الأورومتوسطي : “إسرائيل” تتحمل المسؤولية الكاملة عن حياة الممرضة تسنيم الهمص

الثورة نت/وكالات

حمل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ،اليوم الأحد،”إسرائيل” المسؤولية الكاملة عن حياة الممرضة تسنيم الهمص بعد اختطافها وإخفائها قسرًا.

وأعرب المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي،عن قلقه البالغ إزاء جريمة اختطاف الممرضة “تسنيم مروان الهمص” من أمام النقطة الطبية التي تعمل فيها في منطقة المواصي جنوبي قطاع غزة، بعد نحو 70 يومًا من اختطاف والدها مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة في جريمة مماثلة، في واقعة جديدة تحمل مؤشرات خطيرة على نمط متكرر من جرائم الاختطاف والإخفاء القسري التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق مدنيين فلسطينيين، بمن فيهم العاملون الصحيون في قطاع غزة.

وأوضح أنّ فريقه الميداني وثّق ملابسات جريمة اختطاف الممرضة “تسنيم الهمص” (23 عامًا) صباح الخميس الماضي الموافق 2 أكتوبر، إذ وصلت شاحنة صغيرة تقلّ أربعة مسلحين وسائق بزي مدني إلى محيط النقطة الطبية في منطقة الأرض الطيبة غربي محافظة خان يونس، واعترضت طريق الممرضة أثناء توجهها إلى عملها، حيث ترجّل عدد من المسلحين من الشاحنة، وسحبوا الممرضة بالقوة إلى داخل المركبة بعد الاعتداء عليها بالضرب وتكميم فمها، وسط إطلاق نار في الهواء لتفريق المواطنين الذين حاولوا التدخل، قبل أن تغادر الشاحنة باتجاه المناطق الشمالية من محافظة رفح، وهي منطقة تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي.

وذكّر المرصد الأورومتوسطي أنّ والد الممرضة “تسنيم”، الطبيب “مروان شفيق الهمص”، مدير المستشفيات الميدانية في قطاع غزة، اختُطف في ظروف مشابهة في 21 يوليو/ 2025 على أيدي قوة مسلحة بزي مدني في منطقة المواصي بمدينة رفح، حيث أصابته في ساقه في حينه وقتلت أيضًا المصور الصحفي “تامر الزعانين”، وأصابت اثنين آخرين أحدهما صحافي والآخر موظف في وزارة الصحة، وتبيّن لاحقًا أن “الهمص” محتجز في مركز تحقيق إسرائيلي.

في إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال “م. ص.” وهو أحد شهود العيان على جريمة الاختطاف: “شاهدت شاحنة صغيرة كانت محملة بأغراض نازحين يقودها سائق ومعه أربعة آخرين. توقفت الشاحنةوسأل من فيها على مكان النقطة الطبية في الأرض الطيبة، ومكثت في مكانها لنحو 20 دقيقة، وعندما اقتربت الممرضة تسنيم الهمص تحرّكت الشاحنة واعترضت طريقها، ومن ثم ترجّل أربعة مسلحين وأغلقوا فم الممرضة بقطعة قماش ودفعوها بالقوة في الشاحنة التي غادرت المنطقة مسرعة، وسط إطلاق نار لتفريق المواطنين الذين حاولوا اعتراضها”.

في إفادة أخرى، قال “محمد الهمص” شقيق الممرضة المختطفة، لفريق الأورومتوسطي: “كانت تسنيم تعمل في مستشفى الكويت التخصصي ومستشفى أبو يوسف النجار ونقطة طبية لمنظمة “Med global”، وأخيرًا في نقطة طبية تابعة لوزارة الصحة في منطقة المواصي، وكانت تتلقى دومًا رسائل ابتزاز وتهديد من أرقام أجنبية وفلسطينية مجهولة”.

وتابع: “فجأة وأنا في طريقي لدوامي في مستشفى ناصر، وصلتني مكالمة من سيدة في المنطقة أخبرتني أنّ قوّة خاصة اختطفت أختي تسنيم. توجهت فورًا للمكان، وسمعت من الناس هناك ما حصل.حتى اللحظة لا نعرف عنها شيئا. تواصلت مع جهات حقوقية وأخبرتني أن هذه فترة أعياد في إسرائيل وأنّهم لا يستطيعون الحصول على أي معلومات”.

أما والدة الممرضة المختطفة فقالت: “لم ترتكب ابنتي تسنيم أي جريمة تستدعي اختطافها من قوة خاصة وهي ذاهبة إلى مكان عملها. لا نعرف حالتها الصحة ولا مصيرها حتى الآن، وتواصلنا مع جهات دولية معنية ولم نحصل على أي معلومات حتى الآن”.

ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ المعطيات الميدانية المتوفّرة تشير بوضوح إلى ضلوع القوات الإسرائيلية أو الميليشيات التابعة لها في واقعة اختطاف الممرضة تسنيم الهمص، استنادًا إلى قرائن متقاطعة تعزّز هذا الاستنتاج، أبرزها انسحاب المركبة التي نُفِّذت بها العملية باتجاه شمالي رفح الخاضعة بالكامل للسيطرة الفعلية للجيش الإسرائيلي، وتطابق أسلوب التنفيذ مع نمط موثّق في عمليات اختطاف سابقة نفذتها قوات إسرائيلية أو ميليشيات تابعة لها باستخدام مركبات مدنية وعناصر بلباس مدني، إضافةً إلى سابقة اختطاف والد الضحية بالطريقة ذاتها وظهوره لاحقًا في مركز تحقيق إسرائيلي.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه الجريمة تمثّل امتدادًا واضحًا لنهجٍ إسرائيلي في استخدام سياسة الخطف والإخفاء القسري ضد المدنيين في قطاع غزة، سواء من خلال وحدات خاصة تابعة للجيش أو عبر ميليشيات مسلّحة تعمل بإمرته أو بتنسيق مباشر معه، في انتهاك جسيم لأحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع، ولا سيّما القواعد التي تكفل حماية المدنيين والعاملين في المجال الصحي أثناء النزاعات المسلحة.

وأشار إلى أنّ انسحاب الخاطفين نحو منطقة تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة يؤكّد مسؤولية سلطات الاحتلال عن الواقعة، سواء بصفتها الجهة المنفّذة مباشرة أو المسؤولة عنها بحكم السيطرة الفعلية، الأمر الذي يرتّب عليها التزامات قانونية فورية بضمان سلامة الممرضة “تسنيم الهمص”، والكشف عن مصيرها ومكان احتجازها، وتمكينها من التواصل مع عائلتها ومحاميها، والإفراج الفوري عنها دون قيد أو شرط.

وحذّر المرصد الأورومتوسطي من الخطر البالغ الذي يتهدّد الممرضة “تسنيم الهمص” ووالدها الطبيب “مروان الهمص”، في ظلّ إخفاء مكان احتجازهما وحظر تواصلهما مع العالم الخارجي، مرجّحًا تعرّضهما للتعذيب الجسدي والابتزاز النفسي بغرض انتزاع معلومات أو اعترافات قسرية؛ مشيرًا إلى أنّ هذه المخاوف تتعزّز في ضوء تواتر أنماط مشابهة من الاحتجاز السري والانتهاكات الجسيمة التي تمارسها القوات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.

ودعا المرصد الأورومتوسطي اللجنةَ المعنية بحالات الإخفاء القسري في الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لمساءلة السلطات الإسرائيلية عن مكان وجود الممرضة تسنيم الهمص ووالدها الطبيب مروان الهمص، وضمان الإفراج الفوري عنهما، مؤكدًا أنّ استمرار صمْت المجتمع الدولي على هذه الممارسات يُكرّس سياسة الإفلات من العقاب ويشجّع على تكرارها.

وحث المرصد الأورومتوسطي المقرّرةَ الخاصة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات على فتح تحقيق عاجل في اختطاف الممرضة “تسنيم الهمص” باعتباره انتهاكًا مركّبًا يجمع بين العنف القائم على النوع الاجتماعي والإخفاء القسري، ويدعوها إلى تفعيل الآليات الأممية المتاحة لإلزام “إسرائيل” بالكشف عن مصيرها والإفراج عنها فورًا.

وطالب المرصد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمخاطبة السلطات الإسرائيلية بصورة عاجلة للكشف عن مصير المختطفين الفلسطينيين وضمان معاملتهم وفق القانون الدولي الإنساني، وتمكينها من زيارة أماكن احتجازهم دون قيود.

ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي للضغط على السلطات الإسرائيلية إلى نشر قوائم اسمية محدثة لجميع المحتجزين والمختفين قسرًا من قطاع غزة، تتضمن أماكن احتجازهم وأرقام ملفاتهم والجهات القائمة على التحقيق معهم، وتحديثها بصورة دورية، بما يضمن تمكين عائلاتهم وممثليهم القانونيين من الوصول إلى المعلومات الأساسية حول مصيرهم، وفق ما تقتضيه أحكام القانون الدولي ومعايير الشفافية والمساءلة.

وطالب المرصد الأورومتوسطي الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية بضمان احترام أحكام الاتفاقيات، من خلال اتخاذ إجراءات عملية لوقف جرائم الاختطاف والإخفاء القسري، بما في ذلك تعليق التعاون العسكري والأمني مع “إسرائيل” إلى حين امتثالها لالتزاماتها الدولية.

كما طالب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق عاجل في هذه الجرائم ومساءلة وملاحقة مرتكبيها.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي الدول التي تتيح قوانينها الوطنية مبدأ الولاية القضائية العالمية على فتح تحقيقات جنائية في جرائم الاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة المرتكبة في قطاع غزة، باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم وتشكل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقيات جنيف، مؤكدًا أن تحريك هذه القضايا على المستوى الوطني يشكل خطوة أساسية نحو إنهاء الإفلات من العقاب وضمان العدالة للضحايا.

قد يعجبك ايضا