٍ و820 ألف برميل مقارنة بـ24 مليوناٍ و340 ألف برميل في 2013م.
تدفق الاستثمارات
كشفت الأرقام الدولية عن تدهور آخر رافق بيئة الأعمال في اليمن والخاص بالأنشطة الاقتصادية التي تهيئ للقطاع الخاص النمو حين تراجعت من المرتبة 129 في عام 2013م إلى المرتبة 133 في عام 2014م وعلى أثر ذلك شهد الاستثمار الأجنبي تراجعاٍ بصورة ملحوظة فالبيئة الاستثمارية في اليمن مازالت تعاني من العديد من المعوقات الإدارية والتنظيمية وفي الفترة الأخيرة ومن هشاشة وعدم استقرار الوضع الأمني بسبب ضعف تطبيق القانون في أجزاء كبيرة من البلاد.
وتؤكد مذكرة التفاهم بين القطاع الخاص والحكومة أن مجتمع الأعمال اليمني في الخارج يمتلك مشاريع قيمتها بمئات المليارات من الدولارات لكنه لم يعد يرغب بالاستثمار في بلاده , لافتة إلى أن مجتمع الأعمال اليمني في البلاد يفكر في الاستثمار في الخارج بسبب انعدام بيئة القيام بالمشاريع المْمكنة في اليمن.
العجز
شهدت المالية العامة للدولة العديد من الاختلالات الهيكلية إذ تفاقمت مشكلة العجز النقدي الصافي وبلغت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2014م نحو 6% ومن جهة أخرى تفاقمت الاختلالات الهيكلية في الموازنة من خلال تراجع حجم النفقات الاستثمارية إلى إجمالي النفقات العامة بنسبة 8% وذلك لصالح النفقات الجارية وبالأخص نفقات الأجور والمرتبات والتي استحوذت على ما نسبته في المتوسط (31%) وأوجه الدعم للمشتقات النفطية والتي استأثرت بما نسبته في المتوسط خلال نفس الفترة (23%) ويستحوذ الدعم على المشتقات المخصصة لإنتاج الطاقة الكهربائية والذي لازال قائماٍ ما نسبته (34%) في المتوسط من إجمالي دعم المشتقات النفطية أي ما نسبته (7.8%) من إجمالي النفقات العامة وهو ما يقارب نسبة الإنفاق الاستثماري وكذا مدفوعات فوائد الدين العام الداخلي والتي ارتفعت نسبتها إلى إجمالي النفقات من (10.4%) عام 2011م إلى (16.5%) عام 2013م. ويتوقع تجاوزها (21%) عام 2014م وذلك بسبب ارتفاع حجم الدين العام الداخلي من تريليون و892 مليار ريال بما نسبته (111%) من إجمالي الإيرادات الذاتية عام 2011م إلى 2 تريليون و850 مليار ريال بما نسبته (141%) من إجمالي الإيرادات الذاتية عام 2013م. ويتوقع تجاوز النسبة (150%) عام 2014م.
