خطاب السيد القائد.. قراءة استراتيجية في معادلة الاستباحة

محمدعبدالمؤمن الشامي

 

 

خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي لم يكن مجرد كلام عابر، بل كان صاعقة وعي أطلقت على امتداد الأمة العربية والإسلامية، تكشف حقيقة الكيان الصهيوني الذي يزحف بلا حدود على الدماء والأرض، ويعمل كآلة قتل منظمة تحت مظلة أمريكية لا تعرف للعدل طريقًا. فقد وصف السيد القائد العدوان الأخير على غزة وقطر بأنه جزء من مشروع أوسع لترسيخ معادلة الاستباحة للأمة، معادلة تقوم على الرعب والقوة والفوضى، حيث كل أرض عربية مباحة، وكل دم عربي معرض للاحتلال والقتل.
الكيان الصهيوني، الذي طالما اعتاد أن يمارس إرهابه في الظل، أصبح اليوم يتجرأ على العلن، يضرب في قلب العاصمة القطرية ويدك الوفود التفاوضية للمقاومة الفلسطينية، وكأن الدم العربي أصبح سلعة رخيصة يمكن استهلاكها بلا ضمير. هذا الاستهداف المزدوج ليس اعتداءً على أشخاص فحسب، بل هو اعتداء على كرامة الأمة، على إرادتها، وعلى كل مفاهيم السيادة والحقوق. فالكيان الصهيوني يسعى، من خلال هذا العدوان، إلى ترسيخ قاعدة واضحة: من لم يخضع لنفوذنا وتهديدنا، سنقتله ونتجاوز سيادته بلا رحمة.
السيد القائد لم يكتف بتوضيح أبعاد العدوان، بل كشف الغطاء الأمريكي الذي يجعل من الكيان الصهيوني شبحًا لا يراه أحد خارج التغطية الأمريكية، شبحًا يصول ويجول ويستبيح كل ما يعترض طريقه. أمريكا لم تكن مجرد متفرج، بل شريك أصيل، تمنح الكيان الغطاء السياسي والدبلوماسي، وتزوده بالسلاح والخبرة الاستخباراتية، لتصبح جرائم الكيان الصهيوني جزءًا من مشروع أمريكي أوسع لإبقاء الأمة تحت الاحتلال والإرهاب المستمر.
هذا الخطاب، بما حمله من صدق وشجاعة، أراد أن يوقظ العرب والمسلمين من غفلتهم. لقد آن الأوان ليدركوا أن الرهان على أمريكا لم يعد مجرد خطأ سياسي، بل هو خيانة حقيقية للأمة، وأن الاعتماد على الأعداء للحماية يضاعف فرص الاستباحة. السيد القائد وضع رؤية واضحة: المقاومة والصمود والوحدة هي السبيل الوحيد لتحطيم معادلة الاستباحة، ولإجبار الكيان الصهيوني وأسياده على الانكسار أمام إرادة الأمة الصلبة.
اليمن اليوم، وفق خطاب السيد القائد، ليس طرفًا محليًا فقط، بل رأس حربة في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي، وقاعدة استراتيجية لإعادة التوازن للأمة. المقاومة التي يخوضها الشعب اليمني لا تقف عند حدود اليمن، بل تتجاوزها إلى غزة ولبنان وسوريا وفلسطين، لتكون قوة كاشفة لزيف الوهم الأمريكي والصهيوني، وحائط صد لكل محاولات الهيمنة.
خطاب السيد القائد كشف كذلك أن زمن السكوت قد ولى. الاستباحة لم تعد خيارًا، والمعركة لم تعد رمزية فقط، بل أصبحت عملية مباشرة لتكسير كل مشاريع الهيمنة الأمريكية الصهيونية. فالكيان الصهيوني الذي يفتخر بسلاحه وقدرته على القتل لم يعد أمامه سوى الانكسار أمام إرادة شعب يقاتل من أجل كرامته وحقه، وإرادة أمة بدأت تستفيق لتستعيد توازنها وتحطم مشروع الاستباحة الذي طال أكثر من سبعين عامًا.
بهذا الخطاب، وضع السيد القائد حجر الأساس لمعادلة جديدة: المعادلة التي تجعل الكيان الصهيوني الخاسر الأكبر، والتي تؤكد أن الأمة العربية والإسلامية قادرة على قلب الطاولة، وأن الدم العربي لم يعد سلعة رخيصة، وأن الاستباحة المطلقة أصبحت حلمًا صعب المنال بفضل صمود الشعوب وإرادة المقاومة.

قد يعجبك ايضا